أثارت عمليات الخطف التي قامت بها جماعة بوكو حرام النيجيرية بحق أكثر من 200 فتاة، وتأكيدها على أنها ستعاملهن بصفتهن "سبايا" وستقوم ببيعهن، استنكار القوى الدولية التي أكدت استعدادها للمساعدة في البحث عنهن، إلا أن السيناريوهات المتضاربة بشأن مكان المختطفات والطريقة التي ستحل بها الأزمة، تبقى محل تكهنات. وقال المختص في شؤون القاعدة، محمد أبو المعالي ل "سكاي نيوز عربية": "عمليات البيع التي تحدثت عنها بوكو حرام لن تكلل بالنجاح، رغم أنها قد تكون باعت بعض الفتيات بالفعل في المناطق الخاضعة لسيطرتها الميدانية". وأضاف: "أعتقد أن هناك سيناريوهات مختلفة للطرق التي قد تحرر بها الرهائن، أولها أن تنجح قوات الأمن بتحريرهن بالقوة، لكن الأمر قد يسفر عن مقتل بعضهن". وتابع أبو المعالي: "الطريقة الأخرى التي قد تخلص الفتيات من قبضة الجماعة هي أن يتم بيعهن بالفعل"، مشيرا إلى أن بعض عمليات البيع قد تكون مدبرة من قبل قوات الأمن لتحرير المختطفات. يذكر أن زعيم جماعة بوكو حرام أبو بكر شيكو، قال في شريط فيديو، الإثنين الماضي: "خطفت بناتكم" في إشارة إلى الطالبات ال 276 اللاتي خطفن من مدرستهن في شيبوك في ولاية بورنو في ال 14 أفريل الماضي، وتمكنت 53 منهن من الفرار، لكن نحو 223 لازلن في قبضة الحركة، حسب الشرطة. وأضاف أنه ستتم معاملتهن على "أنهن سبايا وسيتم تزويجهن بالقوة وبيعهن في السوق وفق شرع الله". واعتبرت 223 طالبة مفقودات وسرت أنباء بشأن احتمال نقلهن إلى تشاد والكاميرون المجاورتين، حيث سيتم بيعهن مقابل 12 دولارا لكل واحدة منهن. كما أعلن مسؤول محلي، أمس الأربعاء، أن آخر عملية خطف قامت بها بوكو حرام في بلدة وارابي بمنطقة غوزا في ولاية بورنو، ثم تلتها بلدة والا، شملت 11 فتاة. وعن الأسباب التي دفعت بوكو حرام لتنفيذ مثل هذه العملية، قال أبو المعالي: "هناك مجموعة من العوامل، أهمها يتعلق بفهم الجماعة المتطرف لتعاليم الدين الإسلامي". وتابع: "الجماعة تتصور أنها تعيش في الأيام الأولى للبعثة النبوية وبعصور السبايا والجواري، وهو خيال غير قابل للتطبيق، لقد أساءت بوكو حرام للدين الإسلامي بسبب جهلها بتعاليمه". واعتبر أبو المعالي أن العامل الآخر الذي دفع الجماعة لمثل هذه التصرفات "المتطرفة" يرتكز على "العنف المتطرف الذي لجأت إليه قوات الأمن النيجيرية بالتعامل معها". وقال: "العمليات العسكرية التي شنتها القوات النيجيرية على مناطق الشمال ذات الأغلبية المسلمة أودت بحياة كثير من الأبرياء، لذا فإن التطرف الحكومي قابله تطرف المتمردين". وعن تاريخ جماعة بوكو حرام والأسباب التي دفعتها للتحول من "جماعة دعوية" إلى جماعة تمارس العنف لفرض سيطرتها، قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية: "الجماعة مرت بأطوار عديدة، إذ تشكلت على هيئة جماعة دعوية بمنتصف التسعينيات، لكن منذ تولي محمد يوسف الزعامة عام 2002، تبنت أيديولوجيا أكثر تشددا تندرج بإطار السلفية الجهادية". وأضاف في حديثه: "بدأت الجماعة تزداد قوة عندما ذهب نائب الزعيم في ذلك الوقت أبو أسامة الأنصاري للدراسة في الخارج، ثم انفصل عام 2012 وكون جماعة تحمل اسم جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان". وتابع: "الجماعتان تعملان في الإطار نفسه، الذي يستند للقومية الإثنية والعرقية للهوسا، وتركزان على مناطق الشمال الشرقي لنيجيريا التي تعاني التهميش والفقر". وأوضح أبو هنية أن جميع نشاطات الجماعة تحولت للعنف بعد الاقتحام الكبير للأمن لمناطقهم عام 2009، مشيرا إلى أن تولي أبو بكر شيكو الزعامة في ذلك الوقت، وطد علاقات بوكو حرام بالقاعدة في بلاد المغرب وبالجماعات المتشددة جنوب الصحراء". يذكر أن عمليات بوكو حرام التي تسعى "لإقامة دولة إسلامية في شمال نيجيريا"، على حد تعبيرها، أسفرت عن مقتل 1500 شخص على الأقل منذ مطلع العام. وأعربت القوى الدولية رفضها واستنكارها لهذه العمليات، إذ قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إن بلاده ستفعل "كل ما بوسعها" لمساعدة نيجيريا في البحث عن الفتيات، بينما اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ممارسات الجماعة بأنه أمر مثير للاشمئزاز. من جانبها، طالبت مؤسسة الأزهر الشريف، أول أمس الثلاثاء، جماعة بوكو حرام النيجيرية بإطلاق سراحهن، قائلة: "إن اختطاف الفتيات لا يمت لتعاليم الإسلام السمحة والنبيلة بأية صلة".