لحظات لم نعشها من قبل، لا أحد يعرف إلى أين نحن متجهون، لم يبق على موعد الرئاسيات إلا وقت يسير، نعيش زمنا انتخابيا بدون أجواء انتخابية، بدون أفكار، بدون صراع مشاريع... .. بدون وضوح وبدون معالم طريق قد يستدل بها المترشحون، أو الذين ينوون إلى أن يتقدموا إلى سباق2014. سؤالي يكاد يستولي على كل الناس من مراقبين، من منافسين، من موالين ومن معارضين، هل سيتقدم بوتفليقة إلى ولاية جديدة؟! لا أحد يعرف الجواب، سوى ألله وبوتفليقة.. ترى هل يعيش بوتفليقة وهو في أقصى العزلة تلك اللذة التي لا يمكن أن تضاهيها لذة وهو ينظر إلى كل أولئك المفسرين والمسؤولين والمتملقين و الداعين له بالشفاء العاجل والناصحين له بعدم ألتقدم إلى الرئاسيات إن أراد أن يحتفظ بعرشه الرمزي إلى الأبد؟! لماذأ ‘ يريد بوتفليقة أن ينطق بالكلمة الفصل إلى الآن؟! طبعا ثمة روايات عديدة في غياب النطق الحقيقي والمادي لبوتفليقة ولكل رواية خيالها وأجواؤها وأساطيرها اليومية التي تتجدد وفق وجهات تقلبات ميزان القوة الغارق في الغموض والضائع في أطول وأعقد وأحلك متاهة جزائرية.. ها هو مولود حمروش، يجلس في بيته مصمما على الصمت وهو يريد بصمته منافسة بوتفليقة في صمته، لكن في أعماقه يشعر بالقلق والتوتر العميقين لأنه يدرك أن صمته هذه المرة سيكون صمتا نهائيا فلقد خسر رهان الزمن الذي يزحف بشكل متوحش ضد ما تبقى من أيام في حياة مولود حمروش ألسياسية... أما علي بن فليس فلقد غامر وربما يشعر أنه وجد نفسه من جديد يدفع دفعا إلى الحلبة التي تبدو إلى الآن شبه فارغة، لكن فراغها مخيف بقدر ما هو مغر ومثير.. فارغة بغياب بوتفليقة ومن هنا تبقى كل أبواب الأمل مشرعة على مصراعيها، لكن هذا الفراغ قد ينطوي على فخ يحول الحلبة إلى مستنقع قد يصعب على علي بن فليس الخروج منه.. وسؤال مهم وتافه في نفس الوقت ظل يتردد على الألسنة، هل لعلي بن فليس ضمانات، وطبعا تتعدد الأجوبة، المتفائلون الموالون لعلي بن فليس يقولون إن علي بن فليس لم يكن ليعلن دخوله معترك الرئاسيات لو لم تكن له ضمانات.. لكن السؤال الذي يتجنبه طارحوه.. ما هي الضمانات ومن هو المؤهل على توفير هذه الضامانات؟! هل تعني الضمانات انتخابات نزيهة وحقيقية؟! هل تعني الضمانات أن الجيش والإدارة سيلعبان لصالح المرشح علي بن فليس؟! وماذا لو كانت الضمانات هي في الأساس متوقفة على كلمة الرئيس نفسه؟ إننا نعيش الانتخابات بدون زمن حقيقي.. بدون زمن تتأسس عليه تقاليد جديدة لغد جديد.. نحن نعيش حالة فريدة من نوعها.. وقد تتحول هذه الحالة إلى ظاهرة لافتة في قادم الأيام ليس فقط للمحللين والمراقبين، بل كذلك بالنسبة لمعاهد العلوم السياسية أو لعلماء السياسة والاجتماع.