إصدار مذكرة تضبط إجراءات الدخول التكويني لدورة أكتوبر 2025 ..ياسين وليد: الدخول التكويني المقبل سيكون "بدون ورق"    الجامعة أضحت الفضاء الذي يتم فيه إيجاد حلول لانشغالات المواطن    فتح باب التسجيل في السنة الأولى ابتدائي اليوم الأحد    ضرورة إضفاء التوازن على الشراكة الاقتصادية بين الطرفين    الجمارك تمثل خط الدفاع الأول في حماية الاقتصاد الوطني    روسيا : لافروف يجتمع مع زعيم كوريا الشمالية ويشيد بعلاقة "أخوة لا تُقهر"    أزيد من 800 مدني قتلوا خلال محاولتهم الحصول على الغذاء.. الموت جوعا يهدد 650 ألف طفل دون سن الخامسة    طُلب مني أن أغيّر موقفي من قضية الصحراء الغربية    استقبال أول فوج من أبناء الجالية للمشاركة في المخيمات الصيفية..فرصة لبناء جسور التواصل بين الجالية ووطنها الأم    الالتزام بأقصى درجات الحيطة والحذر والتقيد بالتدابير الوقائية    سيدي بلعباس: ضبط أزيد من قنطار من الكيف    تدابير ضرورية لتفادي مخاطر أشعة الشمس    كرة السلة : فوز عريض للجزائر أمام الكويت    بطولة إفريقيا للمحليين 2024: وفد "الكاف" ينهي جولته التفتيشية في البلدان المستضيفة للدورة    مداحي تشرف على افتتاح الطبعة 24 للصالون الدولي للسياحة والأسفار    ابراهيم غالي : على الأمم المتحدة الاسراع في تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    مبادرة لصون المعالم الدينية ذات البعد التاريخي … والي البويرة يشرف على افتتاح مسجد آث براهم العتيق بعد ترميمه    غالي يدعو الأمم المتحدة إلى الإسراع في تنفيذ التزامها    التنديد بزيارة العار ل"أئمة" إلى الكيان الصهيوني    السكة الحديدية.. هندسة جديدة للخريطة التنموية    صورة جزائرية ضمن أحسن 10 صور في مسابقة عالمية    حلبة سباق السرعة لكل الفئات العمرية بالبليدة    عمورة يواصل الغياب عن تحضيرات فولفسبورغ    قرار انضمامي إلى فاينورد كان موفقا    انضمام الجزائر إلى "أسيان" ورقة رابحة لترقية الصادرات    بناء علاقة مستدامة للجالية الوطنية تجاه وطنها    توزيع مياه مجهولة المصدر بعنابة    منجم غارا جبيلات مكسب استراتيجي لامتصاص البطالة    تحذير من انتشار أمراض سرطان المعدة والقولون    تحذير من فيروس "أر أس في"    أطفال يبيعون كل شيء.. والأولياء في قفص الاتهام    الموت يتهدّد مئات الآلاف من الفلسطينيين بعد إغلاق المعابر    غوص في عرش العزلة الإنسانية    "الفالوجة" تبدع لحظات فلسطينية مؤثرة    20 موسيقياً يصدرون ألبوماً مشتركاً    الإذاعة الجزائرية تكرم الفائزين في المسابقة الوطنية للشعر الملحون المغنى    المغرب يثير الفوضى بسرقة العلم الصحراوي    اجتماع اللجنة الأمنية الجزائرية-الموريتانية    الخضر في المركز ال36    الجزائر تمدّ يدّ المساعدة لسوريا    الجيش الوطني يتعزّز..    دعاوى لتصنيف مواقع أثرية ومبان تاريخية    فضائل ذهبية للحياء    تلمسان ستصبح قطباً صحّياً جهوياً بامتيازّ    "أناب" تكرّم ياسمينة سَلام    سيدي بلعباس: افتتاح فعاليات الطبعة 15 للمهرجان الثقافي الدولي للرقص الشعبي بحضور جماهيري كبير    تجارة : حملات ميدانية للوقاية من التسممات الغذائية خلال الصيف    كرة القدم/كأس إفريقيا للأمم للسيدات 2024 / المجموعة 2 : وضعية المجموعة قبل الجولة الثالثة    الوزير الأول نذير العرباوي يزور أجنحة دول شقيقة وصديقة بمعرض "إكسبو-أوساكا 2025"    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    وزير الصحة: تلمسان على أبواب التحول إلى قطب صحي جهوي بامتياز    الأمم المتحدة تُحيي اليوم الدولي لنيلسون مانديلا وتؤكد: القدرة على إنهاء الفقر وعدم المساواة بين أيدينا    تكريم وطني للطلبة المتفوقين في معاهد التكوين شبه الطبي بتلمسان تحت إشراف وزير الصحة    موسم حج 1446 ه : بلمهدي يشيد بالأداء الجماعي للقطاعات المشاركة    من اندر الاسماء العربية    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبقٌ فائحٌ من تاريخ زاوية المقسم ب"زاقز الغربي"
