لم يتوقع الجميع ما فعله الرئيس من تغييرات سواء في الحكومة أو عند العسكر، ولكنه فعل وبحركة واحدة قال أنا هنا، وهذا ما جعل حبات المسبحة "تتبزع" كما تبزع جماعة الآفة من الساحة. الذهول مايزال يخيم على الجميع ولم يتصوروا أن يكون بوتفليقة حادا وغاضبا إلى هذه الدرجة التي تجعله يجرف كل شيء معه، ولم يفهموا لماذا سار على نهج.. السياسة هي تجاهل كل الحقائق الواضحة أمامك. بوتفليقة أرسل للجميع رسالة واضحة قالها بول فاليري ذات يوم "السياسة هي فن منع الناس من التدخل فيما يخصهم". وفعلا قد صدق، هل يمكن للشعب مثلا أن يرفض الحكومة الجديدة التي أقرها الرئيس؟ هل يمكن أن نعارض استمرار غول الذي حفر البلاد كلها وتابعته الإشاعات الكثيرة، وكذا بن يونس الذي عجز حتى عن تنظيف المدن من المزابل كما وعد، وبابا احمد الذي لم يعرف قطاع التربية فضيحة غش كما عرفها في عهده؟. أنا تخلطولي الخيوط ولم أعد أفهم شيئا سوى أنني يجب أن أتوقف عن التدخل فيما لا يعنيني، وأكف عن تشراك الفم هذا الذي أفعله، لأن الحالة راهي خطيرة على رأي أحدهم. ربما يجب أن نترك الكلام في السياسة لأهله الذين هم قادرون على ترجمته إلى أفعال حقيقية يمكن أن تربك الوضع وتزلزله، كما فعل بوتفليقة مؤخرا، ونكتفي نحن بالفرجة كما كنا دائما، أليس الشعب يحب الثرثرة وفي آخر الليل ينام؟. من يمارس السياسة لا يتكلم ولا ينام، ويحاول دائما أن يكون اسفنجة تمتص كل شيء حتى لو كان المذاق مرا مثل العلقم. الواضح أن الروطروفيزور فعلا راه مضبب.. وعلينا أن نمسح الضباب قبل أن نتقدم خطوة واحدة للأمام.