شكل، تقييم مسار الإصلاحات التي باشرتها وزارة التربية الوطنية، أول أمس، والوقوف على أبرز المحطات، موضوع انتقاد المشاركين في اليوم الدارسي في ظل اختلاف موازين القوى والتوجه نحو العولمة· وقال، المكلف بالإعلام بمجلس ثانويات الجزائر، أن المنطق القائم على أن المدرسة العمومية للجميع قد زال بفعل السياسية المنتهجة والرامية إلى فتح الباب على مصراعيه لمجال خوصصة قطاع التربية وهو ما يعني ضمنيا تكريس مبدأ الهيمنة المالية، وتم الحرص على التذكير بأن الإصلاح يتم في إطار ضيق ينطلق من قاعدة هشة يتم فيها تغيبب الأساتذة والمعلمين وإغفال الوضع الاجتماعي لهذه الشريحة، مما يعني أنه يتم في ظل غياب مخطط عملي يضمن إشراك كل الفاعلين قصد تحسين الأداء والإرتقاء بالنظام التربوي· وقد عرف، الأستاذ الجامعي عادل عبد الرزاق، الإصلاح على أنه عبارة عن نظام أو طريقة مستوردة لمواكبة ما تفرضه العولمة التي تنص على وجوب الدمج بين التربية والإقتصاد، مستدلا في حديثه عن ذلك بارتفاع أسعار الإشتراكات التي يدفعها التلاميذ سنويا في الإمتحانات والكتب المدرسية· وانتقد المتحدث، المنهج المعتمد من قبل الوزارة والذي يرمي إلى تهميش التقارير المرفوعة من قبل اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية وعدم التقيد بنصوص الإصلاح حيث أن المشروع التربوي الذي يتم تحريره في النقاش ليس هو نفسه الذي يطبق في الواقع· فيما وصف البعض نتائج الإصلاحات ب ''الكارثية'' :المشاركون يجمعون على أنها سلسلة تجارب تمت بطريقة عشوائية ركزت، مجمل تدخلات المشاركين في النقاش الذي أثير حول موضوع إصلاح المنظومة التربوية والحصيلة التي تم التوصل إليها عقب تقديم عرض شامل عن سير الإصلاح التربوي وما انجر عنه من تغييرات مست المنظومة التربية في الجزائر على هامش أشغال اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس ثانويات الجزائر، بدار النقابات، بحضور نخبة من المتختصيتن في التربية والناشطين النقابيين وممثلي الأحزاب السياسية، ركزت على ضرورة إعادة النظر في الإصلاح المنتهج قصد تحسين أداء المدرسة العمومية بحكم أن ما يتم حاليا هو إصلاح شكلي لا جذري· الطاهر بسباس (نائب بالمجلس الوطني الشعبي): الإصلاح عبارة عن تجارب عشوائية ما يمكن قوله هو أن إصلاح المنظومة التربوية هو عبارة عن إصلاح ما يطبق من أجل إصلاحه، والدليل على ذلك أننا لم نجن ثمار الإصلاح بالرغم من شروع وزير التربية الوطنية في تطبيق عملي الإصلاح منذ 16 سنة، وهو ما يعني أنه يتم إخضاع التربية للتجريب ليتم بعدها إدراج تعديلات، وبناء على ذلك، فإن منظومة التربية أصبحت تخضع لتجارب تتم بطريقة عشوائية، وكل الناس تصف واقع المنظومة التربوية بالكارثي نظرا لضعف مستوى التلاميذ وكثافة البرامج·· الخ، وهو ما يحول دون تكوين أجيال متحكمة في وسائل علمية وتربوية· صدالي سالم (الأمين العام لنقابة التربية والتكوين): الإصلاحات التربوية حولت المدارس إلى ثكنات عسكرية أريد أن أشير إلى أن الإصلاح الجاري حاليا هو عبارة عن إصلاح شكلي وظاهري فقط لأن الأستاذ يجد عدة صعوبات في مزوالة مهنة التدريس التي يفترض أن تولى لها الأهمية باعتباره يساهم في تشكيل النخبة في المجتمع، فقد تحولت المدرسة إلى ثكنة عسكرية بفعل اكتظاظ الأقسام، ويتجلى ذلك في الواقع الذي تشهده أغلب المؤسسات التربوية، ولا تقتصر انعكاساته على الأستاذ فحسب، بل التلميذ كذلك، وهو ما يدفعني إلى القول أن الإصلاحات التي باشرتها وزارة التربية الوطنية لم تغير أي شيء في المنظومة التربوية· بوديبة مسعود (الأمين الوطني بالكناباست): غياب ضمانات نجاح المقاربات الجديد يضعف الإصلاح الإصلاحات التي باشرتها وزارة التربية الوطنية نابعة من نزعة شخصية إيديولوجية، تم من خلالها تغييب المرجع الأساسي الذي يتم الإرتكاز عليه، فتبني المقاربة بالكفاءات دليل على أنها تلجأ لاستيراد مناهج لم يثبت نجاحها في تحسين الأداء التربوي أو وجود ضمانات علمية تنص على أن هذه الطريقة ناجحة، علاوة على عدم تهيئة أرضية عامة لتطبيق هذه الإصلاحات· (أستاذ بالتعليم التقني والثانوي تخصص هندسة ميكانكية) الإصلاح أفرغ البرامج من محتواها العلمي ما يمكن قوله في هذا المقام هو أن الإصلاح أفرغ النظام التربوي من محتواه وخير دليل على ذلك هو البرامج الدراسية المقررة بداية كل موسم جديد، فقد أصبح ما ندرسه عبارة عن ثقافة