ال"نو" هو فن مسرحي ياباني، يرجع تاريخه إلى القرن الرابع عشر للميلاد. يقوم الممثلون فيه بارتداء أقنعة، ويتخاطبون باستعمال نبرة الصوت نفسها، تصاحبهم فرقة موسيقية مزودة ببعض الآلات التقليدية. تنتصب خشبة المسرح في الهواء الطلق، وتدعم سقفها أربعة من العوامد الخشبية. تعود أصول مسرح (النو) الياباني إلى العقيدة الدينية اليابانية والأسطورية على وجه التحديد، ويروي وقائع عديدة عن التاريخ الياباني القديم الحافل بالأساطير والحكايات الموغلة في القدم، إلا أن نشوء المسرح يعود إلى الأسطورة التي تتحدث عن آلهة الشمس (أماتيراسو أو ميكامي)، وهذه الأسطورة تعني أن الآلهة هي مصدر المسرح الياباني، بمعنى أن قوانينه وجماليته لا تخرج عن نطاق التعاليم المقدسة التي ترتبط بها كونها راعية للمسرح وخالقة له، وتكشف هذه الأسطورة عن ثلاث صور رئيسية من صور فن المسرح الياباني السائدة هي: العنصر العقائدي الخيالي. العنصر السخري. وعنصر الرقص. تكشف هذه العناصر الثلاثة إلى جانب الطبيعة الجمالية التي يتمتع بها المسرح الياباني، طبيعة الديانات اليابانية القائمة على عبادة الأرواح وقوى الطبيعة وخاصة الشمس إذ تكون - بحسب أسطورة الخلق المسرحي اليابانية - مركزاً في حدث الأسطورة الذي يكشف أيضا عن ماهية الممارسة المسرحية عبر فعل السخرية والتسلية ومن ثم إعادة النور للعالم. يضرب المسرح الياباني التقليدي وبالتحديد مسرح (النو) جذوره في التاريخ القديم فمنذ القرن الحادي عشر انطلق نحو القمة إلى أن بلغ أوجه في القرن الخامس عشر، وظل يواصل حضوره الباهر في ظل رعاية الارستقراطية وتحديدا الارستقراطية العسكرية حتى القرن التاسع عشر، وأوشك على الاندثار في عام 1868 نظرا لارتباطه بالنظام الاقطاعي الذي كان يترنح في تلك الفترة.