مؤسسها الشّيخ بيض القول لخضر
نشر في الجلفة إنفو يوم 02 - 08 - 2017

الحمد لله، و الصّلاة و السّلام على سيّدنا و إمامنا و قُدوتنا إلى الله سيّد النّبيّين و خاتم المُرسلين نبيّنا مُحمّد بن عبد الله (صلّى الله عليه و سلّم)، و على آله الأخيار الطّيّبين، و أصحابه الّذين اصطفاهم الله لصُحبته، فأخلصوا في طاعته و نصحوا في نُصرته، فبهم نصر الله دينه و به انتصروا، و أوضحوا للنّاس السّبيل، و كانوا خير هاد و دليل، و رضي الله عن التّابعين لهم بإحسان، الّذين كانوا خير خلف لخير سلف، و عمّن تبعهم على هُداهم و سلك نهجهم و ترسّم خُطاهم جيلا بعد جيل. و بعد :
إنّ حركة التّعليم القُرآني و ما يتبعه من أصناف التّعليم العربي و الشّرعيّ في القُطر الجزائري، لم تنقطع عبر قُرون خلت، و إنّ دور الرُّبط و الزّوايا و المقارئ ظلّ مُستمرّا به لدُهور، يُؤدي وظيفته الرّساليّة، و مُتبوِّئا مكانته الرّياديّة في الأمّة الجزائريّة المُسلمة، و لا يزال. و لم ينفك الرّبع النّايلي عن هذه الحركة المُباركة، و بخاصّة بعد نهاية القرن العاشر الهجريّ. السّادس عشر الميلادي.
و في عزّ الاستدمار الفرنسي و لا عزّة له للجزائر و للرّبع المُومى إليه منه، و رغم الاضطهاد و القهر و التّجهيل و صُنوف الاستبداد و الطّغيان الّتي كانت فاشية في أوساط المُجتمع الجزائري، إبّان الحقبة الاستعماريّة المُظلمة، فقد تأسّست و افتتحت رباطات و زوايا و مدارس كثيرة، في كُلّ جهات الوطن(1)، و انتشرت فيه كالفطر، و برزت و اشتهرت من رحمها شخصيات علميّة و فكريّة و تربويّة ذات عدد ذي بال، ذكرتهم كُتب التّواريخ و التّراجم، و قد عُنينا بذكرهم، في بعض ما خطّته أناملنا(2).
و بذلك قاوم الشّعب الجزائري ؛ من أجل هويته و وُجوده، و تحدّاه المُستعمر، فتردّى فاغرًا فاه، و كُتبت في سجلّ تاريخنا الحافل أحداثٌ و صُورٌ بُطوليّةٌ، في الجهاد و التّضحيّة و البسالة، كان أبطالها رجالٌ و نساء قلّ مثيلهم.....
و من بين هاته الزّوايا الّتي تأسّست و لعبت دورا لا يُستهان به في وقت مضى بجهتنا الشّاسعة ؛ زاوية المقسم المُشيّدة سنة 1933 م، على تُراب ضاية الفيجل، بمقسم أولاد عثمان، بزاقز الغربي، بالجهة الظّهراويّة (الشّماليّة)، من منطقة الجلفة، بنحو 18 كلم غربا، عن مدينة حاسي بحبح. و هي مُكوّنة من ستّ عشرة قاعة، مبنيّة بالحجر و الطّوب، و سُقُفها بالخشب و القَرْمَدِ (القرميد)، و مُستقبلة القِبلة في بنائها، فيها ما هو مُخصّص للإقراء و التّعليم و التّدريس، و فيها ما هو للمبيت و الإطعام، و فيها دار الضّيافة و الاستقبال، و فيها سُكنى الشّيخ و إقامته، و بِجواره مُصلّى،... بالإضافة إلى مُستودع (إسطبل، أو كراج) للمراكب و الزّوامل. و القاعة البِكر (الأولى في البناء و التّشييد) ممّا ذكرنا، بجوارها غُرست شجرة زيتون، بطلب من الشّيخ عبد القادر طاهري، المعروف بالزّنيني (ت 1967 م)، و هو شيخ المُؤسّس (لخضر) كما لا يخفى، و هي سُنّة حسنة سنّها ؛ لأجل تعمير الأرض و فَلحها. (يا أيّها النّاس كُلوا ممّا في الأرض حلالا طيّبا و لا تتّبعوا خُطُوات الشّيطان إنّه لكم عدوّ مُبين). البقرة / 168.
