أسدل الستار على فعاليات الطبعة الثالثة للملتقى الوطني للسرد، أول أمس الثلاثاء، بولاية أدرار، بعد ثلاثة أيام من التفكيك والتحليل للنصوص الروائية المكتوبة عن أو في الصحراء. مناسبة كرمت الروائي والقاص سعيد بوطاجين، وأبرزت للوجود مزيد من "الأقلام الجنوبية" المتطلعة إلى أفق أبعد من الكثبان العالية. التظاهرة التي تنظمها دار الثقافة كل سنة منذ الأعوام الثلاثة الأخيرة، ترسم أمامها مسارا مستقيما يصل أطراف الإبداع أينما كانت، بحيث تذوب الفوارق المنطقية، ويصبح بإمكان صوت الجنوب أن يسمع هناك في النقطة المقابلة في الشمال. هذا هو الهدف الذي يشتغل من أجله عبد الكريم ينينة، مؤسس الملتقى الوطني، ومهندسه، ومسيره والقائم على حسن سيره. ينينة الذي لا يمكن أن نتصور ملتقى أدرار للكتابة السردية دون طلته المتأنية والدقيقة، الغارقة في التفاصيل، ليكون الموعد سنويا بلا خطأ أو تأخير. كما توصلت الفعالية هذه المرة أيضا، إلى توسيع مجال معارفها، باستضافة ثلة من الأساتذة الجامعيين، من الجزائر وسعيدة ومستغانم وتيزي وزو، شرحوا الظاهرة السردية لدى سعيد بوطاجين المكرم هذه السنة، وكذلك قراءة أعمال الحبيب السايح، والصديق حاج أحمد المشهور ب "الزيواني" نسبة إلى "مملكة الزيوان" روايته الأولى، وعبد الله كروم مؤلف "حائط رحمونة" وعبد القادر ضيف الله صاحب "تنزروفت" وغيرهم ممن يتشجعون بهذا الملتقى ليطلقوا الخجل في البوح، ويسطرون ما يحتفظون به سرا في كراريسهم المدرسية. أكد الملتقى الوطني أن الجنوب ليس فقط وجهة سياحية تثير مخيلة المارين في عجالة سفر اكزوتيكي، وإنما هو الصحراء الروح والمكان الجغرافي الانساني والطبيعي. وأن الجنوب أيضا أقلام تغوص في موروثها المحلي، تنهل منه رصيدا كافيا، يصلها بالعالمية أو بإفريقيا التي تفرض اليوم أدبها على الدنيا. إشكاليات كثيرة ما زالت بحاجة ألى التحليل، قراءات ودراسات وجلسات للاستماع والاستفادة، يحتاجها الجنوب في أدرار أو بشار أو ورقلة أو وادي سوف أو غيرها من الأماكن هناك، وقبلها تلك الأقلام بحاجة إلى دور نشر تنظر إلى "تحت" وتحمل على عاتقها مهمة "غير تجارية" لتنشر للجميع حبا في هذه الأرض الصحراوية الجميلة، التي تبقى بعيدة عن "حظوة" المدن الكبرى.