أشرف أمس وزير المجاهدين محمد الشريف عباس بمتحف المجاهد على تكريم الكاتبة والأديبة القديرة زهور ونيسي في احتفائية خاصة، بمناسبة صدور ''يومياتها'' التي أشرفت على كتابتها على مدار 15 سنة، لترى النور تحت عنوان ''زهور ونيسي عبر الزهور والأشواك.. مسار امرأة''. ثمنت أول وزيرة في الجزائر صدور مذكراتها في الذكرى ال50 لاستقلال الجزائر، والتي جاءت كما قالت من منطلق إيمانها بضرورة تسجيل بعض الأحداث والتجارب التي مرت عليها كجيل عايش الثورة التحريرية. وأضافت الأديبة بأن اليوميات جاءت لتعبر عن مرحلة معينة من تاريخ الجزائر من الحركة الوطنية إلى الثورة التحريرية، مشيرة إلى أنها تجربة متواضعة تضاف إلى تجارب سابقة لها، والمهم فيها هو كتابة الأحداث والمواقف بصدق كبير دون مبالغة وبمنهجية فيها دفء من الذاتية، داعية المؤرخين إلى غربلة الأحداث وكتابة تاريخ الجزائر. زهور ونيسي وهي تقدم مولودها الجديد بحضور كبير لشخصيات سياسية وأدبية وإعلامية صرحت بأنها كتبت مذكراتها وهي تتساءل هل يسقط الكاتب في فخ النرجسية والذاتية؟ وهل الزعيم وحده هو من يكتب؟ لتجيب عن تساؤلاتها بنفسها، قائلة: ''إذا كانت الكتابة فيها نوع من النقد الذاتي ونقد الآخر بكل نزاهة، فإننا لن نسقط في النرجسية''. ''زهور ونيسي عبر الزهور والأشواك'' كتاب يقع في 489 صفحة، صدر عن دار القصبة للنشر، تحت إشراف وزارة المجاهدين تروي فيه الوزيرة مسارها الطويل في الكفاح الثوري والتربية والتعليم والنضال الحزبي والسياسي، ومسارها في مجال الأدب، وكما تشير فإنها انطلقت في ''يومياتها'' من طفولتها حيث تروي قصة طفلة تعيش في قصبة قسنطينة، ومن خلالها صورت بؤس الحياة عند العائلات الجزائرية، العادات والتقاليد من أعراس وحفلات وجنائز، في حي ''سيدي جليس''، وسجلت أيضا صداقتها وهي طفلة مع يهود قسنطينة، مشيرة إلى أنه في ذلك الوقت لم تكن هناك أي نظرة عدوانية فيما بينهم، حيث لم تكن آنذاك فلسطين قد وقعت تحت أيدي الإسرائليين. من جهة أخرى، عرجت ونيسي في مذكراتها على التربية والتعليم في المدارس الحرة في قسنطينة والتي أسسها العلامة عبد الحميد بن باديس، إلى جانب الأساتذة الذين درسوها من بينهم الشيخ أحمد حماني، كما تحدثت عن الشباب، وما عايشوه من أحداث مفرحة ومحزنة، لتصل إلى الثورة التحريرية ومساهمتها فيها، قائلة بأن الثورة في البداية كانت مفروضة عليهم، وبعد مرور وقت أصبحت بمثابة الاختيار الجميل. الجزائر بعد الاستقلال أخذت حيزا في يوميات الأديبة زهور ونيسي، حيث تحدثت عن دراستها بالجامعة، وعملها في الثانوية، ومساهمتها في التأسيس للإعلام، وتعريب جريدة ''الشعب'' التي كانت تصدر باللغة الفرنسية، وكيف راهن المستعمر الفرنسي على أن لا يكون الدخول التربوي موفقا بعد الاستقلال، لتشير إلى أنه بفضل رجال الجزائر أمثال لمين بشيشي، محمد فارس، عبد الحميد مهري، وآخرين كان التوفيق، حيث كن كمجاهدات يدرسن من هم أقل منهن تعليما، ويتعلمن ممن هم أكثرهم تعلما. وعرجت ونيسي على المناصب التي اعتلتها من التعليم إلى البرلمان إلى مجلس الأمة، ثم الأدب والثقافة، مؤكدة على أنها من المؤسسين للأدب في الجزائر. وأشارت في ختام حديثها إلى أنها سجلت يومياتها دون تحفظ، حتى توصل للأجيال القادمة بأن الحياة صعبة، غير أنه بالعزيمة والإرادة يمكن تحقيق ما نصبو إليه، كما أن يومياتها معلم للأجيال القادمة، مشيرة إلى أنها حين كانت تكتب لم تكن تتشبه بأحد بل كانت نفسها تشبه نفسها، وتمنت في الأخير أن لا تكون هذه اليوميات إصدارها الأخير.