إعتمدت السينما السورية على الأدب السوري بشكل أساسي، وارتبطت بقوة بالراوية الأدبية، وبحثت في النصوص المعاصرة التي تعبر عن حساسيات المجتمع السوري، وانطلاقاً من عام 1968 إلى عام 1979، تم إنتاج 21 فيلماً روائيا، كان هناك 12 فيلما مقتبسا عن أعمال أدبية لأدباء محليين وعرب، ومنهم سعيد حوراني وغسان كنفاني وفاتح مدرس حنا مينا، سعد الله ونوس وأحمد داوود. إلا أن هذه النسبة تضاءلت بدءاً من عام 1980 إلى 1998،ويعود السبب إلى انخفاض الإنتاج الفني السينمائي، فمن أصل 21 فيلماً كان هناك خمسة أفلام مقتبسة عن أعمال أدبية لكل من صبري موسى وحنا مينا، لتعود وتنهل من الأدب عبرأفلام روائية أنتجها القطاع العام. البارحة عرضنا الأفلام المقتبسة عن أدب حنا مينة واليوم نتابع مع الأفلام السورية المقتبسة عن روايات لمبدعين آخرين: (السكين) 1971 أخرجه خالد حمادة عن قصة غسان كنفاني (ماتبقى لكم)، ويعالج جانباً من القضية الفلسطينية بشكل غير مباشر، و(الفهد) من إخراج نبيل المالح عن قصة بالإسم نفسه لحيدر حيدر وقد نال جائزة لجنة التحكيم في مهرجان دمشق الدولي لسينما الشباب عام 1972، وقصة الفهد قصة فلاح بسيط انتزعت منه أرضه في عهد الإقطاع ثم سجن وضرب في السجن بوحشية لا إنسانية فيها من قبل أدوات القمع آنذاك متمثلة بالدرك، ثم هرب من السجن ومعه بندقية إلى الجبال وهناك بدأ صراعه الدامي مع الدرك وعصابات الإقطاع. في ذلك الحين، لم تكن ظروف الثورة مهيأة، كانت عواطف الفلاحين معه، ولكن سيوفهم كانت ما تزال في أغمادها، ولهذا ظل وحيدا، ولكن الفلاحين أحبوه وما وشوا به إلى أن خانه المرتشي من السلطة الإقطاعية فسلمه، وشنق ذات فجر وكان وحيدا.كانت مشكلة بطل الفهد هي كونه وحيدا، وقد عاش مأساة الثائر الفرد عندما يفتقر إلى رؤية شمولية للأمور، الفيلم يصور مأساة الثائر الفرد الذي تمثل نقاطا مضيئة في تاريخ الشعوب تخبو بسبب عدم القدرة على الحركة والثورة عند الجماهير بسبب افتقارها للوعي، السياسي والطبقي. (المخدوعون) من إخراج توفيق صالح، عن قصة غسان كنفاني "رجال في الشمس" وقد حاز الجائزة الكبرى في مهرجان قرطاج الدولي الرابع وعدداً من الجوائز المهمة في مهرجانات سينمائية أخرى مختلفة، و العار: ثلاثية أنتجتها المؤسسة عام 1973 عن ثلاث قصص لفاتح المدارس: 1- رشو آغا: أخرجها بشير صافية باسم العبد ، 2- خيرو العوج: أخرج القصة وديع يوسف، 3- عود النعنع: أخرج القصة بلال صابوني، والمغامرة: إنتاج عام 1974 من إخراج محمد شاهين وهي مأخوذة عن مسرحية سعد الله ونوس مغامرة (راس المملوك جابر) يرصد الفيلم قصة تاريخية، محاولا إعطاء بعض التفسيرات المعاصرة لها من خلال تناول موضوع الصراع على السلطة بين خليفة بغداد ووزيره، إذ يحاول الوزير الإستعانة بجيوش الأعداء لنصرته ويستغل مملوك حارس موقف عدم استطاعة الوزير إرسال رسالة إلى العدو، فيقترح عليه أن يكتب الرسالة على رأسه بعد أن يحلق شعره، و يذهب الحارس في مهمته تحدوه أحلام كثيرة بالثروة والجاه والجواري ولكنه يكتشف بعد فوات الأوان أن الوزير طلب من العدو قطع راس حامل الرسالة، وبهذا تنتهي هذه المغامرة الإنتهازية إلى فشل. و«الأبطال يولدون مرتين لصلاح دهني» عام 1977، عن قصة علي زين العابدين الحسيني، وحبيبتي يا حب التوت عام 1978، ويقول مروان حداد مخرج الفيلم: إن اختياري لرواية أحمد داوود لم يكن اعتباطيا فلقد اخترت الرواية لأنني رأيت فيها مادة تصلح