و قد شهد بها التّعليم القُرآني و ما يتبعه عادة من عُلوم و فُنون لُغويّة و شرعيّة، استفحالا و رواجا، و بلغ عدد طلبتها، في السّنوات الأولى من انطلاقتها مئة (100) طالبا، يُدوّون فيها بالقُرآن، كدويّ النّحل، و في هذا يظهر عزّ الإسلام و العربيّة في بلادنا و جهتنا. و قد تخرّجت بها أعدادٌ ممّن تولّى بعد الاستقلال (1962 م) الإمامة و التّعليم ؛ منهم على سبيل المثال لا الحصر (التّرتيب ألفبائيّ) : بيض القول بنساعد (إمام سابق)، و بيض القول عطيّة (إمام و شيخ زاوية الفلاح بمدينة حاسي بحبح)، و شرماط الجنّة (إمام)، و عبد الحفيظي مُحمّد (مُؤذِّن)، و عبد القادر بن سالم (أحد أئمّة مساجد مدينة الجلفة في زمن مضى)، و عطيّة لبيض (المُفتي الحالي لمدينة حاسي بحبح)، و قدقاد بلقاسم (مُؤذِّن)، و لبّوخ البشير (مُؤذِّن)، و نُوّاري أحمد (مُدرِّس)، و هميل أحمد (مُؤذِّن)، و غيرهم ممّن عالجوا الوظيف الحُكومي...
و من بين أهل العلم و الفضل الّذين درّسوا بها، و كانوا من مُعاوني الشّيخ المُؤسّس (لخضر)، و ممّن يخلفونه حين غيابه في تسيير شُؤون الزّاوية، و في الإقراء و التّدريس بها أيضا ؛ الشّيخ الزّاوي فلّاح المديّي، و الشّيخ ابن هُورة بن زيّان. و كانا من الرّوافد الطّيّبة الّتي خدمت الزّاوية.
و الّذي افتتح هذه الزّاوية و بناها، و حفر بجانبها القِبْليّ بئرا للسِّقاية(3)، بعمق 18 مترا، و هي بئرٌ ماؤها عذب صاف زُلال ؛ هُو الشّيخ بيض القول (الغول) لخضر (1895 م 1975 م). و من جميل القول، و مُقتضيات السِّياق في مقالنا هذا و السِّياق من المُقيّدات كما هو مُقرّر هُو التّعريف بهذه الشّخصيّة ؛ فنقول : هو لخضر بن بنساعد (بن سعد) بن البشير بن أحمد بن عطيّة بيض القول (الغول) العُثماني القويني النّايلي الإدريسي الحسني الشّريف. ولد خلال سنة 1895 م، بالصّدارة، بزاقز الشّرقي، و نشأ و تربّى بالمقسم(4)، بزاقز الغربي. تلقّى تعليمه الأوّلي، من قراءة و كتابة و خطّ و حساب، من والده المتوفّى 1929 م، و المدفون في مقبرة البقيع، بالمدينة المنوّرة.
و عندما غدا شابّا، توجّه بإيعاز منه إلى الزّاوية الجلّاليّة، الّتي تأسّست سنة 1870 م، أين تلقّى تعليمه العربي و الشّرعيّ بها، فأتمّ حفظ القرآن مُجوّدا بإتقان، و ألحق به الآجرّوميّة و ألفيّة ابن مالك في العربيّة، و المُرشد المُعين و شيئا من الرّسالة و المختصر في الفقه، ضبطا و شرحا و أداءً، و درس الفرائض دراسة متينة، و اطّلع على باقي الفنون الشّرعيّة الّتي كانت تُدرّس في ذلك الحين بالزّاوية المذكورة، الّتي بقي مُلازما لها إلى غاية سنة 1927 م، و هي سنة تخرّجه منها، و كان من أكثر طلبتها تلماذا و إقبالا. و من أبرز شيوخه بها مسعودي عبد الهادي (الهادي) الشّقيق الأكبر للإمام المعروف عطيّة.
