أجمع الباحثون في هذه الندوة التي أدارتها ''الجزائر نيوز'' حول كيفية الحفاظ على التراث الموسيقي اللامادي، على ضرورة تحرك الجهات المسؤولة بحفظ هذا الموروث الثقافي مثل وزارة الثقافة ووزارة التربية وغيرها من الجهات المعنية، من أجل تعليم هذه الفنون التي تشكل جزءا من هويتنا، للأجيال الجديدة مع ضرورة جمعها والاحتفاظ بها للأجيال الجديدة· واعتبر المشاركون في هذا اللقاء أن مقاطعة بعض الفنانين والمثقفين المصريين للثقافة الجزائرية ليس بالسلوك السوي الذي يجب أن يكون بين شعبين شقيقين، بل ما يجمع بينها أعمق وأكبر بكثير من مجرد كرة مستديرة· عباس سليمان حامد السباعي (باحث ومؤلف موسيقي بجامعة الخرطوم): يجب استغلال الوسائل التكنولوجية لحفظ تراثنا··· وما يحدث بين مصر والجزائر لا يخدم مصالحهما نحن نعيش حاليا في عهد حضارة متقدمة وعهد التطورات التكنولوجية من تلفزيون وكمبيوتر وأنترنيت وفيديو، وهي وسائل كثيرة تسهل عمل الباحث في الفنون الشعبية، وبهذا سيسهل على الباحثين الراغبين في حفظ التراث الموسيقي الخاص ببلدهم القيام بهذا العمل، وذلك بجمع هذا الموروث وحفظه في مجموعة من الأقراص المضغوطة كي لا تندثر مع مرور السنوات ولكي نحتفظ بها للأجيال الجديدة· ولا يجب الاكتفاء بذلك فقط، بل يجب تدوين هذه البحوث في الكتب والمدونات بآلاته ورقصاته وأزيائه ليحفظ كمرجع للدراسات العليا والثقافة العامة لإيجادها بسهولة خلال البحوث، كما أن الفنون الشعبية تكمن أهميتها في عاميتها، ولهذا يجب أن تحفظ كما هي، وتدون بصيغتها الأصلية وتجمع في مجلدات خاصة· أما عن الأزمة التي تلت مباراة مصر والجزائر بالسودان، والتي أعلن من خلالها بعض المثقفين مقاطعتهم للثقافة الجزائرية، فلا أريد أن أتحدث عنها لأن ما يجمع البلدين أكبر بكثير من مجرد كرة قدم، ولهذا يجب أن ترجع العلاقة بينهما إلى ما كانت عليه من قبل، وكلا البلدين لا يستغني عن الآخر، وما يحصل الآن ليس أبدا في مصلحتنا· معتصم خضر عديلة (دكتور بجامعة القدس بفلسطين): التراث الموسيقي وسيلة للمقاومة التراث الموسيقي عموما والتراث الموسيقي الفلسطيني خصوصا يعتبر جزءا من هويته وارتباطه بالأرض، والأغنية الشعبية الفلسطينية تعتبر ضرورية في التعبير عن أحاسيس الفلسطينيين وآمالهم في مختلف المناسبات، وبالرغم من كل الظروف، ومعظم أغانينا الشعبية والتراثية كان للإستعمار أثره في صياغتها، لتظهر حياة الفلسطينيين المليئة بالقتل والحصار والسجن، ليحولوا مخاوفهم إلى أداة إبداعية لأغانٍ كثيرة تحولت إلى أداة مقاومة· وبما أن الجميع يعيش في عصر العولمة الذي يمتاز بأحادية الثقافة التي تهيمن عليها الثقافة الأمريكية، وردة فعل الشعوب هي الانحدار من ثقافتها، وها نحن نعيش حاليا في جيل بعيد عن التقاليد والتراث والمؤسسات الثقافية هي المسؤولة عن هذا التراجع، ولهذا يجب تدريس التراث الموسيقي للطفل كي نحببه له· أما فيما يتعلق بالأزمة بين مصر والجزائر ومقاطعة النشاطات الثقافية الجزائرية، وكمحايد أرى أنه لا يجوز أن تكون هناك مؤشرات تؤثر على علاقة الشعوب مهما كانت