لم يكن تصنيف مجلة "فوربس" الأميركية الشهيرة، ليسعد ربراب، ضمن أحد أكبر مليارديرات العالم مفاجأة بالنسبة لمن يعرف وزن إمبراطوريته الإقتصادية الواسعة الصيت، والتأثير داخل وخارج الجزائر، ولا أدل على صحة ذلك ترشحها لشراء شركة "فاغور" الفرنسية لصناعة الثلاجات بحسب الصحافة الفرنسية. وفي كل الأحوال، لم يكن انفراد صحيفتا "ليبيراسيون" و"لوموند" بنشر قائمة أسماء أثرياء العالم سبقا حقيقيا وكاملا، ما دامت قد قدمت أسماء الأثرياء التقليديين من الفرنسيين ومن غيرهم المنتمين إلى أجناس آخرى، وكما كان منتظرا فقد تصدرت قائمة الفرنسيين، العجوز ليليان بيتنكور، التي تتربع على عرش شركة لوريال للمواد التجميلية وتلاها برنار أرنو وفرنسوا بينو، واشتهر هذا الأخير باستثماره في متحف بإيطاليا بعد أن رفضت الجهات المعنية بمنحه قطعة أرض في إحدى الضواحي الباريسية. الفرق بين ربراب الجزائري والأمازيغي المفرنس، والفرنسيين الشهيرين اللذين يسيطران على عالمي تجارة الكماليات الفاخرة ليس فرقا ماليا في الصميم والجوهر، لكنه ثقافي بامتياز كما هو الحال عند مقارنته بأثرياء أمريكيين وغير أمريكيين من أصل يهودي في غالب الأحيان، والمعروف أن سوق المزادات العلنية الخاصة بالتحف واللوحات الفنية والآثار المختلفة، كلها في أيدي أثرياء يسوّقون للثقافة والفنون عالميا بشكل مدروس وغير برئ . الثقافة في حالة الأثرياء المذكورين وغير المذكورين الذين يستثمرون في الأعمال الإقتصادية والتجارية وفي المجالات التكنولوجية الحديثة المتعلقة أساسا بالإتصال، لا تأخذ معنى المفهوم الضيق للثقافة والتكنولوجيا كما يمكن أن يعتقد البعض وتتجاوزه باختلاطها وتداخلها بمفهوم العمل الخيري في كثير من الأحيان، كما فعل ومازال يفعل الفنان والمثقف النجم العالمي جورج كلوني بتشجيع وقناعة من والده، كما شهد بذلك جمهور برنامج "فيفمان ديمانش" الذي ينشطه النجم الآخر ميشال دروكير كل يوم أحد على قناة "فرانس تلفزيون" العمومية. وإذا كانت نوايا بعض الأثرياء غير إيديولوجية الخلفية والأبعاد في كل الحالات، فإن مجرد ارتباط أسمائهم بالجنس الذي يسيطر على العالم سياسيا، يحيلنا على المفهوم الشامل والواسع للدور الذي تلعبه الثقافة في تكريس الأمر الواقع السياسي، وما اختيار كلوني دارفور للبكاء على مأساة إنسانية إلا دلالة على صحة الإزدواجية الخيرية والثقافية غير البريئة في زمن مأساة الأطفال والنساء والشيوخ السوريين، الذين ماتوا جوعا على مرأى ومسمع هذا النجم المثقف وغيره من المثقفين الإنسانيين من أمثال بيل غايتس ملك ميكروسفت. العبرة من ترتيب ربراب ضمن قائمة أثرياء العالم(3,2 مليار دولار) ورغم تواضع ثروته مقارنة بالفرنسيين المذكورين والأمريكيين والصينيين والروس، تدفعنا للحديث عن مدى شرعية حلمنا بتصور هذا الرجل على رأس مشروع يستثمر في الثقافة ويقوم بأعمال خيرية في الجزائر العميقة، التي يقتات فيها الآلاف من الناس من مزابل الأوليغارشية الجديدة على الطريقة الروسية ويرعى المعارض الفنية، وهو الرجل الذي يتردد كثيرا على باريس عاصمة رفيقيه على درب المال والبزنسة ألا وهما برنار أرنو وفرنسوا بينو. حلمي يشمل حداد وبلاط وطكحوك وصاحب شركة مقاوس وآخرين، يتسلقون سلم الثراء في زمن قياسي يعيه بوتفليقة وشقيقه السعيد وتوفيق وسعيداني وبلعياط وقايد صالح وبن فليس وحمروش، وكل من ترشح تأييدا للعهدة الرابعة مختفيا تحت رداء المعارضة الشكلية أو مجسدا لمعارضة حقيقية، هل فكر أحدهم في توظيف ثروات أصحاب الشكارة سياسيا من خلال برامج تعطي قيمة لمشاريع إعلامية تعنى بالثقافة والفنون، وهل فكرت خليدة في استمالة ربراب وبلاط من أجل شراكة ثقافية يتعايش من خلالها الزيت والكشير مع لوحات فنية وأفلام ومعارض للفنون والكتب بعيدا عن شكارة التمويل النفطي، الأمر الذي يؤسس لتقاليد ثقافية وفنية لا تتناقض بالضرورة مع مفهوم التجارة كما يتم في بلدان أوروربية ليست رأسمالية على الطريقة الأمريكية، وعلى رأسها تأتي فرنسا صاحبة المسارح العمومية والخاصة الشهيرة. من يحب المسرح من أثرياء الجزائر المذكورين؟