و بثبات و عزيمة واصل مشواره التّربويّ و العلميّ، فانتقل إلى الزّاوية الطّاهريّة بالإدريسيّة (زنينة)، حيث الشّيخ عبد القادر طاهري المتوفّى 1967 م، الّذي لازمه و تعلّم من لَحْظه و أخذ عنه وردا، و قد أجازه و أذن له(5). كرّ راجعا إلى منشئه (المقسم)، و أسّس به الزّاوية المُتحدَّث عنها في هذه القالة (المقالة). و أُسند إليه في سنة 1945 م القضاء الشّرعيّ، و أتبعه بالإفتاء في سنة 1949 م، و أدّى الوظيفتين مع الإقراء و التّدريس، على خير ما يُرجى، دُون انقطاع، إلى أن طواه الفوت (الموت)، في شهر ذي الحجّة 1395 ه، ديسمبر 1975 م، بعدما هدّه المرض و الجهد. و قد عاش صُوفيّا مُلتزما مُنكرا للشّعوذة و العربدة و لكلّ صُنوف الانحراف و الضّلال، و كانت تربطه علاقة طيّبة بالإصلاحيّ السّلفيّ المُقرئ المُحدّث الفقيه اللّغويّ الأديب المُشارك نُعيم بن أحمد النّعيمي الحركاتي النّايلي. و قد أدرجنا إسمه ضمن مُدوّنتنا " من فُضلاء منطقة الجلفة من 1861 م إلى مطلع القرن الحادي و العشرين "، في طبعتها الرّابعة (04)، الّتي سترى النُّور قريبا إن شاء الله.
و التّدريس بهذه الزّاوية انقطع تماما و هذا ممّا يُؤسف عليه حقّا لأسباب يعسر جلبها إلى الموضع، و أغلبها واقع تحت وطأة انعدام الدّعم الماديّ و المعنويّ، و ما انحدر من تقاليد المدنيّة، و البُعد عن الأصالة، و التّعلّق الشّديد بالتّعليم النّظامي، و تلاشي الرّابط التّاريخي و انفراط عقده بين الأجيال، و ما انجرّ عنه من قطيعة فظيعة مع الموروث الحضاريّ لمنطقتنا، دفعت بها و زادت من حدّتها ظواهر برّاقة خاوية الوِفاض.
و القائم عليها اليوم هو الأستاذ عبد القادر النّجل الوحيد للشّيخ المُؤسّس (لخضر)، و هو يتحسّب للنُّهوض بالزّاوية، و إعطائها دفعة قويّة من شأنها أن تجعلها تنطلق من جديد، و تغدو قادرة على أن تنهل من الماضي، و لا تُهمل الحاضر، و لا تغفل عن المُستقبل، و ذلك بإنفاق جُزء ملحوظ من ماله الخاصّ، مع قلّة ذات اليد، و من وقته الّذي تتنازع فيه المطالب الأُسريّة و الوظيفيّة و الاجتماعيّة، و حسبه ما يُبذله من سعي و خدمة.
و قد واعدني بأنّه متى هُيِّئ الأمر لذلك، فسيعلن الانطلاقة، راجيا من المولى جلّ و علا التّوفيق و السّداد.
و الّذي أودّ أن أختم به قالتي هذه ؛ هو أنّ جُزءا لا يُستهان به من الرُّبط و الزّوايا العلميّة بوطننا، على ما فيها من العلّات، و على ما اعتراها من خطل و خلل و خطأ، قد هُضم قدرها، و جُهل فضلها، و تُهجّم على تاريخها و شيوخها و موروثها، و أُهيل التّراب بقصد و بغير قصد على ما قدّمته من أعمال و أفضال ؛ خدمة للقُرآن و اللّغة العربيّة و الهويّة الإسلاميّة. و بعض هذه الزّوايا قد أخرجت لنا رُموزا كبيرة، من العُلماء و طُلّاب العلم و الفُضلاء، الّذين بذلوا النّفس و النّفيس في خدمة العلم و المعرفة، رغم المفاوز و الصّواد و الشّواغل ؛ إعظاما منهم و إجلالا و تقديرا، للشّريعة الإسلاميّة الغرّاء، و تعلّقا منهم بسيرة مُعلّم النّاس الخير سيّدنا مُحمّد عليه أفضل الصّلاة و السّلام.
