سيواجه الطيب لوح وزير العدل الجديد، معركة شعواء بقيام جبهة سياسية تطالب بفتح كل ملفات الفساد التي لم تتجدول بعد ومنح الأفضلية للتحقيقات الكبرى التي مست قضايا الفساد، بعد أن تقوم هذه الجبهة، على حد قول خالد بونجمة في هذا الحوار.. وإذا كان هناك من لا يأخذ كلام بونجمة محمل الجد، فإن تصريحات الرجل هذه المرة حول هذا الموضوع وموضوعات أخرى، لا تبدو إطلاقا أنها صادرة عن رجل ترك ذلك الانطباع. أولا أريد أن أبدأ معك لو سمحت من التغييرات الأخيرة التي أجراها رئيس الجمهورية سواء على الحكومة أو الجيش، فخالد بونجمة لم نسمع له صوتا ولم نقرأ له موقفا معينا بهذا الخصوص لا باسم أبناء الشهداء ولا باسم الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية، لما هذا الصمت؟ الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية في الميدان ومتواجدة بعمق المجتمع الجزائري، وتتابع كل صغيرة وكبيرة. أما بخصوص التغييرات الأخيرة فنحن إذا وضعناها في نصابها الدستوري، نقول إن الدستور ينص على صلاحيات رئيس الجمهورية بكل وضوح كما ينص على أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة وأنه وزير الدفاع أيضا، وبالتالي ما فعله الرئيس هو ممارسة لصلاحياته. أما إذا رأينا إلى الجانب السياسي، فجبهة العدالة الاجتماعية تخالف (بعض الأحزاب في نقطة التوقيت. فالتوقيت الذي جاءت فيه هذه التعديلات حتى وإذا كانت من حق أصحابها، إلا أنها فتحت المجال على مصراعيه للتأويلات التي توحي بأنها تعديلات لخلفيات ما، وهذا مضر بمصداقية مثل هذه القرارات التي لم تسبقها توطئة سياسية، بل جاءت فجائية وطابعها هذا هو الذي أملى على الساحة السياسية التعاطي المغرض حولها، خاصة وأنه بالمقابل لم يكن هناك وضوحا كبيرا في تفسير ما تم الإقدام عليه. الرئيس حر في اختيار الرجال الذين يعمل معهم في الحكومة، ولكن ينبغي أن تكون مؤسسة الجيش الوطني الشعبي بعيدة عن أية حسابات سياسية، فهي المؤسسة التي بفضلها بعد الله بقيت الجزائر واقفة، والحمد لله اليوم لا أشك في أنه لا يزال بداخل هذه المؤسسة رجال وطنيون لا يساومون ولا يساوٍمون. لذا أملي ألا تكون هذه الإجراءات والتغييرات التي أحدثها رئيس الجمهورية وقائد القوات المسلحة لأي غرض سياسي، وأقول إنها تظهر إلى حد الآن دون غرض سياسي ما دامت مؤسسة الجيش الوطني الشعبي قد أكدت، مؤخرا، في عدد مجلتها الأخير، بأن كل صفوفها موحدة، وأن ما قيل حول خلفيات هذه التعديلات إنما هو محاولات مغرضة لزعزعة وحدة الجيش.. إذن الجيش معترف أنه موحد وهذا ما يهم الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية، حتى تستكمل المؤسسة عملها في حماية البلاد من الإرهاب ومكافحة الفساد الذي هو مهمة الجميع بلا استثناء. لماذا تم تصوير التعديلات الأخيرة في نظرك على أنها مواجهة بين الرئاسة ودائرة الاستعلام والأمن؟ ما يمكنني قوله في هذا الباب لا يمكن أن يخرج عن الإطار الرسمي الذي فُسرت من خلاله تلك التعديلات، فإذا أردنا أن نقول بأن الخلاف لا يزال قائما بين الرئاسة ودائرة الاستعلام والأمن معناه نريد أن نكذّب الجيش الذي أكد أنه لا خلاف بين مصالحه وصفوفه، ونحن هنا نسعى إلى المساهمة في إبقاء الغموض وزعزعة سير المؤسسات وهذه سياسة لا تنتهجها جبهة العدالة الاجتماعية. فنحن في الحزب نؤمن بضرورة الاستقرار في المؤسسة العسكرية وحسن العلاقة بين كافة مؤسسات الدولة وليس الرئاسة والجيش فقط، فليس من صالح بلدنا العزيز أن تتوتر علاقة أي مؤسسة بأخرى وما دام أنصار الخلاف يؤكدون وجوده ما عليهم سوى تقديم دليل على ذلك، بالنسبة لنا الأمور عادية بين مؤسسات الدولة بتأكيد من هذه الأخيرة، إلى غاية أن يثبت العكس إذا كان موجودا من أساسه. هناك اليوم مبادرة تقودها شخصيات وطنية تطالب بوقف تعديل الدستور، هل أنت من أنصار هذا التوجه؟ عندما يفتتح رئيس جمهورية ورشة لتعديل الدستور في توقيت قريب جدا من الانتخابات الرئاسية، هل تريد أن نخرج ونقول غير أن الرئيس يريد تحقيق أغراض تخص شأنه السياسي.. يا أخي من الطبيعي أن يقول الجزائريون والجزائريات بأن تعديل الدستور في هذا التوقيت له خلفيات سياسية، مهما كان من قرر تعديل الدستور.. أقول مهما كان من قرر تعديل الدستور، لأن رئيس الجمهورية إلى حد الآن لم يفصح عن نيته في تمديد العهدة كما يُقال ولو شاء ذلك لكان خرج إلى الشعب كما يفعل رئيس أي دولة تحترم نفسها، أما أن يُجس نبض الشارع عبر تصريحات في الإعلام والكتابة في الصحافة في اتجاه معين فهذا غير مقبول واللعب يكون فوق الطاولة وليس تحتها. بالنسبة لجبهة العدالة الاجتماعية، الرئيس بوتفليقة لم يرغب يوما في التعديل وإذا كانت هناك فكرة من هذا القبيل يتم مناقشتها في الساحة السياسية معنى ذلك هناك من يريد استغلال رئيس الجمهورية.. وبالمناسبة، نحذر من مغبة الحديث باسم الرئيس والتصرف غير المسؤول من طرف بعض المسؤولين باسم الرئيس فهذا يمهد الطريق للشكوك حول مصداقية القرارات التي يتخذها رئيس الجمهمورية ويتم التشكيك فيما إذا كان هو صاحبها أو لا، وهذا السيناريو يلغي العمل بالدستور والقوانين وتسود دولة اللاقانون، فعلى رئيس الجمهورية أن يخرج للشعب كلما أراد أن يطلق مشروعا سياسيا كما يفعل كل رؤساء العالم، فلا ينبغي أن يتم الحديث باسم الرئيس مهما كان فهذا يُضعفه أمام الشعب، ولا نكشف سرا إن قلنا بأن شعبية الرئيس بوتفليقة تراجعت لأننا في الميدان ونتواصل مع الناس في عمق البلاد، فهناك تشكيك حول ما إذا كان هو الذي يقرر من جهة، وهناك استياء كبير من حيث أن الرئيس لا يزال في منصبه وهو مريض.. إن كل الصور التي ظهر خلالها تدل على أنه في حاجة إلى حج وراحة من المسؤولية التي قد تزيد من تدهور وضعه الصحي فهذا كلام الشعب وليس كلامنا فقط.. هذا كلام غير معقول لرجل ساند رئيس الجمهورية منذ مجيئه إلى الحكم؟ فلتعلم أننا اليوم في الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية ضد التمديد وضد العهدة الرابعة، وضد المبزنسين بها والمبزنسين باسم الرئيس، وكل تحليلاتنا تقول إن الشعب يريد التغيير والعهدة الرابعة غير ممكنة منطقيا، أما بالنسبة لحكمك علينا فأنت حر في قول ما تشاء وتصدر الحكم الذي تشاء.. أنت وكل الذين يرون ما تراه. لكن دعني أقول لك شيئا تتضح فيه الرؤية للجميع بالنسبة لخالد بونجمة وجبهة العدالة الاجتماعية.. لقد وقفنا مع رئيس الجمهورية ووقفت معه شخصيا ولست نادما على ذلك لأن وقوفي معه كان بسبب وقوف الشعب معه. فمن يُنكر بأن رئيس الجمهورية لم يكن له أنصار وأنه لم يفز بالانتخابات طيلة عهداته السابقة فهذا جاحد ولا يريد أن يشهد بالحق، لأن الرئيس بوتفليقة لا يزال إلى حد الآن يملك أنصارا حتى وهو مقعد، لكن الذي يجعلنا كسياسيين نراجع مواقفنا هو متابعة الشأن الاجتماعي والسياسي، وإذا بدلنا الموقف فليس لأن الرئيس ضعيف صحيا اليوم، بل لأننا متيقنون بأن الرئيس وصل حده للعطاء، وأن الجزائر اليوم من