اختارت شوارع مدينة القصرين من الربوع الغربية لتونس إحياء الذكرى الثالثة للثورة بروح ثقافية من خلال المهرجان الدولي الأوّل في البلاد ل«فنّ الشوراع". واحتضنت المدينة، الواقعة قرب الحدود الجزائرية، منذ يوم الاثنين الماضي، ولمدة خمسة أيام، مهرجاناً دولياً ل«فن الشارع" في سابقة ثقافية تعتبر الأولى في تونس، حيث أشرف فنانون عالميون في "الغرافيتي" وموسيقى "الهيب هوب" و«الراب" و«البريك دانس" على إحياء حفلات وتظاهرات تثقيفية وتنشيطية مجاناً في شوراع المدينة. غير أن التميّز في هذا المهرجان الذي أطلق عليه "شوارع المدينة"، كان لعروض "الغرافيتي" بشكل رئيسي وورشات الرسم على الجدران، التي انتشرت في مختلف شوارع المدينة، لتحاكي مواقف الشباب وآراءهم من مسائل اجتماعية وسياسية شتى. واختار المشرفون على تنظيم المهرجان مجموعة من الجدران متفاوتة الحجم في المدخل الشمالي للقصرين ووسط المدينة وفي مدخلها الجنوبي لرسم لوحات "غرافيتي" كبيرة من خلال ورشات مفتوحة، أشرف عليها فنانون دوليون ومحليون بمشاركة شباب المدينة. وكانت هذه الورشات، التي انتشرت في أحياء مختلفة من مدينة القصرين، محلّ فضول لكثير من الأهالي الذين استغربوا الفن الجديد، وشرعوا يتابعون الشباب بمعدّاتهم "الغريبة"، وهم يرسمون على الجدران صوراً بدت لهم "غير مفهومة". وقد شارك فنانو "الغرافيتي" من مختلف بلدان العالم (فرنسا، كندا، أميركا)، ومن بينهم من تطوع للمشاركة مجاناً بهدف "نشر فنّ الغرافيتي في العالم ومنح شباب القصرين فرصة جديدة للتعبير عن مواقفهم وآرائهم بأسلوب جديد وراق"، بحسب ما صرح مساعد مدير المهرجان حسام الجباري. ومن الصعب تبيّن المعاني العميقة للرسوم، التي استقرّت تدريجياً وعلى امتداد خمسة أيّام على جدران المدينة، إلاّ أن القائمين عليها أفادوا في تصريحات متعدّدة بأن "جميع لوحات الغرافيتي حملت روح الشباب وسعت لأن تبطن مساحات مفتوحة للتعبير عن مشاغلهم الاجتماعية". ويقول مدير المهرجان كريم الجباري، وهو أصلاً فنان غرافيتي، "أردنا من الغرافيتي أن يشكل تعبيراً مميّزاً عن نظرة الشباب إلى المسائل الاجتماعية والسياسية من زاوية خاصّة وجديدة، خصوصاً لأهالي المدينة". ويعتبر الرسم على الجدران من أشكال التعبير الحديثة في تونس، التي تطوّرت بشكل كبير بعد الثورة العام 2011 مع سقوط نظام الرقابة الذي كان يفرضه بقوة الرئيس السابق زين العابدين بن علي. ونشط فنانو "الغرافيتي" بشكل كبير أيّام الثورة، وخصوصاً من خلال الشعارات السياسية والاجتماعية للثورة التي ملأت شوارع البلاد.