تخللتها مناقشات وندوات حول مواضيع تهم السينما، نشطها أساتذة مختصون، وكانت الطبعة الرابعة من فعاليات الأيام السينمائية انطلقت، مساء السبت، بقاعة سينماتك العاصمة، بعرض شريط وثائقي بعنوان "محمد وياسمينة" لمخرجته الفرنسية ريجين عبادية. يتناول هذا الشريط الجزائري الفرنسي على مدى 63 دقيقة المسار الشخصي والأدبي للكاتب الجزائري العالمي ياسمينة خضرة. في هذا الوثائقي الذي ساهم في إنتاجه بشير درايس بمساهمة التلفزيون الجزائري وقناتا ارتي وشركة الثامنة للإنتاج الفرنسية في 63 دقيقة حياة عادت المخرجة إلى متابعة خطوات محمد مولسهول الشهير أدبيا باسم ياسمينة خضرة مع عالم الكتابة والإبداع منذ نعومة أظافره وهو تلميذ في مدرسة أشبال الثورة التابعة للجيش الوطني الشعبي، أفكاره ومواقفه من كل القضايا التي عالجها في أعماله. والعمل، أيضا، عبارة عن رحلة عبر الجزائروفرنسا في محاولة لرصد أهم المحطات في حياة الروائي التي تتقاطع مع تاريخ الجزائر بعد الاستقلال. تجولت المخرجة بكاميراتها رفقة ياسمينة خضرة في الفضاءات والأماكن التي أثرت في تكوين شخصيته وصقل موهبته، وحاولت المخرجة استرجاع بعض ذكريات الماضي بصور من الأرشيف مرفقة بتعليق جميل ومعبر مأخوذ من روايات الكاتب. ووظفت مخرجة الوثائقي شهادات أقربائه وأساتذته وكذا زملائه في الدراسة في مدارس أشبال الثورة ومدرسة الضباط، وقاربت حياته الأسرية مع زوجته ياسمينة خضرة التي استعمل اسمها لولوج عالم الأدب. وتروي أحداث الفيلم الوثائقي "العودة إلى مونلوك"، الذي يدوم 62 دقيقة وأنتجه وأخرجه سنة 2012 محمد زاوي، حكاية المجاهد والرئيس الحالي لجمعية المحكوم عليهم بالإعدام ‘'مصطفى بودينة'' الذي يعود إلى سجنه وزنزانته رقم 45 بمدينة ليون الفرنسية بعد 49 عاما، ويتضمن الفيلم مجموعة من الشهادات لرجال سياسة فرنسيين ومحامين ومؤرخين ومعتقلين سابقين في قلعة مونلوك بليون (فرنسا) والذين أدلوا بآرائهم فيما يخص النظام الاستعماري الفرنسي ورفضه الاعتراف بحرب التحرير الوطني. صور الزاوي فيلمه بدون سيناريو فأتى صادقا وجارحا وتلقائيا فيما عبر عمله على الذاكرة وقام بتعرية تجاوزات ومظالم الاحتلال الفرنسي للجزائريين خلال (1954 - 1962). الفيلم الجزائري "الأيام السابقة" (Les jours d'avant) للمخرج الجزائري كريم موساوي، يتطرق في 47 دقيقة لقصة مراهقين من الجزائر العاصمة ياسمينة وجابر(سهيلة معلم ومهدي رمضاني) تدور أطوارها في بداية التسعينيات حيث يحاولان التوفيق بين طموحاتهما والقواعد الاجتماعية التي فرضها المجتمع الذي يعيشان فيه. وعرض فيلم المخرج مبارك مناد "إمينيغ" باللغة الأمازيغية، أي "المهاجر" بالعربية. يعالج هذا الفيلم القصير الذي يتناول موضوع الهجرة إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، قصة شاب يشتغل نجارا، يجد نفسه محتارا في أمره، كونه يرغب في الهجرة إلى فرنسا للالتحاق بأبيه الذي أرغمته الظروف الأمنية خلال العشرية الدموية على الفرار، أو البقاء مع أمه المريضة الراكنة في الفراش. وقال المخرج إن: "العمل لا يقصد ظاهرة الهجرة غير الشرعية بعينها إنّما يحاول تقديم الوجه والجانب الإنساني والتجارب الشخصية المليئة بالمشاكل والعوائق سواء الذاتية أو في العائلة أو ضمن المحيط الاجتماعي الذي يحيط بالأفراد. وبناء على أطوار ومشاهد الفيلم التي جاءت عبارة عن كليشيهات وصور متقطعة وروبرتاج قصير، حاول تشريح وضعية الجزائر الحقيقية دون الغوص في ظاهرة معينة على غرار الهجرة". في فيلم "المعارض" يقدم المخرج أنيس الأسود عملا توثيقيا جديدا خاصا بالثورة التونسية انطلاقا من مسيرة محمد الطاهر الخضراوي في بعدها العميق من الناحية الإنسانية ومن الناحية السياسية، حيث