سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تاريخ الولاية السادسة التاريخية ..المنطقة الثالثة نموذجا/ الجزء الثاني: التنظيمات العامة والظروف الاستثنائية التي عرفتها الولاية السادسة و المنطقة الثالثة بعد مؤتمر الصومام
فرقة من مجاهدي المنطقة الثالثة في مركز ثوري المجال الجغرافي ومناطق الولاية التاريخية السادسة : معلوم أن مؤتمر الصومام قد قسم التراب الوطني إلى ست ولايات وكل ولاية إلى مناطق والمنطقة إلى نواح والناحية إلى قسمات والقسمة تضم مجالس. فالولاية التاريخية السادسة أخذت رقعة من الوطن تتجاوز نصف مساحة الجزائر، حيث تضم أربع مناطق: - المنطقة الأولى تضم الجهة الشمالية القصوى من ولايتي الجلفةوالمسيلةوجنوب ولاية المدية ونشطت تحت إشراف الولاية الرابعة - أما المنطقة الثانية فتضم جزء هاما من ولاية الجلفة ودوائرها الشمالية وجزء من شمال شرق ولاية الاغواط - أما المنطقة الثالثة فتضم جنوب ولاية الجلفة وبوسعادة وغردايةورقلة وتمنراست إلى أقصى جنوبالجزائر - وتضم المنطقة الرابعة بسكرة والوادي شمالا وتنفتح على حدود الدول المجاورة المجال الجغرافي والترتيب القيادي للمنطقة الثالثة : تقع المنطقة الثالثة في الجهة الجنوبيةالغربية من الولاية التاريخية السادسة تحدها شمالا المنطقة الثانية من نفس الولاية وشرقا المنطقة الرابعة من نفس الولاية وجنوبا تنفتح على صحراء شاسعة تنتهي بحدود الدول المجاورة وغربا تحدها الولاية التاريخية الخامسة . خريطة الجزائر والولايات التاريخية أثناء الثورة التحريرية - أما تراب المنطقة الثالثة فيشمل في التقسيم الحالي : - جنوب ولاية الجلفة وتحديدا : تراب دوائر : - مسعد – فيض البطمة – عين الإبل . - الجنوب الغربي لولاية المسيلة وتحديدا : تراب دوائر :- بوسعادة – عين الملح – بن سرور . -تراب ولايات غردايةوورقلة وتمنراست أما الترتيب القيادي الذي يخص المنطقة الثالثة فهو نفسه الذي حدده المؤتمر فأعلى رتبة فيه ضابط ثان لقيادة المنطقة ومعه أربعة ضباط مساعدون برتبة ضابط أول كل في مجاله . ثم قيادة الناحية برتبة ملازم ثان ومعه أربعة مساعدون برتبة ملازم أول والقسمة يقودها مساعد ومعه أربعة عرفاء بالإضافة على المجالس الشعبية وفي المباحث الموالية نقوم بإسقاط هذه الرتب على من تقلدها من الأسماء من شهداء ومجاهدين بالمنطقة الثالثة ظروف خاصة مرت بها قيادة الولاية والمنطقة الثالثة : تجدر الإشارة إلى أن الشهيد "زيان عاشور" ورغم جيشه الذي فاق الألف ومئة جندي قبل أوت 1956 ، ورغم شساعة المناطق التي تنتشر بها وحدات هذا الجيش إلا أن الرجل لم يكن من بين الحاضرين في مؤتمر الصومام فاستدعي ولم يتمكن من الحضور أو لم يستدع أصلا فالأمر متروك لأهله التاريخيين وفيهم الشهيد "سي زيان" نفسه . وأول قائد عين على رأس الولاية السادسة من قبل المؤتمر هو العقيد الشهيد "علي ملاح" المدعو (سي الشريف) لكنه استشهد ولما يستكمل بعد هيكلة الولاية بل ولم يتقابل مع قادة الجيش في الصحراء . أما "سي