عرض بعض الحرفيين بعضا من أعمالهم اليدوية ب"ميدياتيك" الجزائر مؤخرا، ولئن كان الإقبال ضعيفا نوعا ما بشهادة العارضين، إلا أنهم اعتبروا المشاركة في معارض مشابهة "شرفا" لهم، إذ لا يمكن رفض دعوة جهة طلبت من حرفي التفضل بعرض منتوجاته اليدوية، كما أن المعارض المقامة هنا وهناك تساعد الحرفي كثيرا على تسويق أعماله. مثّل الحرفيون المشاركون في معرض الصناعة التقليدية ب"ميدياتيك" الجزائر، "دار الحرف التقليدية" لوادي قريش التي تضم 18 حرفيا يبدعون في مختلف الحرف التقليدية والصناعات اليدوية ويشرفون على تعليمها في ورشات مختلفة. يهدف هذا المعرض الذي تشرف على تنظيمه غرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية الجزائر إلى التعريف المتواصل بالتحف الفنية المصنوعة من مختلف المواد كالنحاس والسيراميك والزجاج والنسيج والجلد وغيره، إلى جانب عرض تشكيلة من الألبسة التقليدية من صنع السيدة قوسم التي أمضت أكثر من 30 سنة في هذه الحرفة. وحسب عدد من الحرفيين المشاركين في المعرض الجاري، فإنهم شاركوا في معارض كثيرة بولاية الجزائر خلال الصائفة الماضية، وقيموها بالمثمرة جدا، خاصة أن أغلب المعارض عرفت زيارة العديد من الأجانب والمهاجرين ممن يفضلون اقتناء "منتوج بلادي"، لهذا يوضح لنا الحرفي في الرسكلة الفنية، محمد بلجوهر، أن تخصيص فضاءات للحرفيين حتى يتمكنوا من عرض وتصريف منتجاتهم الحرفية هو أقصى ما يتمناه الحرفي حاليا، وتوافقه الرأي الحرفية في السيراميك، الآنسة بدرة حسيني التي ترى أن المعرض الجاري ب«الميدياتيك" سجل ضعفا كبيرا من حيث الإقبال والسبب حسبها - يعود إلى اهتمام الناس بعيد الأضحى المبارك. وقدم الحرفيون للجهات المعنية مقترحات تصب في ترقية الحرفة اليدوية، تخدم من جهة الحرفي، ومن ناحية أخرى الصناعة اليدوية المحلية بما يجعلها تنافس المنتوجات المستوردة، أي يتم تخصيص فضاءات لعرض الحرف التقليدية بكبريات المساحات التجارية في العاصمة، مثل ‘أرديس'، ‘برمي بلوس' و'غاليري ماما' بشارع العربي بن مهيدي، وكذا بساحة البريد المركزي التي يعتبرها الحرفيون محدثو "المساء" المكان الذهبي للحرفي، إذ تمثل ملتقى مفصليا في العاصمة يتوافد عليه المواطنون من كل مكان، حتى الأجانب والسياح. ولئن كانت الفيدرالية الوطنية للصناعة التقليدية والحرفيين تشرف على تنظيم معرض في هذا المكان خلال الموسم الصيفي، إلا أن الحرفيين يعتبرون هذا غير كاف "لأننا نبدع وننتج على مدار السنة، لكن إبداعاتنا لا تظهر إلا خلال شهر واحد في الصيف، وهذا لا يكفي"، يقول الحرفي محمد بلجوهر، لتضيف الحرفية بدرة من جهتها بقولها: "نريد مثلا فضاء خاصا بنا في المركز التجاري ‘أرديس' الذي يعرف على مدار السنة تنظيم العديد من الفعاليات لكن ليست تلك الخاصة بالصناعة التقليدية، ونحن نتمنى لو تأخذ الجهات المعنية اقتراحنا هذا بعين الاعتبار بما سيكون حافزنا القوي لنبدع وننتج أكثر"، وتضيف: "نحن نعمل بجهد كبير للحفاظ على حرفة يدوية تقليدية، فرغم الكثير من العراقيل وندرة وغلاء المواد الأولية إلا أننا لا نريد التخلي عنها، بل نسعى إلى تعليمها لغيرنا حتى نبقى أوفياء لحرفة الأجداد". وباقتراب شهر التراث والسنة الميلادية الجديدة، يقترح الحرفيون إقامة العديد من المعارض المتخصصة في أماكن مختلفة من ولاية الجزائر، ومنها مثلا بلدية سيدي أمحمد التي يقول عنها الحرفي بلجوهر بأنها لم تحتضن معرضا للصناعة التقليدية منذ أشهر، ويضيف بأن السنة الميلادية الجديدة تعتبر بالنسبة للكثيرين فرصة ثمينة لتبادل الهدايا، وهنا يؤكد على أن المنتوج المستورد، خاصة الصيني، لا يرقى إلى مصاف المنتوج الحرفي التقليدي"، لأننا كحرفيين نتواجد بعدة معارض مناسباتية ويمكن لأي شخص اقتنى منتوجا معينا وانكسر، أن يتقدم إلينا لنصلحه له، عكس المنتوج الصيني الذي كثيرا ما يتم إتلافه إذا انكسر لأنه غير قابل للتصليح"، تقول بدرة حسيني. من جهته، يقول الحرفي محمد بلجوهر المبدع في حرفة الرسكلة الفنية ومختص في صناعة قطع ديكورية جميلة للغاية بمواد مسترجعة من النفايات، بأنه اقترح مؤخرا على والي ولاية الجزائر، بمناسبة تظاهرة خاصة بالبيئة احتضنها شاطئ ‘الصابلات'، أن يخصص ورشة مخصصة للصناعات اليدوية مرة واحدة في الأسبوع تستقطب إليها الأطفال والشباب، "مثل هذه الورشة يمكنها أن تغير النظرة للحرف اليدوية وتجعلها مرغوبة لدى شريحة واسعة من الأجيال الصاعدة، ليس هذا فحسب، بل إن حاويات القمامة في الجزائر ستتغير حتما". نشير هنا إلى أن الحرفي محمد بلجوهر فاز مؤخرا بالجائزة الأولى في معرض للحرف اليدوية القائمة على النفايات المسترجعة.