هو الناجي الوحيد من المجزرة التي ألمت بعائلة الداية بحي الزيتون إثر قصف حوّل منزل العائلة إلى حطام·· هنا شهادة عن أبشع صور الإجرام الإسرائيلي بداية، لقد عانينا معاناة كبيرة في حي الزيتون بعد أن بدأت إسرائيل حربها على غزة بالطائرات الحربية بتاريخ 27 /12 /2008 ، وازدادت المعاناة بشكل أكبر بعد أن بدأت مرحلة الهجوم البري على حي الزيتون بتاريخ 03 / 01/ 2009، حيث كانت قذائف الدبابات تتساقط فوق منازل المواطنين في حي الزيتون· أما بالنسبة لقصة المجزرة التي ارتكبها جيش الإحتلال في حق عائلة الداية، فهي كالتالي: مع بزوغ صباح يوم الأحد الموافق ل 04 / 01 / 2009 ، سمعت من بعض الجيران أن جيش الإحتلال هدد بقصف منزل يقع على بُعد 50 متراً من منزلنا في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وتعود ملكية هذا المنزل لعائلة (شتيوي)، عندها ذهبت إلى صاحب المنزل وسألته عما يردده الجيران بأن المنزل مُهدد، قال لي: ''حتى اللحظة لم يتم إخبارنا من قِبل الصليب الأحمر بأن المنزل مُعرض للقصف ولكن سوف أخلي أهل البيت من باب الإحتياط''، عندها شعرت بالقلق الشديد وذهبت للمنزل وطلبت من الأهل أن يخلوا المنزل, وأن يلجأوا إلى منزل عمي ''جهاد مصباح الداية'' بحي الصبرة غرب حي الزيتون خوفا من أن نتضرر من قصف منزل عائلة شتيوي· فخرجت عائلتي من البيت وكانت تتكون من 25 فردا من عائلة الداية بين أطفال ورجال ونساء، وتوجهت إلى حي الصبرة وكان ذلك يوم الأحد الموافق 4 /1 / 2009 ، حيث في ذلك الوقت كانت الحرب على ضراوتها، فالطائرات الحربية تستهدف المنازل والمقرات الأمنية، والدبابات تتقدم من عدة محاور باتجاه مدينة غزة· مكثنا في منزل عمي ''جهاد'' يوماً واحداً، وبعدها عُدنا إلى منزلنا بحي الزيتون، فشاهدت المنزل الذي كان يتوقع أصحابه أن يتم قصفه، شاهدته كما هو ولم يُقصف من قِبل طائرات الإحتلال، فشعرت بالاطمئنان بعض الشيء، حيث دخلنا المنزل بعدها لنرتاح فيه وكان ذلك يوم الإثنين الموافق 5/ 1 / 2009· مر علينا الوقت ونحن نسمع أصوات الإنفجارات الناتجة عن إطلاق الدبابات الإسرائيلية لنيرانها باتجاه منازل المواطنين، وكنا داخل المنزل نتابع الأخبار عبر الراديو، وكنت قد سمعت أن الدبابات الإسرائيلية قد تقدمت كثيرا في حي الزيتون· بعد ذلك، خرجت من المنزل وتوجهت إلى أحد الأصدقاء، حيث يقع منزله في محيط منزلي، بمعنى أنه لا يبعد كثيرا عن بيتي· جلست عنده إلى أن سمعت صوت صلاة الفجر (فجر يوم الثلاثاء) الموافق 6/ 1/ 2009، فخرجت من بيته وتوجهت إلى منزلي، وواجهت صعوبة في الوصول إلى منزلي لأن الطائرات الحربية كانت حينها تستهدف أي شيء يسير على الأرض· عندما وصلت المنزل، شاهدت والدي ''فايز مصباح هاشم الداية'' عائداً من المسجد بعد أن أدى صلاة الصبح، وبرفقته شقيقي ''رضوان الداية''، وكانت الساعة حينها في تمام الخامسة وأربعين دقيقة من صباح يوم الثلاثاء الموافق 6/ 1/ 2009· بعد ذلك أردت الصعود إلى شقتي التي تقع بالطابق الثالث من منزلنا الذي كان مُكوناً من أربعة طوابق وفيه سبع شُقق، فشاهدت والدتي تقف أمامي وتقول لي: ''بدل ما إتنام فوق نام عند أخوك رضوان في الغرفة اللي تحت خوفا من إنه اليهود يقصفوا منزل أل شتيوي وتتعرض للخطر''، فقلت حينها: ''ماشي أنا بدي أنام عند أشقائي رضوان ورضا''، وهما توأم، وبعد ذلك دخلت الغرفة، فشاهدت رضوان يجلس فوق سريره ولم أشاهد شقيقي رضا، فسألت ''رضوان'' عن ''رضا'' فقال لي: ''خرج ولا أعرف أين ذهب''· جلست مع رضوان ودار حديث بيننا في بعض الأمور وبعد دقيقتين سمعت صوت انفجار كبير هز أرجاء المنطقة، فهرعت من الغرفة التي كنت أجلس بها إلى صالة المنزل، فشاهدت الأطفال يصرخون من شدة الخوف وكانت علامات الخوف ظاهرة بوضوح على وجوههم، عندها حاولت أن أهون عليهم لأخفف عنهم، وكانت غالبية من الأهل متواجدة في الطابق السفلي للمنزل لأنه أكثر أمناً من الطوابق العلوية· وكان ذلك الانفجار ناجماً عن صاروخ أطلقته طائرة استطلاع على مجموعة من المواطنين كانوا متواجدين على بُعد مائة متر غرب منزلنا· بعدها مباشرة رجعت إلى الغرفة التي كنت بها وجلست على السرير برفقة شقيقي رضوان، فسمعت صوت انفجار آخر قريب