زهور ونيسي : انتصرت للحرية وكسرت كل الطابوهات لمين بشيشي : أحببت أن أؤرخ أشياء عشناها كمال بو شامة : انتقادي في كتابتي وأقول الحقيقة بطريقة أخرى اقترابا من تجارب إنسانية وسياسية أثرت المشهد الوطني عبر مناصب وزارية على مدار عقود مثل لمين بشيشي، زهور ونيسي، كمال بوشامة، عز الدين ميهوبي، نشطت المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار في ثالث أيام الأسبوع الثقافي المقام في مركز مصطفى كاتب لقاء تحت عنوان " وزراء كتبوا " أدارها الشاعر عز الدين ميهوبي تطرق في تقديمه للمستوزر الكاتب وقضايا تهم التاريخ والإبداع، وذكر فيها أن المواطنين بالجزائر يشعرون ان التاريخ جزء أساسي من حياتهم ومن حقهم ان يتعرفوا على التجارب . نحن بحاجة لنوسع الذاكرة ونضيء المساحات المغفلة . لا يعنينا ان أصابوا في كتاباتهم ام لا ؟ المهم انهم تكلموا وقدموا رؤيتهم . الصمت قد يكون معبّرا عن موقف ولكن ليس هو دائما الموقف الصحيح . وقدم ميهوبي بداية الأديبة زهور ونيسي " التي تبوأت كثيرا من المهام قبل الثورة وامل من هذا الجيل ان يستفيد من تجربتها " حيث شكرت ونيسي هذه المبادرة التي شعرت من خلالها ان الحياة بدأت تتحرك وخصوصا مع جيل من الكاتبات الجدد جيل حداثي وجديد ويحمل الأصالة بنفس الوقت " . وتضيف ونيسي في حديثها عن تجربتها بين الإبداع والسلطة : " الكتابة عندي لم تبدأ مع المناصب أو مع المسؤوليات السياسية وغير السياسية، بل بدأت وأنا صبية حيث كانت الصدفة هي التي صنعت مني كاتبة . وذلك مع النصوص التي كتبتها في المدرسة كمترشحة حرة من داخل البيت للشهادة الابتدائية بسبب مرض أصابني وأوقفني عن الدراسة . كان النص جميلا وقيمه أدباء من تلك الأيام مثل توفيق المدني واحمد رضا حوحو، ونشر في جريدة الوسط . ومنذ ذلك الوقت وأنا أكتب . نشرت وقتها عددا من القصص، وعندما أقيّمها الآن لا أرضى عنها، ولكنها كانت بدايات تأسيس لي بهذا العالم . عندما جاءت الوزارة ، وقتي كان كله منصبا على النجاح في هذه المسؤولية التي تعطي لأول مرة لامرأة ، واشترك في نفسي الخوف والفزع مع الفرحة المبهمة ، ولكنني لم أتوقف عن الثقافة ، حيث كنت أتابع ما ينشر ثقافيا في الدوريات وأصدرت وأنا وزيرة مجموعة قصصية . وعندما أقلت وأصبحت حرة استأنفت الكتابة . لم نكن ذاك الوقت نهتم بالصراعات بل بالثقافة، والكتابة طقوس ما فتئت تتباين بين شخص وآخر، ووقت وآخر ، وهي بالنسبة لي حالة إدمان وتنفيس أنثوي عن القلب . وكانت تصطدم بكثير من الإعاقات والحواجز في الخمسينات . حرية الكلمة كانت تلاقي عراقيل وصعوبات عند الرجل فما بالك بالمرأة . وتضيف ونيسي : انتصرت للحرية وكسرت كل الطابوهات التي كان بعضها يعرقلنا. الكتابة بناء وحرية بدون تطرف وتفاؤل وأمل اخضر أزرعه في كل كلماتي رغم اليأس في حياتنا . وكم يصبح الابداع جميلا عندما لايتضمن الحقد والهدم . وترى ونيسي ان الإبداع يتأرجح دائما بين الحداثة والاصالة : لانني اعتقد ان الحداثة في الكتابة ليست قطيعة معرفية مع الماضي بل هي تواصل