يحتضن فضاء مصطفى كاتب معرضا جماعيا، يجمع بين مختلف الفنون الحرفية التقليدية والمعاصرة، تقدمه الفدرالية الوطنية للحرفيين الجزائريين بالتعاون مع مؤسسة فنون وثقافة، وسيستمر هذا المعرض إلى غاية 10 من هذا الشهر. الداخل إلى فضاء مصطفى كاتب تبهره الألوان والأشكال التي تملأ أرجاء القاعة. بعد الإمعان في النظر تفصل بين المعروضات، فتجد على اليمين رواقا مخصصا للملابس التقليدية التي تعرف بها مختلف الولايات من برانيس وفساتين أمازيغية وشاوية، إضافة إلى بعض الأشكال المصنوعة بالفخار. على الجهة اليسرى يعج المكان بمختلف المعروضات المتنوعة، ملابس تقليدية للكبار والصغار، صنادل وأحذية مصنوعة من الجلود، أواني وديكورات مصنوعة من النحاس، الفخار، الحلفة، والحديد، إضافة إلى معارض للوحات تشكيلية ومجوهرات مصنوعة بالفضة ومواد أخرى. كل عارض داخل الرواق الواسع لمصطفى كاتب يفتخر بأعماله الفنية أمام أقرانه، وكل منهم يتحدث عن مهنته للزوار بكل شغف وحبور عارضا عليهم المراحل التي تمر بها القطعة الفنية من مادة عادية لا شكل لها إلى غاية تحولها إلى تحفة تسلب الأنظار. المعرض المتنوع للحرف الذي جلب العديد من الزوار من الجزائر وخارجها، يتميز بالتنوع والإبداع، فإضافة إلى كثرة المعروضات فيه نجد العارضين من مختلف ولايات الوطن، أكبر حرفي في المعرض هو "الهاشمي بن ميرة" ويبلغ من العمر 72 سنة، له 52 سنة خبرة في ميدان صناعة الأواني والديكورات النحاسية. أما أصغرهم فهو "لياس" الذي يناهز ال 23 سنة، أبدعت أنامله في صناعة لوحات تشكيلية تصور الطبيعة وتعكس مناطق مختلفة علقت في أرجاء القاعة. ياسي رضا (مدير الفدرالية الوطنية للحرفيين) الفدرالية الوطنية للحرفيين تابعة للاتحاد العام للتجار والحرفيين، أنشئت في جانفي 2013، كانت فدرالية ولائية لتصبح لجنة وطنية لتحضير المؤتمرات، حيث أقمنا مؤتمرا مؤخرا في 5 أفريل بمقر الاتحاد العام للتجار والحرفيين، حضره ممثلو 35 ولاية، وبدأنا بعدها نشاطاتنا في مارس 2013. تسعى الفدرالية لانتشال الشباب من عالم البطالة عبر جلبهم وإعطائهم فرصة لإثبات إمكانياتهم. نعرض عليهم المهن الموجودة التي يمكنها أن توفر لهم حياة محترمة، وهي 412 مهنة يمكنهم الاختيار بينها ونحن على وشك إبرام اتفاقية مع وزارة التكوين المهني، نوجه الشباب ونحثهم على ولوج المراكز التعليمية وبعد تعلمهم للمهنة نوجههم للالتحاق بورشات ليعملوا مع أصحابها ونحن من يتدبر لهم العمل معهم. أقمنا فرعا يتأسس من 11 عضوا في كل بلدية، وعندما وجد الحرفيون أن الفدرالية جادة في عملها طالبوا بالانضمام إلينا وبدأنا ننظم المعارض لترويج المهن الحرفية والصناعات التقليدية في وسط المجتمع. اليوم وصلنا المعرض ال46. المشاركون من العديد من الولايات، نحن نخطط لفتح فرع في كل ولاية وخاصة الولايات الداخلية لنستكشف العائلات المنتجة التي لاتزال تحافظ على الصناعات التقليدية كإرث تتداوله بين أجيالها. ونريد أن نتواصل مع الحرفيين لنكتشف مشاكلهم. الحرفيون الذين انظموا إلينا حتى الآن من مختلف الولايات مثل بومرداس، بجاية، تيزي وزو... ولنا ثلاثة أهداف: التكوين، الترقية، والتسويق، الذي نعتبره أكسجين الحرفي فلولاه لتوقفت جميع الصناعات. أنا حرفي أيضا ولدي عملان، الأول في البناء والثاني في الزخرفة، لذا أعرف المصاعب التي يمر بها باقي الحرفيين، ولهذا نسعى إلى تنشيط معرض كل شهر، لا نريد أن تكون المعارض مناسباتية، ولا نريد أن تنحصر الحرف في المناسبات وحسب، بل نريدها أن تنتشر في بقاع الولايات الأخرى وحتى باقي الدول، لنعرف بالمنتوج الجزائري ونسمى بالتراث الذي خلفه لنا أجدادنا. تحت شعار تراثنا فخر لنا. نريد أن يخلق تواصل بين الفنان والحرفي. ولمن يريد الإلتحاق بنا مركزنا في 40/42 العربي بن مهيدي. منذ صغري كنت أجيد الرسم، نميت هذه الموهبة وطورتها ثم درست لسنتين فن السيراميك وتحصلت على شهادة خولتني الحصول على قرض لمؤسسة مصغرة. أنا أعمل في هذا المجال منذ 18 سنة، وكانت تجربتي مع فدرالية التجار والحرفيين ممتعة ومهمة لي. شاركت في مسابقة في