نظمت سفارة اليابانبالجزائر سهرة أول أمس بقاعة ابن زيدون برياض الفتح عرضا مسرحيا تقليديا في فن تحريك الدمى " بونراكو " وهو نوع من المسرح التقليدي يعود لبداية القرن ال 16 ، تحت إشراف سفير اليابانبالجزائر وبحضور كثيف للمدعوين و الجمهورالعاصمي عموما ، ويدخل هذا العرض ضمن أطارا لاحتفال بخمسينية استقلال الجزائر، ومساهمة من اليابان في تخليد هذه الذكرى و كذا بمناسبة نشأة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ، نفس العرض المقرر أن يتم عرضه سهرة اليوم الاثنين بقسنطينة . وقد تم اختيار عرض رقصة الفرح " سامبازو " لهذه المناسبة التي تتوافق مع هذه الاحتفالية ، ويبدأ الحفل برقصة تقليدية وهي مسرحية تلعب غالبا من أجل تمني السلام والازدهار ، وفي العرض ترقص الدمية بكل نشاط وفرح واغتباط مفرط وهي تحرك الجرس بيدها ، والرقصة تمثل أيضا بداية البذر، حيث تقوم دميتان تمثلان امرأتين فلاحتين بزرع الأرز كناية عن النماء والخير ، وتتناسب هذه الرقصة للدمى مع جو الفرح المراد الإعلان عنه والتبشير به ، ويرافق حركة الدمى وسط ديكور جميل موحي ، عازفان على آلة " شامسان " الوترية ، هذه الآلة التي يقال أنها تعبر عن الأحاسيس ولغة القلوب ، كما يصاحب العرض الحكواتي الذي يروي بصوت معبر عما تريده الدمية من خلال حركاتها ورقصاتها التي يقودها الرقص المتنامي إلى غاية حالة الجذب والنشوة. وقد تم بعض العرض المسرحي الأول الخاص برقصة الفرح تقديم شرح تفصيلي حول الرقصة والقائمين على تحريك الدمية من قبل الأستاذ " كيريتاك كانجورو" . وقد عرف الجزء الثاني من السهرة تقديم عرض مسرحي تقليدي آخر في نفس الطابع المسرحي" بونراكو " بعنوان " الثعلب الأبيض " قام بكتابتها المسرحي " شيكاماتسو مونزأومون " والتي هي مستوحاة من التاريخ الياباني ، فوسط ديكورطبيعي جميل تم عرض هذه المسرحية التي تتمحور روايتها حول الأميرة " ياوغاكي " من طائفة " ناغاو " التي هي مرتبطة ومخطوبة للأمير " كاتسويوري " من طائفة " تاكيدا " ، وهما قبيلتان متجاورتان و قويتان ، إلا أن طائفة " ناغاو " قررت قتل الأمير" كاتسويوري " ، تحاول خطيبته الأميرة بكل ما تستطيع من أجل إنقاذ حبيبها ، وتذهب بسرعة للالتحاق به وإخباره بالمكيدة ، تعترض طريق الفتاة بحيرة تجمد ماؤها في منطقة " صووا " ، وأمام إحباط الأميرة " ياوغاكي " لقطع البحيرة بالباخرة من أجل تفادي الجريمة وأخبار الأمير" كاتسويوري " ،وهي على تلك الحال تتناول بيدها خوذة العسكري الأسطوري ل" تأكيدا " المبارك فيه من قبل معبد " صووا " حسب الاعتقاد الياباني ، يظهر مبعوث المعبد وليس هو سوى " الثعلب الابيض " الذي يقود الأميرة " ياوغاكي " إلى خطيبها بعد أن يقطع وإياها البحيرة المتجمدة . تجدر الإشارة إلى أن هذه المسرحية التقليدية لعبت لأول مرة في 1766 وتعد مسرحية " الثعلب الأبيض " من بين المسرحيات الأكثر دينامية في فن " بونراكو" التقليدي ، والتي يحب متابعتها الجمهور الياباني قديما وحديثا . من خلال متابعتنا للعرضين المسرحيين التقليديين تبين أن الفنانين اليابانيين يراعون الدقة في أعمالهم ، ناهيك عن جلسة الموسيقيين بصحبة الحكواتي أمام الجمهور،التي تلمس فيها الكثير من التركيز وعيش حالة العرض، والغرق في الموضوع وإيفاءه حقه ، رغم كون طريقة الحكواتي في الإلقاء وطبيعة اللغة اليابانية التي كانت تبعث على الضحك ، بالإضافة إلى اللباس وأناقته ، وجمال الدمى والألوان التي تحملها ، ولسان حال الممثلين يقول نحن نقوم بعمل مهم وجدير بالمتابعة وبطريقة فيها احترافية ومهنية كبيرة ، ذكرني ذلك بحال العازفين والموسيقيين في بعض الفرق حينما تراهم يتبادلون النظرات ويتضاحكون مما يوحي بعدم الجدية . أشرف على إنتاج العرضين المسرحيين جمعية " كاراكوريروبوت "، وقام بالعزف على آلة " شامسان " كل من " تسوروزاوا اونزا " ، وأخوه " تسوروزاوا كانتارو"، بالإضافة إلى " موشيزوكي تاميجورو "، وقام بتحريك الدمى في المسرحيتين كل من " كيريتاك كونجورو " ، يوشيدا كانيا " ، " يوشيدا كانيشي "، " كيريتاك مونيوشي " ، " كيريتاك كانسوكي "، قام بدور الحكواتي " تاكيموتو تسوكوما –دايو " ، المدير الفني " ساتو فينشي "، وأعد الديكور " اوكاموتو يوشي هيد " و" يامازوئي توشيتو "، المنسق العام " تاكادا ماساتاكا " . " بونراكو" مسرح الدمى التقليدي الياباني مسرح " بونراكو" هو نوع من المسرح الياباني التقليدي يتم لعبه من خلال الدمى اليابانية بمرافقة حداء وغناء الراوي الحكواتي ، وبصحبة العزف الموسيقى على آلة " شاميسان " وهي آلة ثلاثية الأوتار، يتم تحريك الدمية من طرف ثلاثة فنانين ، الفنان الرئيسي يهتم بتحريك الرأس واليد اليمنى للدمية ، بينما الفنان الثاني يهتم بتحريك اليد اليسرى ، أما الفنان الثالث فيقوم بتحريك رجلي الدمية ، والفنان الرئيسي هو الذي يقرر حركات الدمية خلال العرض وعلى الآخرين المرافقة والموافقة في الحركة دون انتظار ، بحيث تبدو الحركة الثلاثية منسجمة ، ونظرا للحركة المعقدة للدمية يبدو العرض بالنسبة للمشاهد حركة الدمية شبيهة بحركة الإنسان . ظهر فن " بونراكو" في بداية القرن السادس عشر الميلادي ، وجمع بين الفنون المسرحية التي كانت موجودة في السابق مثل ألحكي ، الموسيقى وعرائس القراقوز، وقد عرف مجاحا كبيرا خصوصا في القرن السابع عشر مع كتابات النصوص المسرحية مع الكاتب المسرحي الكبير " شيكاماتسو مونزأومون " ( 1653-1724 ) وقام هذا الفن المسرحي بعديد التأثيرات على فن " كابوكي " المسرحي ، الذي يتقاسم معه عدد معتبر من العروض المسرحية ، ويعد مسرح " بونراكو" مسرحا مصنفا مثل مسرح ال " نو" و" كابوكي " وغيره ، وهو منذ 2003 قد تم تصنيفه ضمن التراث الثقافي اللامادي من طرف منظمة اليونيسكو . عدة خليل