تبسة شرقا إلى تلمسان غربا ومن العاصمة شمالا إلى تمنراست جنوبا تئن من أجل التغيير، والشباب أول المطالبين بذلك، فافتحوا شبكات التواصل الاجتماعي واخرجوا إلى الجزائر العميقة وسترون وتلمسون المطالبة بالتغيير لمسا. فوقوفنا بالأمس مع الرئيس من وقوف الشعب معه وتغييرنا لموقفنا السياسي من تغيير الشارع الحقيقي لموقفه وليس للشارع الذي يتحدث عنه الباحثون على الريع والمنتفعون ببقاء الرئيس في منصبه. لا أحد يُنكر على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة انجازاته وإيجابيات حكمه، لكن ينبغي بالمقابل ألا يُنكر أحد إخفاقاته وسلبياته، فنحن اليوم لا نكفر إذا قلنا شكرا سيدي الرئيس على خدمتك الجزائر شعبا وبلدا، ونريد اليوم من يواصل مسيرته في صورة حداثية راقية تظهر فيها الجزائر دولة التداول السلمي والديمقراطي على السلطة، من خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة، تترشح إليها شخصيات تكون لها كل الضمانات الرسمية لخوض تنافس شريف على أساس مبدأ تكافؤ الفرص، والوقت لا يزال في صالح الجزائر لتُبرز للعالم أن جيل الثورة خلّف جيلا جديرا بأن يحمل عنه المشعل، وما ينقص فقط المبادرة والإرادة والنية الحسنة، وهنا اسمح لي بالعودة إلى الحديث عن تعديل الدستور لأقول إن الرئيس القادم هو الذي يحق له تعديل الدستور وليس الرئيس الحالي، وأقول هذا من الناحية الأخلاقية لممارسة السياسة فإن تعدل الدستور عدة مرات في فترة حكمك وبهذه الكيفية التي يتم الحديث عنها وفي مواقيت معلومات تظهر أنها لخلفيات سياسية فهذا يسيء للرئيس أكثر مما يخدمه. ثم إن التعديلات الدستورية التي تنجزها لجنة تقنية دون البصمة السياسية للأحزاب فهذا أمر لا نقبله في الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية. لكن الأحزاب كانت قد أبرزت موقفها مع لجنة بن صالح؟ هل تستطيع أن تقول لي ما هي ردود تلك المشاورات، هل تستطيع اليوم أن تقف على صدى تلك المشاورات بالملموس، هل يتجرأ أحد ليقول لي ويحدد لي ما هي صور الاستجابة المباشرة لتلك المشاورات.. بالطبع لا أحد يعرف مصيرها، ماعدا أنها مدونة في تقرير من مئات الصفحات أو ربما يقل. الرئيس لم يمنح للشعب مسودة دستور ولم يمنحها للأحزاب التي انتخبها الشعب في البرلمان. لا ينبغي أن نعرف ما في الدستور عن طريق بالونات الاختبار ولهذا لسنا مترددين في مساندة مبادرة بعض الشخصيات الوطنية الداعية لوقف تعديل الدستور وصوتنا معهم. ما رأيك في القائلين بالتأكيد على أن الرئيس ذاهب نحو عهدة رابعة؟ هذا لا يُبرر النقاش الذي كان يجري حول التمديد الذي ملأ الساحة، وفي سؤالك دليل على أنه ليس رئيس الجمهورية الذي كان يطرح تلك الأفكار في الساحة، بل المحيطين به، لأن رئيس جمهورية يقوم باتخاذ مواقف وتعديلات كالتي اتخذها في الحكومة والجيش، لا يُمكن أن يكون رئيسا لا يقوى على مواجهة شعبه ليعرض عليه رغباته السياسية، وإلا لكان ذلك كارثة، ولا تقُل لي إن الرئيس حاليا غير قادر على خطاب لأن الرسميين يقولون إنه بصحة جيدة ويظهر في التلفزيون يرأس مجلس الوزراء، فظهور الرئيس في خطاب للأمة في هذه الفترة سيحدد مصير العهدة الرابعة، ولن يطول الصدى بل سيعرفه يوما واحدا مباشرة بعد الخطاب. على أية حال نحن نثق في كلام الوزير الأول الذي يقول إنه يلتقي الرئيس يوميا من 3 إلى 4 مرات ولا نشكك في هذا كل من أراد أن يقود بلدا عليه أن يحترم الشعب، وإذا كانت هناك نية لتمديد العهدة فهذه