زيان" فواصل عمله ثابتا إلى غاية استشهاده وبعد استشهاده دخلت الولاية عموما بما فيها المنطقة الثالثة فترة حرجة نشير إلى بعض أحداثها بإيجاز : الشهيد زيان عاشور بعد استشهاده بعد استشهاد "سي زيان" رحل نائبه الرائد "عمر إدريس" إلى المغرب في مهمة جلب الأسلحة، وروجت في غيابه إشاعة مقتله من قبل تنظيمات جبهة وجيش التحرير بغرض إحداث الفوضى في جيش "سي زيان" المتماسك والتمهيد لحلول العميل "بلونيس" بالمنطقة كما خططت له فرنسا. وبالفعل دخل العميل بلونيس المنطقة وعاث فيها فسادا من بداية 1957 إلى صيف 1958، حيث قضى على خيرة ضباط هذا الجيش ومنهم الضابطان الرائد "عبد الرحمان حاشي" و الضابط "محمد بلهادي"، وطوّع باقي الجيش إلى قيادته وقتل العديد من المدنيين إلى غاية ديسمبر 1957 ... وبفضل اتصال الرائد "إدريس" بقيادة الولاية الخامسة بالغرب وشرح الأوضاع المزرية للمنطقة وعرضها على قيادة الولاية الخامسة آنذاك ممثلة في العقيد "محمد بوصوف" والعقيد "الشهيد لطفي"، فقد ساعدت الولاية الخامسة منطقة الصحراء بكتيبتين مسلحتين من جنوب المنطقة الثامنة من الولاية الخامسة . أما الصحراء فأطلق عليها مؤقتا اسم منطقة العمليات رقم 9 ريثما تتخذ لجنة التنسيق والتنفيذ القرار النهائي بشأنها، و قد كلف الرائد عمر إدريس بقيادتها إلى أن عين العقيد "سي الحواس" على رأسها في شهر ماي 1958 ومن حينها انطلقت الهيكلة الفعلية للولاية السادسة.
قادة الولاية التاريخية السادسة/ محمد الشريف خير الدين، عمر صخري، محمد شعباني، حسين الساسي، سليماني سليمان لكحل واستمرت قيادة الولاية في يد الصاغ الثاني "سي الحواس" إلى غاية استشهاده رفقة قائد الولاية الثالثة "سي عميروش" وعدد من إطارات الولايتين منهم الرائد "عمر إدريس"، "محمد العربي بعرير" وغيرهم بتاريخ 28 مارس 1959 . هيكلة وتنظيم المنطقة الثالثة : - أهم المراكز الثورية بالمنطقة الثالثة : المقصود بالمراكز الثورية أماكن تواجد واستقرار جيش التحرير وهي عبارة عن مخابئ بها المؤونة وآمنة في عمق الجبال و بها الرعاية الصحية وهي مراكز يشعر فيها أفراد جيش التحرير بشئ من الأمان ونذكرها كالتالي : جبل بوكحيل ويشمل عدة مراكز، جبل امساعد، محارقة، الميمونة ، اللبة ، الصفى ، أصباع مليليحة ، شبكة بريان ، النسينيسة ، الزعفرانية ، بوديرين ، النسافة، الدخان، سواقيد طائرة اسقطها المجاهدون في جبل بوكحيل، و يبدو "مخلوف بن قسيم" وسط الثلاثة فوق جناح الطائرة بعض القادة المتعاقبون على قيادة المنطقة : - القادة برتبة ضابط ثان : عبد الرحمان عبداوي، محمد شعباني ، الطاهر لعجال . - القادة برتبة ضابط أول : أحمد طالب ، رمضان حسوني ، عبد الحميد خباش، عمار معاليم، إبراهيم بن يطو، مخلوف بن قسيم، السعيد عبادو ، علي الشريف ، محمد الطاهر خليفة، حسين الساسي . القادة المتعاقبون على قيادات النواحي : قيادة الناحية الأولى : - القادة برتبة ملازم ثان : محمد روينة ( قنتار) ، بلقاسم مشيش، عبد القادر ذبيح، عمار معاليم ، إبراهيم