للعمل السينمائي وليس بنقلها كما جاءت في النص، هناك عدة قضايا استوقفتني في الرواية شعرت أنها تستحق أن يؤكد عليها، وخاصة تلك القضية التي تبرز كيفية سقوط الشاب الذي كان معلما في القرية وهو يتابع تحصيله الجامعي في الوقت ذاته، وكيف ينتقل إلى المدينة للعمل في إحدى الوزارات بعد أن يكون قد حقق في القرية العديد من الإنجازات، أهمها شق طريق رئيسية إلى القرية، ومجابهته لبقايا الإقطاع وأزلامهم، ويستمر الصراع في المدينة بعناصر أخرى، حيث إن هذا الشاب بحكم موقعه في الوظيفة ترتبط به مصالح العديد من كبار التجار الذين يعملون على احتوائه وشرائه وتحويله إلى أدواتهم. و(حسيبة) 2007 لريمون بطرس: كانت رواية (حسيبة) للروائي خيري الذهبي الفضاء الملائم ليحبو الحلم نحو الحياة في الشاشة الكبيرة، إلا أن تفاصيل (حسيبة) السينمائية، كما سعى إليها ريمون، كانت تضرب جذورها في عمق الحياة الدمشقية لتصير رسالة الحب إلى الشام، ووثيقة خلود للمدينة تضاف إلى أوابدها التاريخية وذاكرة نحو خمسة آلاف عام من عمرها.. إن الفيلم، كما الرواية المأخوذ عنها، يحتفي بالمكان بوصفه البطل الأول في الفيلم ومن خلاله سيسرد ريمون بطرس أحداث شخوصه في الفيلم إبتداء من السيناريو الذي كتبه عن الرواية، انتهاء برؤيته البصرية الخاصة لها. إن الفيلم، أقرب ما يكون إلى المرثية، فهو مرثية لحياتنا، حاول فيه ريمون بطرس أن يقدم عبر سرد بصري مدهش الوجه النسائي في محاولة الخروج من هذا التاريخ المرعب، والتقط المرأة السورية، وبالتالي العربية، في حالاتها الحادة تماما وكيفية الخروج من تلك الأزمة التاريخية، يقول ريمون: (في هذا الفيلم انتقلت للمرة الأولى من بيئتي حماة إلى دمشق، حباً بالرواية وحباً بالموضوع الذي طرحه الأستاذ خيري الذهبي، وقد أحببت أن أقدمه رسالة حب إلى الشام وأهلها وحجارتها وعمارتها وتاريخها، بوصفها اختزالاً لتاريخ عمره أكثر من خمسة آلاف عام، ورسالة الحب هذه حملها جميع العاملين في هذا الفيلم.يتناول فيلم (دمشق يابسمة الحزن) 2008 لماهر كدو، عن رواية إلفة الإدلبي، صبرية ومصيرها المأساوي الذي رسمته أعقاب بنادق المحتل الفرنسي من جهة والتقاليد الجائرة من جهة أخرى، أما فيلم (بوابة الجنة) فهو يتصدى مجددا للقضية الفلسطينية بكل أطيافها السياسية والإجتماعية والشخصية. فيلم «بوابة الجنة» لماهر كدو عن رواية حسن سامي يوسف عام 2009، يتناول الفيلم قصة عائلة فلسطينية تعيش في منزل معزول خارج إحدى المدن الفلسطينية، حيث تسيطر على رب الأسرة حالة من القلق وعدم الاستقرار النفسي، خوفاً على أسرته من إرهاب الصهيوني المحتل، كان هذا الأب قد رفع الراية البيضاء عام 1967 كي لا يهدم الإسرائيليون منزله، مما أحدث شرخاً بينه وبين أولاده، ولكن تجري الأمور لتأخذ شكلها الطبيعي في جو من القمع والتهديد المستمر من سلطات الإحتلال، حيث تبرز مقولة الفيلم النهائية وهي أن المقاومة هي الوسيلة الأساسية لتحرير الأرض. وعام 2012 فيلم (هوى) من إخراج واحة الراهب، مأخوذ عن رواية للكاتبة هيفاء بيطار تحمل الإسم نفسه، عن مدى ملامسة الفيلم العالم الروائي الجريء للكاتبة هيفاء بيطار، تقول المخرجة واحة الراهب: «الفيلم حامل جرأته وموضوعه، هناك أمور تم تخفيفها قليلاً، ولكن الفيلم يحمل بصمته وبصمة الجرأة الموجودة عند الكاتبة هيفاء بيطار، وقد حاولت أن أشتغل على السيناريو في مرحلة التقطيع الفني بما يخدم الفكرة الأساسية في الرواية».