المتتبع للمشهد السياسي والإعلامي المصري هذه الأيام يلاحظ شيوع مصطلح الكرامة المصرية، من أجل رد الاعتبار، ممن وكيف الجواب عند قادة عملية التوريث في هذا البلد، فلقد أصبت بالغثيان كغيري وأنا أتابع مختلف القنوات المصرية، ومختلف التدخلات من برلمانيين وفنانين وسياسيين وحتى مواطنين بسطاء على شاكلة المواطن المصري علاء مبارك، نظرا للحملة الشرسة والمفبركة، ضد الجزائر حكومة وشعبا ورموزا وتاريخا· وعادت ذاكرتي إلى الوراء قليلا، عندما شتم عضو الكنيست الإسرائيلي إفيغدور ليبرمان (في ذلك الوقت كان نائبا في الكنيست) مبارك الأب على المباشر، وهدد أم الدنيا بقصف السد العالي بقنبلة نووية على المباشر كذلك وعلى مسمع ومرأى الشعب والحكومة وآل مبارك· ففوجئت كما فوجئ أصحاب النخوة مثلي (في الحقيقة لم أفاجأ) بعد أيام قليلة من تعيين ليجرمان وزيرا للخارجية، باستقباله شخصيا من طرف مبارك وحرمه وثلته بالقاهرة، على بساط أحمر لو فرش في باريس لغطى طريق ''الشنزليزيه'' بكامله· تعامل السلطات المصرية مع هذه الحادثة كان من باب الإدراك أن السيد الإسرائيلي يعرف تمام المعرفة أن القوم في القاهرة، لا يستطيعون رد الاعتبار لأنفسهم، ولم نسمع ولم نر الواقعة، التي تميز المجتمع المصري هذه الأيام، ضد كل ما هو جزائري حتى يخيل لك أن لبرمان الذي مرّغ كرامة مصر (إن كانت هناك كرامة أصلا) من أصل جزائري أو هو عضو في حكومة أويحيى، من أجل هزيمة مستحقة للمنتخب المصري على يد أبطال نوفمبر· محصلة القول أن على النظام والإعلام المصري أن يصارح شعبه، بأن المنتخب الجزائري قد أحبط مسرحية حملة انتخابية لتوريث الحكم، هذا كل ما في الأمر، أما خلق عدو وهمي خارجي، لإلهاء الشعب عما يحدث باسم الكرامة ورد الاعتبار، فهذا هو الدجل بعينه لأن آخر من يتحدث عن الكرامة والاعتبار هم المصريون، ففاقد الشيء لا يعطيه·