و أنتوي في قابل إن شاء الله أن أجمع هذه الشّذرات و هذه الأطراف في تاريخ الجلفة الثّقافي مع ما يُمكن أن أُضيفه إليها، في ورقات بحثيّة، أو كُتيب مسرديّ ؛ حتّى تكون نبراسا مُضيئا، و شاهد صدق يُنبئ الأجيال، بما عرفته منطقتنا (الجلفة)، في ميدان المعرفة الواسع.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا و إيّاكم خير خلف لخير سلف، و أن يرزقنا و إيّاكم الإخلاص و الصّواب في الأعمال و الوظائف و الأقوال، و أن يُسبغ علينا و عليكم إنعامه و فضله، و أن يُعلي راية العلم في بلادنا هذه، و بلاد المسلمين جميعا، و أن يُعظم شأنها و شأن حامليها، و أن يصونها و يصونهم. آمين. إنّه وليّ ذلك و القادر عليه. و صلّى و سلّم و بارك على مولانا و حبيبنا و قائدنا و شفيعنا مُحمّد بن عبد الله، و على آله و صحبه أجمعين.
هوامش
1 الزّوايا الّتي عرفها القُطر الجزائري الحبيب (دفع الله عنه كُلّ الشُّرور، و جمع أهله و قاطنيه على الخير و السّلام)، سيما منه بلاد القبائل و بلاد توات، كانت على ثلاثة أنواع :
أ زوايا مُختصّة بالقُرآن و عُلومه ؛ من رسم و قراءات و تفسير (دراسات قُرآنيّة)، بالإضافة إلى عُلوم العربيّة ؛ من نحو و صرف و بلاغة و عروض. و شيءٍ من عُلوم التّوحيد و الوضع و الحساب. و هذه نمط من الزّوايا كان موجودا بكثرة ببلاد زواوة و بني ورثلان و ريغة و زمّورة. و من أشهرها على الإطلاق زاوية عبد الرّحمان اليلولي، أو الأيلولي (ت 1105 ه / 1694 م)، بجبال جرجرة، و قد كان فيها تحفيظ القُرآن ( ترتيلا و تجويدا) بقراءاته السّبع، و حتّى العشر، قائما، و ظلّ سادرا فيها إلى غاية سنة 1261 ه / 1847 م ؛ حينما طرأت على برنامج الزّاوية المُشار إليها تعديلات أدخلها القائمون عليها في ذلك الحين. و ظنّي الجازم أنّ ذلك من الأخطاء الفادحة الّتي تسبّبت في تأخير انتشار علم القراءات بوطننا، و هُو علم مُهمّ للغاية كما لا يخفى، و الأمّة في حاجة ماسّة إليه، في كُلّ عصر و مصر. و من أشهر العُلماء الفُقهاء القُرّاء الّذين تخرّجوا من هاته الزّاوية الّتي صارت بعد الاستقلال معهدًا لتكوين الأئمّة ؛ الشّيخ مُحمّد بن بلقاسم البُوجليلي (ت 1316 ه / 1898 م، أو 1314 ه / 1896 م)، صاحب كتاب " التّبصرة في قراءة العشرة ". و لفقيهنا الشّيخ المُعمِّر الطّاهر آيَتْ عَلْجَتْ (حفظه الله) سند في تلقّي طُرُقِ نافعٍ العَشْرَ.. عن شيخه السّعيد اليَجْرِيّ (ت 1371 ه / 1951 م)، عن الشّيخ الشّريف الإِفْلِيسيّ (ت 1334 ه / 1916 م)، عن الشّيخ البُوجليلي المُنوّه به آنفا، و بسنده المُتّصل يرفعه إلى الشّيخ عبد الواحد بن عاشر (ت 1040 ه / 1631 م)، ثمّ مرفوعا مُتّصلا إلى الشّيخ مُحمّد بن غازي (ت 919 ه / 1513 م). و ابن غازي سنده موصولا بالشّيخ الحافظ المُقرئ الشّهير أبي عمرو الدّاني (ت 444 ه / 1053 م)، و هذا الأخير سنده موصولا أيضا بسيّد الخلق الّذي أُنزل عليه القُرآن النّبيّ مُحمّد (صلّى الله عليه و سلّم في كُلّ وقت و حين).