بين الماضي والحاضر، ومحاولة إلقاء الضوء على الأماكن المنزوية من هذا الماضي . ومن هنا جاءت اليوميات لأضع شهادة تصورت واعتقدت انها من حق الأجيال القادمة، لأن المراحل التي عشناها كجيل هي مراحل هامة وثرية بالاحداث وبالفرص والمعالم والرموز . وبأحداث ربما لا تتكرر مع كل جيل جديد وكان من حظنا اننا عشناها، يجب ان تسجل لأنها تحمل تحديات عميقة في الفكر، نراها ونلمسها وضرورية لحظة العولمة وثقافة الاشهار التي كادت تتغلب على الجانب الروحي . ولكن تحدياتنا كانت داخلية ذهنية ، واعتقد اننا انتصرنا عليها وكتبنا هذه الشهادات التي ليست تأريخا جافا ولكن وجهة نظر لهذه الاحداث من طرف كاتبة وإلقاء الضوء على أحداث عشناها . وشهادة صغيرة مني تدافع عن ان هذه الثورة لا تخص مكانا من هذا الوطن بل ممتدة في أرجائه . ثم تحدث الأديب والإعلامي والوزير لمين بشيشي الذي اثرى المكتبة بمؤلفات تناولت قضايا مهمة بالثقافة . وقدم قراءة في تجربة الكتابة والمسؤولية في الهيئات الرسمية ومنها وزارة الإعلام التي تبوأها في ظروف صعبة . حيث قال : أنا عندي ثلاثة إصدارات، وربما الظروف أو البيئة العائلية لم تسمح لي ان أتخصص بما احبه . وانا الذي كنت ميالا منذ الصغر الى الفنون . وعندما ارسلني والدي الى جامع الزيتونة بتونس تعلمنا الموسيقى وبقيت أعزف ونسيت نفسي معها، ثم جاءت الثورة وانغمسنا مع إخواننا في الميدان . وبعد الاستقلال توليت بعض المسؤوليات وألعن منصب هو عندما كنت على رأس وزارة الإعلام . التي كنت أراها وزارة سيادية . مع عودتي للتعليم اهتممت ب " الأناشيد الوطنية " فجمعت في كتاب الأناشيد الشائعة من عام 1963 حتى اليوم ، والكتاب الثاني مع مؤسسة مفدي زكريا عن مراحل العمل بنشيده " قسما من الجزائر الى تونس ثم القاهرة ليكون من نصيب محمد فوزي بتلحينه .. والكتاب الثالث كان عن التجربة الإذاعية وفيه إضاءة على إذاعة الجزائر الحرة المكافحة " صوت الجزائر ". احببت أن أؤرخ لأشياء عشناها . وختم اللقاء كمال بو شامة الوزير السابق لعمله مع زهور ونيسي في لجنة الإعلام لجبهة التحرير ومحاولاته الكتابية الأولى في ذلك الوقت عندما كان صغيرا في جمعية العلماء المسلمين بشرشال : حيث اسسنا مجلة كتبت فيها . واستمريت بالكتابة بالفرنسية مع عبروس والطاهر جاووت . كما كتبت بالعربية في ملحق المجاهد الأسبوعي . وعندما كنت بالمحافظة كتبت بأسماء مستعارة "ابو اسما " بالفرنسي و " كمال الشريف " بالعربي، لانني انتقادي في كتابتي واقول الحقيقية بطريقة أخرى . وعندما جئت لوزارة الشباب والرياضة نسقت عملها مع زهور ونيسي ووزارتها للثقافة كتبت عدة كتب عن جبهة التحرير التي هوجمت كثيرا " وسميت أول الكتب " جبهة التحرير وسيلة وذريعة للحكم " لاتبعه ب " هل كانت جبهة التحرير وسيلة للسلطة " . وحتى الآن طبعت 23 كتابا . وفي كل كتاب كنت اطور نفسي واكتشف حتى أغلاطي السابقة . وكانت عندي الشجاعة الكافية والجرأة لاقول انني غلطت سياسيا وطلب المسامحة من أشخاص غلطت في تقييم آرائهم في تلك الفترة .