أعادت الحادثة التي تم تسجيلها نهاية الأسبوع المنصرم بولاية بجاية، المتمثلة في اندلاع مواجهات عنيفة بين طلبة الإقامتين الجامعيتين 17 أكتوبر و1000 سرير، ومجموعة من الغرباء، التي خلفت إصابة 12 طالبا، طرح - من جديد - ظاهرة التسيب وغياب الأمن بالجامعات الجزائرية بصفة عامة.. المشكلة التي غالبا ما كانت وراء شن طلبة العديد من الجامعات حركات احتجاجية لمطالبة السلطات المعنية بإدراج التدابير اللازمة للقضاء عليها، وهو الانشغال الذي قابلته الجهات الوصية بعدم الجدية وسوء التنظيم.. ما جعل العنف يتخذ منحنى تصاعديا وأضحى اليوم بمثابة خطر حقيقي يهدد أمن وسلامة الطلبة أكثر من أي وقت مضى. لم يمض وقت كثير عن أعمال العنف والتخريب التي شهدتها الإقامتان الجامعيتان 1000 سرير و17 أكتوبر ببجاية، خلال شهر جوان المنقضي، والتي تورطت في تصعيد شدتها مجموعة من الغرباء باقتحامهم الإقامتين وتحويل الحركة الاحتجاجية التي نظمها الطلبة إلى أعمال تخريب مست العديد من هياكلهما.. ليتم تسجيل يوم الأربعاء المنصرم حادثة أخرى لا تقل شدتها عن سابقتها المتمثلة في مواجهات عنيفة نشبت بين الطلبة والعديد من الغرباء الذين قاموا باقتحام ومحاصرة مدخلي الإقامتين السالفتي الذكر، أسفرت في نهايتها عن إصابة 12 طالبا بجروح متفاوتة الخطورة، وكادت الحصيلة تكون ثقيلة لولا تدخل قوات الأمن التي قامت بتفرقة الطرفين باستعمال القنابل المسيلة للدموع وتهدئة الأمور. هذه الحوادث لا تخص الإقامات الجامعية ببجاية فقط وإنما غالبا ما تتكرر مشاهدها في العديد من الجامعات الجزائرية، والتي هي نتيجة حتمية لغياب الأمن بها وبأحيائها الجامعية، على غرار ما شهدته الإقامة الجامعية للذكور ببوخالفة في ولاية تيزي وزو شهر أكتوبر المنصرم، أين أقدمت مجموعة من الغرباء على اقتحام الحي والاعتداء على العديد من الطلبة بعدما قاموا بإضرام النيران في العشرات من الأفرشة التي كانت بمحيط الإقامة. كما أنها ليست المرة الأولى التي يتم تسجيل مثل هذه الأحداث في الأحياء الجامعية بتيزي وزو، التي كان سببها الرئيسي غياب الأمن، كتلك المسجلة في 10 مارس 2011 أين قامت مجموعة من الغرباء بالاعتداء على طالبين باستعمال الأسلحة البيضاء أمام مرأى أعوان الأمن بالإقامة الجامعية للذكور ببوخالفة، فضلا عن اقتحام مجموعة من الأشخاص الإقامة الجامعية للبنات بمنطقة تامدة خلال نفس السنة. وكادت الأمور تخرج عن نطاقها بعدما انتقل المئات من الطلبة على متن حافلات ليلا للدفاع عن الطالبات في ظل قلة أعوان الأمن بالإقامة، ونشوب مواجهات عنيفة بينهم وبين الغرباء الذين تسببوا في زرع حالة من الرعب والخوف في أوساط الطالبات. ولم تقف الأمور لدى هذا الحد وإنما تطورت أكثر عندما تعرض السنة الماضية طالبان بالحي الجامعي للذكور حسناوة 1 إلى اعتداء وحشي داخل قاعة العروض من طرف غرباء باستعمال أسلحة بيضاء. وفي السياق ذاته، أصبح مطلب توفير الأمن من أكثر الانشغالات التي تؤرق طلبة جامعات تيزي وزو، نظرا لتنامي ظاهرة الاعتداءات من طرف الغرباء، وكانت وراء خروجهم في مسيرات احتجاجية للتنديد بالمشكلة كتلك التي نظمها طلبة الإقامة الجامعية للذكور ببوخالفة وتنظيم اعتصام أمام مقر إقامة الوالي، وكذا غلق مقر مديرية الخدمات الجامعية مدوحة لأكثر من 38 يوما. إلا أن ذلك لم يشفع لهم ولايزال الطلبة يعانون من ظاهرة غياب الأمن التي هي نتيجة الإهمال وسوء التنظيم المنتهج من طرف السلطات المعنية. وفي هذا الصدد أكد كامور عميروش، عضو بلجنة الإقامة الجامعية بوخالفة للذكور، أن مسؤولية تدهور الوضع الأمني بالإقامات الجامعية تتحملها السلطات الولائية، وعلى رأسها مديرية الخدمات الجامعية، التي تقوم - حسبه - بتوظيف أعوان أمن دون أي مستوى تعليمي أغلبيتهم ذوو سوابق عدلية، وغالبا ما يكونون سباقين لإثارة المشاكل مع الطلبة والاعتداء عليهم.. مشيرا إلى أن حل المشكل القائم يكمن في رفع عدد أعوان أمن أكفاء وذوي سيرة حسنة وفق حاجات الإقامات الجامعية لهذا العامل، مع توفير الوسائل اللازمة لأداء مهامهم، مع التطهير الفوري للإقامات الجامعية من المقيمين الدخلاء والغرباء.