عامة تكرس منطق العلم الذي لا ينفع لتثبت بذلك القاعدة الشرعية القائلة أننا ندر علما لا ينفع، فأغلب البرامج الموجهة لتلاميذ الطور التقني، خاصة التخصص الذي أدرسه وهو الهندسة الميكانيكية أفرغت من محتواها العلمي· (أستاذة في التعليم الثانوي تخصص مادة الرياضيات) أريد أن أقول أنه لا جدوى من إصلاح المنظومة التربوية في ظل اعتماد مبدأ يتناقض مع مجانية التعليم أولا، وعدم تكيف الفاعل الحقيقي وهو الأستاذ الذي يعد حلقة أساسية في مخطط التربية لأنه يتقلد دور المعلم والمربي نظرا لعدم تحكمه في الآليات التي ينص عليها الإصلاح الجديد، حيث نجد أن تقديم درس في مادة الرياضيات، بحكم أنها تخصصي، يستدعي توفير آلة حاسبة لا تقل تكلفتها المادية عن 03 مليون دينار دجزائري، فكيف يمكن تفسير ذلك في ظل انعدام الإمكانيات وضعف قدرة التلميذ على توفير ذلك· عادل عبد الرزاق ل''الجزائر نيوز'': ''نحن بحاجة إلى تطبيق سياسة تربوية تخدم المجتمع'' يبرز عضو باللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية، والأستاذ بجامعة خنشلة عادل عبد الرزاق في حديثه ل''الجزائر نيوز''أن تطبيق سياسة إصلاح المنظومة التربوية، يتم في ظل الغياب التام للتشخيص الحقيقي لواقع قطاع التربية في الجزائر وأن مواكبة العولمة تفرض تغليب منطق الاستثمار في هذا القطاع عن طريق تبني منطق اقتصاد السوق الرامي إلى تهميش المدرسة العمومية· هل تبنّي فكرة إصلاح المنظومة التربوية يعد استجابة لمنطق اقتصاد السوق؟ أريد أن أشير إلى أن اقتصاد الجزائر هو فرع من الاقتصاد العالمي وبالتالي فإن مواكبة العولمة تفرض علينا دمج مختلف القطاعات في مجال الاستثمار بحكم أن المنطق السائد عالميا هو توسيع الربح ويعد قطاع التربية من بين القطاعات التي تخصص لها الدولة ميزانية ضخمة، وبناء على ذلك برزت فكرة الاستثمار في هذا المجال الذي يتجه إلى تحرير من السلطة العمومية، ومن هذا المنطلق أصبحت تربية الأولاد التي ترتبط بمفهوم بناء وتكوين الشخصية يخضع لآليات السوق الاقتصادي، أي تغليب الاقتصاد على حساب القواعد التربوية ودحض فكرة جماهيرية التربية التي كانت سائدة سابقا· هل يعني ذلك تهميش الأسس التربوية التي تاتي في المرتبة الأولى ضمن مهام المؤسسات التربوية؟ جوهر الإشكال المطروح حاليا يكمن في أن إصلاح المنظومة التربوية يرتكز على تفضيل المضامين المالية والاقتصادية على حساب تربية التلميذ وبناء شخصيته وتكوين ثقافة أساسية لدى الطفل، بحكم أن الإصلاح لا يتم تسييره وفق مشروع اجتماعي يصبو إلى تحرير المجتمع بتكريس ثقافة ديمقراطية، وعلى صعيد آخر يمكن القول أن تنصيب اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية يأتي بهدف التمهيد للرأي العام وتهيئته لتقبل هذه الإصلاحات، والدليل على ذلك أن التقارير التي ترفعها اللجنة المكلفة بإعداد هذا المشروع لا تؤخذ بعين الاعتبار في أغلب الأحيان· ما نتيجة إصلاح المنظومة التربوية في ظل التغييب التام للفاعلين الحقيقين في قطاع التربية؟ أريد أن أقول أن الخطاب السياسي المعتمد سلبي يرتكز على تراجع مستوى التلميذ لضعف تكوين الأستاذ، حيث نلاحظ أن هذه الإصلاحات تتم في ظل الغياب التام للتشخيص الحقيقي لقطاع التربية، وحقيقة فإن الفاعل الحقيقي مغيب تماما في إصلاح منظومة التربية، فالأستاذ والمعلم يعتبران وسيلة في يد السلطة، كما أن هذه الفئة مجبرة على الخضوع لأنماط تقنية وتكوينية وإدارية، مما يستدعي تكوين الأساتذة بصفة دائمة وإعادة رسكلتهم. وبناء على ذلك تمارس الإدارة سلكتها المطلقة والتعسفية لتحقيق احتياجات الإصلاح· ما تأثير ذلك على تكوين التلميذ؟ هذا الوضع يجعل التلميذ يدرس وفق نموذج لا يستجيب لمعايير تكوين الشخصية وبنائها، ما يعني إدخالة في قالب ضيق وتقييده باستهلاك معرفة محددة بعيدة عن التساؤلات التي يستمدها من المحيط الذي يحتاج إلى التكيف معه· هل تحرير قطاع التربية لاقتصاد السوق يعني زوال المدرسة العمومية؟ الهدف الأساسي من إصلاح المنظومة التربوية هو تهميش المدرسة العمومية وليس زوالها، وفرض شبكة حديثة من المدارس تنشط في حقل سلعي يندرج في نطاق المنافسة لتصبح بذلك المدرسة العمومية مسيرا لعامة الناس والعاجزين ماديا، بينما يتم تشكيل حقل حقيقي في مدارس تستند على مبدأ تلبية احتياجات السوق وفق ميكانزمات محددة، مما يفرض الحاجة إلى تبني سياسة تربوية تخدم المجتمع·