جداً، حيث اهتز البيت بأكمله، وتفتحت نوافذ الغرفة التي أجلس بداخلها برفقة شقيقي رضوان، بطبيعة الحال عقب وقوع الانفجار الثاني خرجت من الغرفة فتفاجأت بأنني شاهدت والدي يقف أمامي وسمعته يقول لي: ''وين رايح؟'' فقلت له: ''صوت الانفجار قريب جدا وبدي أطلع أشوف وين القصف هذا'' فقال لي: ''إنت خليك عند أخوك وأنا بأطلع أشوف وين القصف''، وأدخلني والدي إلى الغرفة وقام بإغلاق نوافذ الغرفة التي تفتحت نتيجة الضغط الناتج عن الانفجار ومن ثم قام بإغلاق باب الغرفة خلفه· بعد أن خرج والدي من الغرفة وقام بإغلاق الباب خلفه تفاجأت بعدها بأنني موجود على بُعد عشرة أمتار خارج المنزل (من الناحية الشمالية) الذي كنت أجلس بداخله ولا أعرف كيف، فلم أسمع صوت انفجار ولا أصوات طائرات، وشعرت بأنني أعيش حلماً، بطبيعة الحال لم أعرف أنه قصف بالبداية، حيث فقدت الوعي لنصف دقيقة تقريباً وصحوت على صوت شقيقي رضوان وهو يقول: ''لا إله إلا الله···لا إله إلا الله''، حيث كان مُلقى بجواري خارج المنزل على بُعد عشرة أمتار، بعدها فجأة سكت شقيقي رضوان ولم أعد أسمع له أي صوت، حينها عرفت أن المنزل تم استهدافه من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفيما بعد فقدت الوعي ولم أصحُ إلا في مستشفى الشفاء· تم معالجتي عندما وصلت مستشفى الشفاء، حيث أصبت بحروق في الوجه والكتفين والقدمين، كما أصبت في أذني اليسرى، حيث لم أعد أسمع بها كما كنت من قبل· بعدها شاهدت عدداً من الأقارب الذين هرعوا إلى مستشفى الشفاء بعد أن سمعوا أن منزل عائلة الداية بحي الزيتون قد تم قصفه، وعرفت منهم أن منزلنا المكون من أربعة طوابق قد تم تدميره بالكامل وتمت تسويته بالأرض، والكارثة الأكبر عندما عرفت أنني أنا الناجي الوحيد من القصف، حيث استشهد كل من: والدي فايز مصباح هاشم الداية· 5/3/1948· والدتي كوكب سعيد محمود الداية· 3/6/1951· شقيقي رضوان فايز مصباح الداية· 29/6/1986· وشقيقتي صابرين فايز مصباح الداية· 11/12/1984· شقيقتي رغدة فايز مصباح الداية· 27/10/1974· كما استشهد شقيقي إياد فايز مصباح الداية 3/8/1973، وزوجته روضة هلال حسين الداية 11/2/1977، وأبنائهما: علي إياد فايز الداية 6/9/1998· ختام إياد فايز الداية 14/4/2000· الآء إياد فايز الداية 28/1/2002· رابعة إياد فايز الداية 20/6/2006· شرف الدين إياد فايز الداية 5/2/2004· محمد إياد فايز الداية 28/5/2008· كما استشهد كل من: رامز فايز مصباح الداية 14/6/1982وزوجته صفاء صالح محمد الداية 2/8/1988، وأبنائهما: براء رامز فايز الداية 4/7/2007· سلسبيل فايز مصباح الداية 28/8/2008· واستشهدت أسرة شقيقي محمد فايز الداية الذي كان خارج المنزل ساعة وقوع الحدث، وتتكون أسرته من: تزال إسماعيل محمد الداية 24/11/1980، وهي زوجة (محمد فايز الداية) وأبنائها: أماني محمد فايز الداية 14/5/2002· قمر محمد فايز الداية 8/10/2003· أريج محمد فايز الداية 16/2/2005· يوسف محمد فايز الداية 28/10/2006· والجنين في بطن والدته، حيث كانت والدته (تزال) حامل في الشهر السابع، وكان من المقرر أن يُسمى فايزاً على اسم جده الكبير· وبذلك تكون عائلة الداية قد ودعت صباح يوم الثلاثاء الموافق 6/1/2009، ثلاثة وعشرين شهيدا بينهم جنين في بطن والدته· وعرفت من الأقارب أن طواقم الإسعاف استغرقت يومين وهي تنتشل جثامين الشهداء الذين ارتقوا، حيث تم العثور على والدتي مُلقاة على بُعد مائة متر عن المنزل، كما تم العثور على شقيقتي صابرين مُلقاة على بُعد 70 متراً من المنزل، فيما لم يتم العثور على إحدى عشرة جثة من شهداء عائلة الداية الذين ارتقوا في القصف، حيث تأكد لنا فيما بعد أنهم صُهِروا بفعل قوة انفجار الصاروخ الذي استهدف منزلنا، ولم نتمكن من بناء قبور لهم· أما الذين لم يتم العثور عليهم فهم: -- شقيقي رامز وأسرته المكونة من ثلاثة أفراد (زوجته وبنتيه براء وسلسبيل)· -- شقيقتي رغدة· -- زوجة شقيقي محمد (تزال) وأبناؤها الخمسة· بعد أن انتهت الحرب جاءني أحد العاملين بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، حيث تم توكيل المركز برفع قضية ضد مجرمي الحرب· والآن ليس بإمكاني أن أفعل شيئا سوى حسبنا الله ونعم الوكيل·