إيطاليا لتمثيل المرأة الجزائرية في مهرجان مونتيلوبو للخزف، أعجبتهم منتوجاتنا التي لم يسمعوا بها من قبل، حيث زرنا ورشاتهم واستفدنا من عديد التقنيات التي يمتهنونها. الحرفي في بلادنا يعاني من مشكل في التسويق، فبعد أن يتمكن الحرفي من مهنة يجد تجارته راكدة. المجهودات التي تقوم بها الفدرالية هي التي ساعدت العديد من الحرفيين لبيع منتوجاتهم وقادتهم ليفرضوا أنفسهم في الساحة. أعمل في مجال صناعة الفخار منذ سبع سنوات، وقد فتحت ورشتي الخاصة منذ سنة تقريبا. تعلمت صنعة السيراميك واشتغلت مهنا مختلفة في العديد من المصانع. كنت أدرس وأعمل في الوقت نفسه، إلا أن الحظ لم يسعفني في دراستي فاتجهت إلى مركز التكوين في القصبة، تخصصت في الصناعات التقليدية، وبعد تحصلي على شهادتي عدت مرة أخرى بحثا عن التقنيات الجديدة، وفتحت ورشة بأموالي الخاصة وأنا مداوم على نشاطي. التقيت بالسيد "ياسي رضا" مدير الفدرالية الوطنية للحرفيين، واتفقت معه للانضمام إليهم، شاركت في العديد من المعارض التي نظموها. ونحن الآن نسعى إلى توجيه الشباب المهتم بتعلم حرفة ما كما نثقف الزوار عن كيفية صناعة هذه الأعمال التقليدية. مشكلتنا نحن الحرفيون تكمن في التمويل، الأموال التي يمولوننا بها غير كافية لشراء سيارات تحميل أو بناء ورشات مهيأة للعمال والآلات والمواد اللازمة. أعمل على الزجاج منذ أربع سنوات وهو حرفة جديدة نوعا ما مقارنة بباقي الحرف التقليدية في الجزائر. تعلمت من خلال العديد من الورشات التي شاركت بها فن المنمنمات، السيراميك، والرسم على الحيطان والزجاج. بفضل السيد "بلجوهر محمد"، أحد الحرفيين، انضممت للفدرالية الوطنية للحرفيين، التقيت به في معرض نظمته الفدرالية، وطلب مني أن أريه بعض أعمالي وأعجبته، ثم عرض علي السيد ياسي رضا الانضمام إليهم وأنا الآن عضو في الفدرالية رافقتهم في العديد من المعارض. تعاوني مع الفدرالية شجعني على الإبداع واستطعت بيع الكثير من قطعي الفنية، كما تحصلت على العديد من الطلبات لصناعة أشياء مخصصة، فرغم إعاقتي وكوني أعمل بيد واحدة إلا أنني أصررت على التميز حتى أوصل رسالة لأمثالي من ذوي الاحتياجات الخاصة، كل من لديه موهبة يجب عليه تنميتها ومشاركة العالم بها لا تحصروا أنفسكم في البيت وتستسلموا. أعيد تشكيل الحديد لأصنع أشكالا متنوعة تناسب ديكورات المنازل والمكاتب لمختلف المناسبات. أعمل في مجال تصميم الديكور منذ زمن طويل، وفي تشكيل الحديد منذ سنتين. جربت هذه الفكرة في بيتنا فأعجبتني النتيجة وقررت المواصلة في هذا المجال. لم أتعلم هذه المهنة في أي مكان آخر، هي موهبة نميتها وتميزت بها عن غيري. التحقت بالفدرالية منذ سنة، كانوا يعرضون منتوجاتهم في البريد المركزي أريتهم صورا لأعمالي فأعجبوا بها وعرضوا علي الانضمام إليهم. يجب أن أقر أن الفدرالية فتحت لي العديد من الأبواب، من ناحية تنظيم المعارض والإشهار الإعلامي عبر الجرائد والتلفزة. كما أنها ساهمت في ربطي مع العديد من الحرفيين الآخرين. نبيلة، ربيعة، ورفيقة زيتوني، ثلاث شقيقات الأولى مطرزة ملابس تقليدية، الثانية خياطة ملابس تقليدية، والثالثة تهتم بالتسويق في المعارض. يفرح الناس عند رؤية أعمالنا خاصة العجائز كوننا نحافظ على أصالة التراث. تعلمنا هذه المهنة منذ نعومة أظافرنا. والدتنا كانت خياطة ماهرة يشهد لها الجميع وقد أورثتنا حرفتها فترعرعنا على تقليدها. بعد أن تمكنا من الحرفة قررنا تطويرها، لم نبق على الشكل القديم بل حسنا فيه لنجعله أجمل وأبهى. الملابس التقليدية التي نصنعها نحافظ فيها على الشكل التقليدي وإذا أدخلنا عليها شكلا عصريا فهو يكون طفيفا يطغى عليه التراث ليبقي بصمته. انضممنا للفدرالية منذ حوالي سنة تقريبا، وقد تعرفنا فيها على العديد من الحرفيين من مختلف الولايات يبدعون في مختلف المجالات، وتطورت العلاقة بين الأفراد لتصبح عائلة كبيرة يسودها الجد والاحترام المتبادل بين الجميع. وقد ساعدتنا الفدرالية كثيرا خاصة من ناحية بيع منتوجاتنا. نحن متأكدات من جودة منتوجاتنا ولكن لم نحصل على الدعم المرجو للمضي قدما.