الأسباب، ولا يجوز للطرفين أن تكون كرة القدم سببا في العداء، فالثقافة والرياضة كلاهما يهدفان إلى رفع الذوق العام وتنمية حس المنافسة التي تقبل من خلالها الهزيمة أكثر من النصر، ولا يجب أن تؤثر الثقافة والسياسة، فقواسمنا المشتركة في التاريخ والحضارة أعمق بكثير من كرة· عبد الحميد بورايو (باحث جزائري): يجب استغلال الإمكانيات البشرية لحفظ تراثنا··· ويجب معاقبة من أساءوا إلى هويتنا ورموزنا التراث الموسيقي للشعوب يعتبر من التراث اللامادي، وهو في حاجة إلى عملية جمع ميداني وأرشفته تقوم بها مؤسسة كبيرة لها إمكانيات معتبرة، ولكن يجب الاستفادة أيضا من الإمكانيات البشرية المتخصصة لجمع هذه المادة القيمة من مختلف أنحاء الوطن، وهذا مع إمكانية استغلال التطورات التكنولوجية الرقمية لتسجيل هذا الموروث اللامادي والحفاظ عليه حتى يصل إلى الأجيال القادمة، وبلدان أخرى بدأت في هذا العمل الميداني وفي الجزائر لدينا نقص في عدد مراكز البحث، الجمع والتنظيم· أما عن إعلان بعض الجهات الثقافية في مصر عن مقاطعة النشاطات الثقافية في الجزائر فهو شيء محزن جدا، فالعلاقة بين الشعبين تاريخية ولغوية وثقافية وأعمق بكثير من ذلك، وفجأة يظهر من يمس بالهوية الجزائرية ورموزها وشعبها وتاريخها، وهذه مسألة وجود لم يكن يجب لمسها أبدا، وهذه الاهانة أدت إلى شرخ كبير بين الشعبين، ونأمل ألا يستمر الحال هكذا وأن تستمر العلاقة الوطيدة التي تجمع بين الجزائر ومصر مع ضرورة محاسبة من قالوا كلاما باسم الهيئات المعربة ومحاكمتهم خصوصا فيما يتعلق بهوية الشعب الجزائري· محفوظ خطاط (أستاذ بجامعة تونس): تقريب الشباب من فنهم الأصيل مسؤولية المدارس··· وأزمة الجزائر ومصر من دسائس أعداء العروبة هناك العديد من الأطراف المسؤولة على الحفاظ على التراث الموسيقي العربي، ونعني بالدرجة الأولى قطاع التعليم، ولهذا يجب أن نراجع جذريا طريقة التعليم وما يقدم من برامج لا تكاد تكون معنية بالحفاظ على هذا الموروث، فأغلب التلاميذ يدرسون الموسيقى الغربية أكثر من الموسيقى العربية، وهذا ما يشكل نوعا من الانقطاع عن الموروث الثقافي الخاص بشعوبنا، وكيف ننتظر أن يتم الحفاظ على هذا الموروث الذي يشكل جزءا من هويتنا، ونحن لم نقم بجهد تعليم الشباب أساسياته ولم نحببهم في فنهم الأصيل والخاص بهم· ولهذا لا يجب أن تبقى فكرة المحافظة على التراث الموسيقي مجرد شعارات، بل يجب البحث عن برامج شيقة للشباب تعلمهم كيف يميزون بين الأصيل والدخيل في المجال الموسيقي والعمل المطلوب ضخم، وهذا لا يكون إلا بوقفة حقيقية لمراجعة أنفسنا مراجعة حقيقية لنعود إلى برامجنا التعليمية· أما فيما يخص ظاهرة المقاطعة للمجال الثقافي الجزائري من طرف إخوانهم المصريين، فاعتبر أن هذه الظاهرة دخيلة ولا علاقة لها بالشعبين، واعتبر هذه الأزمة من الدسائس التي يعاني منها العالم العربي، ومؤسف أن نصل إلى فترة تتحكم الكرة فيها في صلة الأخوة التي تجمع الشعبين، فهذه خيبة المسعى ومسخرة كذلك، ونحن بهذا الشقاق بين الأشقاء نجعل أعداء العروبة يفرحون لهذه الزوبعة في فنجان·