ب زوايا مُختصّة بالعلوم الفقهيّة (مُقرّرات و شُروح و حواشي الفقه المالكي السّائد)، مع تحفيظ القُرآن الكريم أساسا، ثمّ تعليم شيءٍ من التّوحيد و الحديث و العربيّة و الحساب و التّوثيق، و غيرها. و هذا النّوع من الزّوايا هو الغالب.
ج زوايا لإعطاء الأوراد و البركات الصّوفيّة، و نحوها من هذا الكلام. و هذه الزّوايا قليلة الانتشار، و إن كان لها نُفوذ و سُلطان. و نحن في مشروعنا الحضاري لا نُعنى بها و لا نلتفت إليها إلّا لماما.
و لِلعلم فقد وضّحت في مقال لي سابق، العُلوم اللّغويّة و الشّرعيّة الّتي كانت تُدرّس و لا تزال بعموم زوايا القُطر الجزائري، حمل عنوان " مُقرّرات الحفظ و القراءة الّتي استقرّ عليها العمل خلال العُهود الأخيرة عند عُموم الزّوايا الجزائريّة في العُلوم الوسائل و العُلوم الأهداف "، و قد نشرته إدارة جريدة الإنفو مشكورة لذلك، بتاريخ 03 أفريل 2016 م. و الله أعلى و أعلم.
2 كتكملة وفيات ابن قُنفذ الخطيب القسنطيني، و طبقات المالكيّة الجزائريين خِلال المِئة الهِجريّة الأخيرة، و من فُضلاء منطقة الجلفة من 1861 م إلى مطلع القرن الحادي و العشرين. و الله أعلى و أعلم.
3 ظلّت الزّاوية طيلة فترة خدمتها، و بخاصّة من تاريخ إنشائها (1933 م)، إلى أيّام الاستقلال (1962 م)، قِبلة و مَحطّة أنظار للمُعوزين و المُحتاجين و الّذين انقطعت بهم السُّبل و الضُّعفاء، فضلا عن الزّائرين و الضّيوف و المُستفتين و المُسترشدين ؛ تُعطيهم الطّعام و تُسقيهم و تُؤمّن لهم المبيت و تقضي حاجاتهم و تُغنيهم عن السُّؤال. جاء في الحديث ممّا يعني جُزءا ممّا أشرنا.. (أفشوا السّلام و أطعموا الطّعام و صِلوا الأرحام و صَلّوا و النّاس نيام تدخلوا الجنّة بسلام.). أخرجه أحمد و التّرمذي و ابن ماجة و الدّارمي عن عبد الله بن سَلَام (رضي الله عنه)، و ذكره البوصيري في زوائده. و جاء برواية عن ابن عمر (رضي الله عنهما) : (أفشوا السّلام و أطعموا الطّعام و كُونوا إخوانًا كما أمركم الله عزّ و جلّ.). و برواية أخرى عن أبي هريرة (رضي الله عنه) : (أفش السّلام و أطب الكلام و صِل الأرحام و قُم باللّيل و النّاس نيام تدخل الجنّة بسلام). أمّا عن مؤونتها فكانت تأتيها من مُجمل العطايا و الصّدقات و الزّكوات و العشور (عُشر الحبوب النّعمة قمحا و شعيرا) و الحَبوس و الوقف الخيري من المتاع و العقّار و الأراضي، و أموال القُربات و النُّذور و الكفّارات، و غيرها. و الله أعلى و لأعلم.
4 منطقة المقسم بزاقز الغربي، يشترك فيها أولاد عُمران و أولاد عُثمان و أولاد شيبوط، من أولاد سي محمّد (فتحا ؛ أي بفتح الميم الأولى)، من بني سيدي نايل الأشراف. و الله أعلى و أعلم.
5 الإجازة (الإذن) مُؤرّخة بتاريخ يوم الاثنين 12 ربيع ثان 1351 ه، الّذي يُوافقه بالتّأريخ النّصراني 15 أوت 1932 م، و مُوقّعة من طرف الشّيخ عبد القادر بن مُصطفى طاهري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.