خيانة للشعب الذي منح الرئيس عهدة بخمس سنوات، وعلى أية حال لا أعتقد أن الرئيس سيذهب إلى الرابعة، فاليوم دعاة العهدة الرابعة هم المفلسون سياسيا لأنهم يختبئون وراء الرئيس وبرنامجه، فأين برامجهم التي قالوا للشعب في التشريعيات والمحليات إنهم يسعون لتطبيقها، فالرئيس في حاجة إلى أفكار وليس لمن يسانده. لكن ربما أنصار الرئيس فهموا أن من طبع الرئيس بوتفليقة أنه رئيس لا يحتاج إلى أفكار لأنه مكتفي ذاتيا من هذه المادة ويحتاج لأنصار في وظائف أخرى؟ الأحزاب لها أفكار وبرامج وحلول لأزمة المجتمع ونحن ناضلنا من أجل إلغاء شهادة السوابق العدلية لنيل سجل تجاري، وهذه من الأفكار التي تحل أزمات الشباب، إن الذين يدعون الرئيس لعهدة رابعة لا يعلمون بأن تفكيره حاليا منصب على المحافظة على صحته ولم يعط الضوء لأحد في هذا الباب، وإذا كان الرئيس قد قرر الذهاب لعهدة رابعة فهو حر ولكن إنها عهدة مضرة بالجزائر. نشعر وأنت تتحدث بأنك واثق من نفسك خاصة عندما تقول إن الرئيس لن يذهب إلى عهدة رابعة، فهل هذه معلومات من مصادرك أم مجرد تخمينات؟ أنا لست وحدي في الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية ومعي فريق قيادي متمرس في السياسة وخريجو جبهة التحرير الوطني أيام الحزب الواحد وعملهم وتفكيرهم يجعل من جبهتنا خلية للتفكير السياسي والتحليل والنظرة البعيدة، وما أقوله نتاج تفكير داخلي للحزب وتحليل سياسي. هل تعتقد أن تحالفا جديدا حول الرئيس سيفي بالغرض في حال نال الرئيس الرابعة؟ التجربة أثبتت أن الاختلاف الأيديولوجي والفكري بين الأحزاب أضر بمصالح الجزائر أكثر مما نفعها، وبالتالي لن يختلف أي تحالف مرتقب عن التحالف السابق الذي تحول من مبدأ خدمة الجزائر إلى خدمة المصالح الخاصة خلافا لوعودهم السابقة. والتجربة أثبتت أن المساس بمصالحهم أدى مباشرة إلى سقوط التحالف الرئاسي.. الجزائر ليست في حاجة إلى التحالف من أجل الرئيس بل تحالف لخدمة الشباب والجزائر، وليس تحالف يقول في النهاية لا أتحمل مسؤولية ما حدث مثلما وقع. هل ستشاركون في الرئاسيات؟ ستكون هناك دورة للمجلس الوطني في نهاية أكتوبر الجاري لتحديد الموقف، والمجلس يمكن أن يدعم إطارا من الحزب أو من خارج الحزب من الشخصيات المتقدمة. ألا ترغب في الترشح؟ العالم يتغير ويتطور وأوصاف الرؤساء أيضا تتطور وتتغير حسب تطور الدول والمجتمعات، وأنا لست ممن لا يحترمون الشعب الجزائري، فبترشحي كأنني أستفز الشعب الجزائري، فأنا أميل إلى أن يكون رئيس الجمهورية القادم رئيسا تقلد مسؤوليات مهمة وله ثقافة دولة حقيقية وصاحب خبرة في تسيير ملفات كبيرة وصاحب نجاحات سياسية وإدارية، وصاحب مكانة علمية وشهادة عليا، وهذه الشروط لا تتوفر في خالد بونجمة بكل بساطة، وعلى أن يكون العهد القادم عهد القطيعة مع مرشح الزعامة. ما هو الهدف السياسي الذي ترغب جبهتكم تحقيقه على المدى القريب؟ ستقوم جبهة سياسية تطالب بفتح كافة ملفات الفساد الموجودة على مستوى العدالة للبت فيها بكل شفافية ومحاسبة المتورطين، وسنبادر بجمع أكبر قد ممكن من المؤيدين والأنصار لهذه الجبهة حتى تعاد الحقوق المهضومة للشعب الجزائري، فالجزائر عليها أن تعمل على تجاوز عدة عقبات فاحترام دولة القانون واجب وأحكام العدالة باسم الشعب، فعلى الحقوق أن تعود له من العدالة باسمه وإذا تغلبت الإدارة على العدالة فنحن في الهاوية مثلما حدث مؤخرا في إقرار العدالة وقف اجتماع حزب ما بينما قررت الإدارة عكس ذلك.