انتقد، أمس، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، محمد العربي ولد خليفة، الدوائر الإدارية والقطاعات الوزارية، اقتصارها على تحرير الوثائق الرسمية والخطابات باللغة الأجنبية، في مقدمتها اللغة الفرنسية، بالرغم من أن المجلس قدم أدلة دقيقة ومفصلة لمساعدة مختلف القطاعات ذات الصلة بالجمهور على استعمال اللغة العربية على غرار دليل الوسائل العامة، ودليل وظيفي في تسيير الموارد البشرية، لإسقاط حجة عدم استعمالها، محملا مسؤولية تكريس ذلك إلى الرأي العام الذي يفترض به أن يضغط على هذه الإدارات لتغيير الوضع· وقال رئيس المجلس الأعلى للغة العربية على هامش اليوم الدراسي الذي اتخذ من موضوع ''أهمية العمل الجواري لترقية اللغة العربية'' الذي تم تنظيمه بثانوية حسيبة بن بوعلي بالعاصمة، أن اللغة العامية موجودة في كل اللغات، وأن الاعتقاد السائد لدى عامة الناس بأن كل وثيقة يتم ملأها باللغة العربية غير مقبولة، هو اعتقاد ''خاطئ'' يكرس مبدأ اعتماد مختلف إدارات الدولة على لغات أخرى غير العربية، مؤكدا أن المجلس يعمل على ترقية استعمال اللغة العربية التي ''يطالها ''التلوث'' والتشويه في الخطاب اليومي لم يشهد له مثيل من قبل، بالتركيز على جبهتين تتمثل الأولى في تفعيل حوار الأفكار، وعقد الملتقيات والأيام الدراسية، أما الجبهة الثانية فتتمثل في إصدار أدلة نذكر منها دليل المحادثة الطبية، دليل وظيفي في التسيير المحاسبي والمالي المستعملة بكثرة من قبل الإدارات العمومية، ويجري حاليا إعداد دليل لأساتذة وتلاميذ المرحلة الإكمالية والثانوية قصد توحيد المصطلحات والمفاهيم في علوم الطبيعة والفيزياء والكيمياء بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية· أما عن واقع استعمال اللغة العربية، فقد أضاف رئيس المجلس أن المشكل أساسا يطرح في استعمالها، وأنها لغة وظيفية جامعة وموحدة وعلى الجهات المعنية من وزارات وجمعيات الاهتمام بترقية استعمال اللغة العربية على نحو يؤدي إلى الجمع والتوحيد بين الجزائريين، مشيرا إلى أن اللغة العربية تفتقر للمصطلحات الحديثة، مستدلا في حديثه بالقول ''أننا لا نستطيع أن نترجم كل ما يجري من أحداث في العالم إلى اللغة العربية بحكم وجود صعوبة في وضع المصطلحات واستعمال الكلمات''· وقال أن النخبة ممثلة في الأساتذ الجامعيين والطبقة المثقفة في المجتمع هي التي تكرس الشرخ الموجود، بحكم أن البعض منها يستعمل اللغة العربية والبعض الآخر يعتمد على اللغة الفرنسية، مستدلا في حديثه عن ذلك بأن ما ينشر في المقالات هو ترويج لمقولات ''متعلمنة'' تهدف إلى تفكيك المجتمع داخليا، ومنعه من بناء بنيته الأساسية، وهو ما يكرس -حسبه- التبعية الطوعية اللسانية التي تحيلنا على التبعية الاقتصادية والسياسية·