قدم الطاقم التمثيلي للمسرح الجهوي لعنابة "عز الدين مجوبي"، عرضا مسرحيا يحمل عنوان "ميموزا الجزائر"، للمخرج "جمال مرير" مساء أول أمس بقاعة المسرح الوطني محي الدين بشطارزي. بعد مرور أربعين سنة من الكوابيس المؤرقة، مدة تحملت فيها "كريستيان" نظرات الناس المريبة وهمهماتهم الخفية حولها، تهربت فيها من ذكرى والدها "فرناند ايفتون" محاولة التحرر من طيف اسمه الذي يتبعها أينما ذهبت، بعد محاولات مستميتة قامت بها لنسيان شبحه وطرده من ذكرياتها، تقرر الإبنة العودة إلى الجزائر طلبا للمعونة من جدتها التي تحفظ سرشبح والدها، طلبا للحقيقة التي ستحررها من شكوكها ومخاوفها التي رافقتها طيلة حياتها لتنغص عليها عيشها. تلتقي الحفيدة جدتها التي ترفض الاستسلام للواقع، لا تزال تعيش في الماضي متشبثة بذكرى وحيدها الذي فارقها رغما عنها، رغم علمها أن ابنها قد قتل منذ أربعين سنة إلا أنها لاتزال تحافظ على نفس أسلوب الحياة الذي تعودت عليه العائلة قديما، الأثاث نفسه، تجهيزالأكل وتوضيب الملابس والفراش كل يوم.. مما يجعل المشاهد يتساءل إن كانت العجوز تتمتع بقواها العقلية أم أنها خرفت ؟ النص الذي ترجمه للعربية الكاتب "محمد ساري" يجمع بين اللغتين العربية الفصحى والفرنسية إضافة إلى اللهجة الدارجة، وهذا التنوع جعل الجمهور يتشوش ويتساءل عن سبب هذا المزيج الغير مبرر خاصة وأن بعض الكلمات لا تندرج في السياق الجزائري مثل "اللعنة". كما أن أداء الممثلتين "عايدة قشود" و«فاتن" لم يكن مسرحيا بقدر ما كان عرضا تقريريا للنص الذي تحفضانه، مما جعل الأداء سطحيا ومملا، يندرج ضمن البيوغرافيا أكثر من كونه عرضا مسرحيا. السينوغرافيا التي صممها "هبال البخاري" كانت رمزية، عبارة عن مكعبات بنية استخدمتها الممثلتان كبيانو وطاولة إلا أن باقي الديكور وضع لملء الخشبة وحشوها تفاديا للفراغ. أما الموسيقى التي صممها "محمد قشود" كانت غائبة عن العرض. يجدر التذكير أن المسرحية "ميموزا الجزائر" كتب نصها "ريشاردي مارسي"، وترجمها "محمد ساري" إلى العربية، و«آيت قني سعيد حسين" إلى الأمازيغية. تبناها المسرح الجهوي لعنابة ليعرضها بين العديد من ولايات الوطن، حيث وصل عرض أول أمس الرقم 25. وتتجه المجموعة نحو ولاية تيزي وزو لتقديمه بالأمازيغية. كما سيندرج ضمن العروض المشاركة في المهرجان الوطني للمسرح النسوي بعنابة بشهر مارس. سارة. ع قالوا للجزائر نيوز حول العرض المسرحي "ميموزا الجزائر": عايدة قشود "ممثلة مسرحية" والدة "فرناند ايفتون" جزائرية فرنسية ذات أصول إسبانية، كان تقمص الدور صعبا جدا في البداية ومازلت إلى الآن أشعر بالشخصيتين عند تأديته. أحس بالابن الذي قتل وبالأم وكيف تعذبت بذكراه وعاشت في هذا البلد وحيدة، لم تتقبل فكرة موته رغم مرور أربعين سنة عن الحادثة، تحاول دفن هذه الذكريات، إلا أن قدوم حفيدتها فتح الجرح من جديد لتخبرها عن حقيقة الأحداث. تأدية الدور جعلتني أشعر أن الأم "كلارا" فخورة وغاضبة من ابنها. وبالمناسبة أشكر شقيقته التي لا تزال حية حيث روت لنا العديد من القصص التي ساعدتنا على فهم شخصية الأم والاحساس بمشاعرها المختلطة. فاتن "ممثلة مسرحية" لما ألعب هذا الدور أنهار نفسيا بسبب صعوبته وتعقيده. "كريستسان" تعاني نقصا نحو شخصية والدها، عاشت حياتها تتهرب من اسمه فهناك من وصفه لها بالإرهابي بينما نعته آخرون بالخائن، مما جعلها تخجل من انتمائها إليه بسبب النظرات والهمهمات التي تلاحقها أينما ذهبت. وبعد مرور 40 عاما تقرر العودة إلى الجزائر لاكتشاف الحقيقة حول والدها وسبب موته... لم أواجه صعوبة كبيرة في تقمص الدور لأنني حاولت المقاربة بين شخصيتي وشخصية الفتاة فلدينا الكثير من نقاط التشابه. 3 أسئلة إلى "ليديا لعريني" مساعدة المخرج العرض كان أشبه ببيوغرافيا عن شخصية "فرناند ايفتون"، لماذا قدمتموه بهذه الطريقة؟ "فرناند ايفتون" كان مع قضية الثورة الجزائرية ولكن معظم الجزائريين لا يعرفونه ولم يسمعوا به من قبل. كان ضد الظلم وانضم للجزائريين رغم كونه فرنسيا، كان إنسانيا ولم يرغب في تفجير المصنع إلا بعد رحيل الناس حتى لا يقتل أحدا. ونحن بعرضنا هذا أردنا أن نكرمه ونرد له بعض الجميل بالتعريف بشخصه. لماذا اخترتم أن تجعلوا من السينوغرافيا رمزية؟ المخرج هو الذي أراد أن تكون السينوغرافيا بهذا الشكل، وطلب من السينوغرافي "هبال البخاري" جعل معظمها من المكعبات، حيث أراد أن يكون الديكور رمزيا لا واقعيا، وهذا لترك حرية التخيل للجمهور. الحوار بين الشخصيتين جمع بين اللغتين العربية والفرنسية إضافة إلى اللهجة الدارجة، لماذا هذا الخليط؟ مزجنا بين اللغة العربية الفصحى، اللهجة الدارجة، والفرنسية بسبب اختلاط الثقافة الجزائرية عامة وهذه العائلة خاصة، فالجدة فرنسية جزائرية وأصلها إسباني، بينما الحفيدة فرنسية جزائرية بأصول بولونية، وهذا المزيج يجعلهما تجمعان بين اللغات في حوارهما بسبب تأثرهما بمحيطهما.