سعى الأسود إلى تتبع تحركات الخضراوي منذ اندلاع الثورة في ديسمبر/ كانون الأول وإلى غاية انتخابات 23 أكتوبر/ تشرين الأول وفشل حزبه فيها. في فيلم "إسماعيل" للمخرجة نورا الشريف والذي يتحدث عن الفنان الفلسطيني الراحل إسماعيل شمّوط، تقدم المخرجة في 28 دقيقة لوحة مستوحاة من يوم في حياة الفنان شمّوط والذي يحكي معاناته وهو شاب ليعيل أسرته بعد تهجيرهم لأحد مخيمات اللجوء عام 1948، لكنه مع ذلك يحلم بالسفر الى العاصمة الإيطالية روما ليتعلم الرسم هناك. كعادته، يذهب ذات صباح ومعه أخوه الأصغر جمال ليبيعا المعمول الذي يصنعه للجنود المصريين والمسافرين بمحطة القطار في خان يونس. وبعد خروجهما من المحطة وفي رحلة العودة إلى المخيم كان إسماعيل المحب للرسم يحدث أخاه عن فن التصوير وأعمال مايكل أنجلو التي رأى إسماعيل صورا لها وكيف رسم أعماله الخالدة في سقف كنيسة سيستين في روما. وقبل أن يكمل كلامه يناديه بدوي في الصحراء قائلا إنهما دخلا حقل ألغام. وتستغرق مسافة الخروج من حقل الألغام جانبا كبيرا من وقت الفيلم البالغ 28 دقيقة والبدوي الخبير بدروب الصحراء يتابعهما بإرشادات لا تمنع رعبهما من الموت وهما يشاهدان على بعد خطوات ماشية يحولها لغم إلى أشلاء. هذه اللحظات التي يقابل فيها "اسماعيل" الموت وجها لوجه ومحاولته الحثيثة للنجاة بنفسه وبأخيه "جمال"، تعكس الروح الحقيقية لأبرز رواد الفن التشكيلي الفلسطيني الراحل إسماعيل شمّوط (1930-2006). وعرض خلال المهرجان فيلم طويل واحد بعنوان "ساعي البريد" للمخرج مهدي عبد الحق، ويعتبر تكريما لهذا المخرج الذي بدأ مشواره بالشريط القصير، فهذا الفيلم الذي أنتجه التلفزيون الجزائري لم ينل حقه من العرض، ويتعرض من خلاله لمسار ونضال ساعي البريد الجزائري عبد الكريم يتقمص الشخصية المنتج والممثل أحمد رياض في الفترة ما بين سنتي 1958 و1959، حيث كان مكلفا بتزويد النجار سي بشير يجسد الدور محمد أرسلان بمعلومات وأخبار ووثائق حول نشاطات وتحركات المستعمر الغاصب وكذا الحواجز الأمنية المنصوبة والخطط العسكرية المعدة من طرف قيادات جيشه، لينقلها بدوره إلى المجاهدين في جيش التحرير وجبهة التحرير الوطني. وفي اجتماع عاجل عقده المجاهدون ذات يوم تم الاتفاق على ضرورة التخلص من محافظ الشرطة الفرنسي "إيف" أسند دوره للممثل القدير سيد أحمد أقومي لأنه ارتكب مجازر فظيعة في حق الأبرياء. وتم اختيار ساعي البريد لتنفيذ عملية القتل رميا بالرصاص، لأنه يعرفه جيدا ويثق به بحكم وظيفته. وفي اليوم المعهود توجه عبد الكريم إلى منزل المحافظ وهو يحمل له رسائله كالعادة وعندما هم بإطلاق النار عليه من مسدسه دخلت ابنته الصغيرة فلم يتمكن من قتل والدها أمام عينيها بدافع إنساني بحت...حتى وإن تعلق الأمر بمجرم يداه ملطختان بدماء الأبرياء وعدو لدود للجزائر والجزائريين. اغتنم هذا الأخير تردد عبد الكريم فهجم عليه ونزع منه سلاحه ونقله إلى المحافظة حيث سلط عليه أفظع أساليب التعذيب. هذا المهرجان بادرت بتنظيمه جمعية "لنا الشاشات" إلى غاية 20 نوفمبر بعرض 35 شريطا ما بين وثائقي وفيلم قصير، منها 25 فيلما جزائريا و10 أعمال أجنبية. وقد تم اختيار هذا العدد من 80 طلب مشاركة وذلك على أساس تفضيل الأفلام التي لم يسبق وأن عرضت بالجزائر مع التركيز على الوثائقي الجزائري وهو غرض هذا المهرجان. وتنتمي أغلب الأعمال المشتركة إلى البلدان العربية (الأردن ومصر وسوريا وفلسطين ولبنان والعراق وقطر وتونس والمغرب والبحرين) إلى جانب أفلام من فرنسا والولايات المتحدة والبرازيل وتركيا. وسيتم في ختام التظاهرة تتويج الأعمال الناجحة بناء على قرارات لجنة التحكيم التي ترأسها المخرجة الجزائرية نادية زواوي المقيمة بكندا.