وقعت اليابان حضورها في فعاليات المهرجان الدولي للمسرح ببجاية، في اليوم الخامس من عمر المهرجان بمشاركتها بعرض من مسرح ال"نو" الياباني التقليدي، بقاعة "عبد المالك بوقرموح" بالمسرح الجهوي للولاية. وقدمت الفرقة اليابانية عرضها الذي لم يتم عشر دقائق المستوحى من التراث الياباني، حيث ضمت المسرحية أربعة رجال، الشخصية الرئيسية كانت برداء الكيمونو الأحمر المزين، وقناع أبيض يمثل دور امرأة ويؤدون رقصات تعبيرية، يرافقها ثلاث رجال يروون قصة العرض بشعر ملحون باللغة اليابانية يروي حكاية آلهة الشمس التي أعطت النور للمسرح. مبعوثة الجزائر الجديدة إلى بجاية:زينب.ب فيما يتعلق بالسينوغرافيا فهي تتكون من أربعة أعمدة تحدد مساحة العرض، وكانت الخلفية عبارة عن صورة لشجرة أرز، كما قدم الممثل الرئيسي في العرض حركات راقصة ايمائية. ولكن الدهشة التي أصابت الجمهور تعود إلى مدة العرض التي كانت أقل من عشر دقائق، وهو شيء أثار دهشة الجمهور من جهة واستيائه من جهة أخرى، كما أعرب الحضور عن استيائهم لأن العرض أشبه برقصة قصيرة ويصنف أيضا في خانة التراث أكثر من أن يكون مسرحية، وسبب المدة القصيرة هو تقديم الفرقة للوحة واحدة فقط من اللوحات الخمسة التي يفترض أن تقدم خلال العرض. ماهو مسرح ال"نو"؟ ال"نو" فن مسرحي ياباني، يرجع تاريخه إلى القرن الرابع عشر للميلاد. يقوم الممثلون فيه بارتداء أقنعة، ويتخاطبون باستعمال نفس نبرة الصوت، تصاحبهم فرقة موسيقية مزودة ببعض الآلات التقليدية. تنتصب خشبة المسرح في الهواء الطلق، وتدعم سقفها أربعة من العواميد الخشبية. وتعود أصول مسرح "النو" الياباني إلى العقيدة الدينية اليابانية والأسطورية على وجه التحديد، ويروي وقائع عديدة عن التاريخ الياباني القديم الحافل بالأساطير والحكايات الموغلة في القدم، إلا أن نشوء المسرح يعود إلى الأسطورة التي تتحدث عن آلهة الشمس "أماتيراسو أو ميكامي"، وهذه الأسطورة تعني أن الآلهة هي مصدر المسرح الياباني، بمعنى أن قوانينه وجماليته لا تخرج عن نطاق التعاليم المقدسة التي ترتبط بها كونها راعية للمسرح وخالقة له، وتكشف هذه الأسطورة عن ثلاث صور رئيسة من صور فن المسرح الياباني السائدة هي: العنصر العقائدي الخيالي. العنصر السخري (من السخرية ). وعنصر الرقص. تكشف هذه العناصر الثلاثة إلى جانب الطبيعة الجمالية التي يتمتع بها المسرح الياباني، طبيعة الديانات اليابانية القائمة على عبادة الأرواح وقوى الطبيعة وخاصة الشمس إذ تكون – بحسب أسطورة الخلق المسرحي اليابانية – مركزاً في حدث الأسطورة الذي يكشف أيضاً عن ماهية الممارسة المسرحية عبر فعل السخرية والتسلية ومن ثم إعادة النور للعالم. يضرب المسرح الياباني التقليدي وبالتحديد مسرح "النو" جذوره في التاريخ القديم فمنذ القرن الحادي عشر انطلق نحو القمة إلى أن بلغ أوجه في القرن الخامس عشر، وظل يواصل حضوره الباهر في ظل رعاية الارستقراطية وتحديدا الارستقراطية العسكرية حتى القرن التاسع عشر، وأوشك على الاندثار في عام 1868 نظرا لارتباطه بالنظام الإقطاعي الذي كان يترنح في تلك الفترة. موني كازو تأكيد ل "الجزائر الجديدة": "عروضنا متوارثة أبا عن جد" وفي تصريح ل "الجزائر الجديدة" مع " موني كازو تاكيد"، ممثل الفرقة اليابانية، أكد أن مثل هذه العروض لم يكن يسمح فيها للمرأة بالصعود إلى الخشبة في الماضي، ولكن اليوم هناك ممثلات سجلن حضورهن في هذا النوع المسرحي، مضيفا أنه في الماضي كان الرجل يقوم بالدور من خلال وضعه لقناع على وجهه، مثلما حدث في العرض، مشيرا أن هذا النوع من العروض متوارث في العائلات، متواجد منذ حوالي ست مائة سنة، يتناقله الممثلون أبا عن جد، كما تدور العروض فيه حول نفس القصص الخيالية، مضيفا أنهم اليوم يحاولون كتابة نصوص جديدة لأنهم في العادة يعيدون في كل مرة النصوص القديمة التي لم تعرض أبدا. وعن اللقاء بالجمهور الجزائري، أعرب "موني كازو تاكيدا"، عن دهشته بالجمهور الغفير الذي ملأ القاعة عن آخرها، مشيرا أن الشباب متلهف للثقافة اليابانية بأنواعها وهو أمر شهدته الفرقة شهر جانفي الماضي خلال تأدية عروضها في العاصمة ووهران.