النقابي والموظف أوالعامل أصبح اليوم يعاني بشكل معلن وواضح من تحرشات وعنف الإدارة، أنا والسيد بدوي والكثير من الرفاق الذين تعرضوا للتجازات الإدارية من الموجودين هنا أكبر دليل، وهناك كثيرغيرنا عبرالقطر الوطني، علينا أن نوصل صوتنا إلى الرأي العام وتوعيته بما يحدث من تجاوزات تعتدي على حقوق العمال وإنسانيتهم وكرامتهم. لم يشفع لي طول السنوات التي قضيتها بالمؤسسة التي عملت فيها وتنقلاتي إلى المدن الداخلية لنقل معاناة الناس في زمن الإرهاب وسرحت من عملي بطريقة تعسفية لأنني كنت مناضلة حقوقية ولخلفية سياسية. قبل الحديث عن وضعية النقابي بالجزائر لابد من الحديث عن وضع النقابة أولا، التي تواجهه اليوم العديد من المشاكل والتشوهات على مستوى المفهوم والممارسة، وهذا ما جعل النقابي الحقيقي يواجه كل أنواع التجاوزات والتعسف، لأن الذين على رأس الكثير من النقابات أو حتى الناشطين فيها لا علاقة لهم بالنشاط النقابي، بل أصبح العمل النقابي كأنه وظيفة إدارية مفتوحة أمام الدخلاء ومن هنا بدأ الوضع يتأزم أكثر، خصوصا في ظل غياب التكوين النقابي وتفاقم سلطة سطوة المال التي أدخلت الذمم في سوق مفتوحة لا حدود لها. الوضع الإنساني بشكل عام سيء بالجزائر، وضع كل المواطنين لا يدعو للتفاؤل، وأنا أكبر مثال أمامكم، أبي كان مجاهدا خاض حروبا من ولاية البليدة إلى ولاية وهران في وجه الاستعمار، وأنا عملت لسنوات في القطاع العسكري كتقني، وبعدها اشتغلت في سنوات الإرهاب والدم كدفاع ذاتي فقدت الكثير، واليوم أنا أعيش مشرد وليس لدي الحق حتى في استخراج الوثائق لتشكيل ملف البطاقة الوطنية لأنني أعيش، تقريبا، في الشارع، فيما أرى منظمات وجمعيات تبدد الملايير باسم ضحايا الإرهاب وتتاجر بقضيتنا بمناسبة وبدونها. اليوم المفاهيم انقلبت في الجزائر، أصبح أشباه النقابيين يستقبلون على البساط الأحمر ويعيشون على قضايا أصحاب الحق، فيما النقابي الحقيقي الذي يرفض أن تباع ذمته يتعرض إلى كل أشكال الإرهاب الإداري، والضغط النفسي والتلاعبات، النقابي اليوم إذا طالب بحقوقه وحقوق زملائه يصبح التعامل معه خارج الإطار الإداري ويتلقى اتهامات وتحرشات على أساس شخصي، دون أن تقدر الإدارة عواقب تلك السلوكات التي كانت في أحيان كثيرة دافع لأن ينحرف المواطن أو يصبح إرهابيا أو حتى يدفع به للجنون. وضع النقابي رديء جدا ويدل على ضعف ووهن عام لأنه جزء لا يتجزأ من هذا الكل، وقوة النقابة والنقابي مربوطة بقوة النضالات السياسية وجميعنا نعرف الحالة التي يوجد عليها الأخير، إن ما تمر به النقابة والنقابيين اليوم هو نتيجة انفصال الحركة العمالية عن كل مشروع حقيقي للحركة والسير قدما في مشروع الدولة الحقيقي، لذلك لم يعد هناك تضامن واتحاد، وتضحية نضالية، وأصبح كل نقابي حقيقي يجد نفسه عرضة لتحرشات الإدارة وتجاوزاتها وأكثر من ذلك عرضة لاتهامات هو نفسه لا يستطيع فهم من أي باب نسبت إليه.