يبدو أن الغضبة الديبلوماسية الجزائرية إزاء الولاياتالمتحدةالأمريكية في طريقها لإعطاء نتيجة فورية، فقد سلمت السلطات الأمريكية آخر جزائريين لديها في معتقل غوانتانامو، في الوقت الذي تقدم فيه الجمهوريون بمشروع قانون للكونغرس الخميس الماضي يقضي بوقف تسليم سجناء غوانتانامو وعدم تسليمهم لدول مشكوك في دعمها للإرهاب، فهل هي بداية إخراج الجزائر من القائمة السوداء للدول التي تشكل خطرا إرهابيا؟ يتعلق الأمر بحسن زميري وعادل الهادي بن حمليلي اللذين تم تسليمهما للسلطات الجزائرية أول أمس، حسبما أكده بيان الخارجية الأمريكية الذي ذكر أن التسليم تم بالتنسيق بين حكومتي البلدين، ما سمح بتنفيذ التسليم في ظروف أمنية جيدة· يأتي هذا التسليم عشية التاريخ المقرر من طرف إدارة باراك أوباما لغلق المعتقل، غير أن التطورات الأخيرة في مجال محاربة الإرهاب دفعت بإلادارة الأمريكية إلى تغيير أولوياتها، وبالتالي تأجيل الغلق لتاريخ آخر· أما فيما يتعلق بالعلاقات الجزائريةالأمريكية، فإن هذا التسليم يعد خطوة إيجابية نحو تحسين العلاقات التي عرفت برودة في الفترة الأخيرة بسبب إدراج الجزائر في القائمة السوداء من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية· الجدير بالذكر أن ملف سجناء غوانتانامو شهد العديد من التوتر في العلاقة بين البلدين، على اعتبار أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ظلت لفترة طويلة ترفض تسليم الرعايا الجزائريين السجناء لديها، حيث أنها كانت تطالب السلطات الجزائرية القيام بتزويدها بمعلومات مراقبة دورية لهؤلاء السجناء في حال تسليمها إياهم للسلطات الجزائرية، وهو ما اعتبرته هذه الأخيرة تدخلا في سيادتها· وقد سبق للسلطات الجزائرية أن استقبلت عددا من السجناء الذين تمت إعادة محاكمتهم محليا، في حين أخلي سبيل الباقين، مع العلم أن عدد الجزائريين الذين قضوا سنوات في سجن غوانتانامو هو 26 من بينهم ستة حاملين للجنسية البوسنية· وقد تم إخلاء سبيل ما لا يقل عن عشرة منهم لعدم ثبوت ضلوعهم في أي نشاط إرهابي، مثلما كان الحال مع الأخضر بومدين، الذين قضى ما يقارب سبع سنوات في غوانتانامو قبل الإفراج عنه بعد تبرئته· ومن المنتظر أن يمثل كل من حسن زميري وعادل حمليلي أمام القضاء الجزائري في غضون الأسبوع الحالي بعد إجراء استجواب معهم· وحسب المعلومات الأولية، فإن محاكمة السجينين، ستطول هذه المرة بالنظر لتوفر معلومات عن تورطهما مع جماعات متشددة، فقد تم إلقاء القبض على حسن زميري في أفغانستان عام 2001 من طرف الجيش الأمريكي بعد قدومه إليها من كندا، حيث كان طالبا للجوء السياسي· وذات الأمر ينطبق على عادل حمليلي· ويبقى أنه على القضاء الجزائري أن يصدر حكمه في حقهما في الأيام القليلة القادمة·يتزامن إذن هذا التسليم مع تصاعد أصوات الجمهوريين المنددة بما باتت تسميه تساهل حكومة باراك أوباما في محاربة الإرهاب، وهو ما دفعها للمطالبة بعدم السماح بتسليم سجناء غوانتانامو لأي دولة مشكوك في تقاعسها عن محاربة الإرهاب، ما يعني أن تسليم الولاياتالمتحدةالأمريكية للسجناء الجزائريين اعتراف ضمني بمكانة الجزائر في محاربة الإرهاب وإقرار بالدور الذي ما فتئت تقوم به·