هي واحدة من أبناء الصين، تستحق أن يطلق عليها رمز التضحية والعطاء، حيث كانت في يوم من الأيام أغنى سيدة في الصين، حيث كانت ثروتها تقدر ب29.5 مليون دولار في التسعينيات من القرن الماضي قبل أن تخسر تلك الأموال بعد سجنها. سيرة قدير تحمل الكثير من مفارقات الحياة، من صعوبة حياة طفلة لعائلة لاجئة، إلى امرأة ثرية إلى معاناة أم لأولاد في السجن. ولدت ربيعة قدير لأسرة فقيرة في مدينة "ألطاي" بمقاطعة شينغيانغ، تزوجت عام 1965 وانتقلت إلى مدينة "أقصو" في المقاطعة نفسها. اعتبرت عدوة للحكومة الصينية بعد صفقة ملابس قيل إنها هرّبتها مع زوجها، مما أدى إلى طلاقهما بعد فترة قصيرة. بعد طلاقها افتتحت مغسلة في عام 1976. وفي عام 1981 تزوجت مرة أخرى من أستاذ جامعي، وانتقلت إلى أورومتشي، وهناك استأجرت متجرا تخصص في بيع المنتجات الإيغورية. وفي عام 1985 توسعت أعمالها ليصبح مبنى تجاري مساحته 14000م. بعد ذلك أسست قدير شركة أكادا للصناعة والتجارة، التي تمتلك عددا من العقارات في مقاطعة شينغيانغ، وتشمل مركز أكيدا التجاري ومركز قدير التجاري ومسرح توانجي (الوحدة) في أورومتشي. كما نشطت قدير أيضاً اجتماعياً من خلال مؤسستها، بإطلاقها لمشروع "أمهات 1000 أسرة"، وهو مشروع خيري يهدف إلى مساعدة نساء الإيغور، شغلت قدير العديد من المناصب من بينها ممثلة عن الإيغور في الدورة الثامنة للمؤتمر السياسي الاستشاري للشعب الصيني، وممثلة للصين في مؤتمر الأممالمتحدة العالمي الرابع للمرأة في بكين، ونائبة رئيس اتحاد الصناعة والتجارة في منطقة شينغيانغ، ونائبة رئيس رابطة شينغيانغ لسيدات الأعمال. في عام 1997 أسست قدير "حركة الألف أم" لتعزيز التدريب المهني للنساء الإيغوريات، وكذلك مدارس مسائية للإيغور الذين لم يكن لديهم فرصة للذهاب إلى المدرسة العادية. وفي هذا العام حدث خلاف بينها وبين السلطات الصينية عندما احتجت علنا في مجلس الشعب الصيني على قتل المئات من شباب الإيغور في اضطرابات مدينة غلجا. وبعد أن فشلت في لفت انتباه المسؤولين في السلطة لمأساة قمع تلك الاضطرابات، قررت التخلي عن خطابها المصادق عليه رسميا أمام البرلمان، لتلقي خطابا انتقدت فيه الحكومة الصينية ومعاملتها للشعب الإيغوري مباشرة. وكانت الحكومة الصينية تنتظر من قدير الثناء على معاملة الإيغور وقمعهم، لكنها ارتجلت خطابا آخر، قالت فيه: "هل خطيئتنا أن الصينيين غزوا أرضنا؟ إننا نعيش في ظروف بشعة". وهو ما أثار غضب الحكومة الصينية، ليتم طردها من البرلمان، وتسحب منها الحصانة وجواز سفرها. في أوت 1999 قررت السلطات الصينية اعتقالها بتهمة تهديد أمن البلاد، وتم اعتقال قدير وهي في طريقها للقاء وفد من الكونغرس الأمريكي، وحكم عليها بالسجن لمدة 8 سنوات، قضت سنتين منها في الحبس الانفرادي. إلا أن تسليط منظمات حقوق الإنسان الضوء على قضيتها أرغم السلطة الصينية على إطلاق سراحها قبل انتهاء فترة السجن بسنتين، حيث أطلق سراحها في مارس 2005 لترحل إلى الولاياتالمتحدة، حيث تسكن في ولاية فيرجينيا، بالقرب من العاصمة واشنطن. ورغم إقامتها في الولاياتالمتحدة، تبقى قدير قلقة على أبناء طائفتها. وقبل أن تكون والدة الإيغور، وعددهم يتراوح بين 11 مليونا و11.5 مليون، قدير أم ل11 ابنا وابنة. قدير ما زالت تحلم بالعودة إلى بلدها بعد أن تم طردها منه.