بن يطو، محمد الطاهر خليفة - القادة برتبة ملازم أول : مخلوف بن قسيم، محمد الطاهر خليفة، عبد الحميد خباش، أحمد قبايلي، عبد القادر ذبيح، عبد الجبار بن المداني، عمار معاليم، المختار طالب، محمد إدريس، ارزيق يونس ، إبراهيم بن يطو، رابح تينة ، السعيد عبادو, قيادة الناحية الثانية - القادة برتبة ملازم ثان : مخلوف بن قسيم، على الشريف، يوسف معمر . - القادة برتبة ملازم أول :على الشريف، بوجمعة قرمة، بشيري ثامر، مختار مخلط، زيدان نواصرية، أحمد حشايشي ، إبراهيم بن يطو . قيادة الناحية الثالثة : - القادة برتبة ملازم ثان : السعيد عبادو، رشيد الصايم ، - القادة برتبة ملازم أول : رابح لبيض، أحمد بن شرودة ، بوجمعة قرمة، العابد زروال . من اليمين إلى اليسار/ الواقفون: ثامر بشيري، حمة بن أحمد، علي الشريف، علي قوجيل، لخذاري زيان الجالسون: عمار كلاتمة، مختار مخلط، محمد كحلة، أحمد بن عمار (المنطقة الثالثة) الأوضاع العامة للمنطقة الثالثة : الوضع السياسي : إن فكرة فصل الجنوبالجزائري عن شماله والتي أراد تجسيدها المستعمر لاقت مواجهة قوية من قبل الولاية التاريخية السادسة، فعندما أدعى المستعمر أن الصحراء إقليم منفصل في الجزائر عن الثورة فإن إدعاءه قوبل بمواجهة عسكرية قوية يعكسها ما جرى من معارك في جبل بوكحيل في قلب المنطقة الثالثة. كما دعت قيادة الثورة في المنطقة إلى مقاطعة الانتخابات وإفشال الاجتماع المزمع عقده بورقلة للإعلان عن الحكومة الصحراوية المزعومة وإلغاء الحكم العسكري بها مهددة كل من يشارك في هذه العملية بعقوبة الإعدام . وبالفعل أفشل المشروع بالمقاطعة الشعبية الشاملة التي اضطرت الوفد الوزاري المكلف بتنفيذ المخطط إلى أن يعيد أدراجه إلى باريس يجر ذيول الخيبة والفشل . وقد رد العقيد "محمد شعباني" قائد الولاية التاريخية السادسة عن هذه المحاولات الدنيئة للمستعمر بمقال بعنوان " مهزلة المهازل " نشره في مجلة " صدى الجبال " التي كانت تحرر وتطبع وتنشر تحت أصوات البنادق ودوي المدافع في مكتب الولاية التاريخية السادسة بالمراكز الثورية، حيث يقول في مقطع من المقال : ".... إذا فمحاولتكم الأخيرة السافرة الفاشلة والمخزية والمحكوم عليها في مهدها والرامية ياحكام باريس إلى فصل الصحراء عن بقية التراب الجزائري هي مهزلة أحقر من خرافة (الربع ساعة الأخير) وأغرب منها أنكم تضيعون بها أوقاتكم ، وأن مصيرها الفشل والخسران لأن الصحراء جزء غال وعزيز من التراب الجزائري وستظل وتبقى رغم أنفكم ، لأن سنن الكون والتاريخ والجغرافية قد فرضت ذلك، و إذا تعاميتم عن هذه الحقيقة المحتومة فما عليكم إلا مراجعة مادونتموه بأيديكم وما اعترفت به أفواهكم ، فلديكم كتبكم التاريخية والجغرافية و قوانينكم البرلمانية التي تعترفون فيها بأن الصحراء جزء لا يتجزأ عن بقية التراب الجزائري ...". العقيد محمد شعباني والرئيس الأسبق احمد بن بلة والرائد عمر صخري الوضع الاقتصادي : رغم اتساع المنطقة وقساوة طبيعتها إلا أن جيش التحرير يرسل دوريا ممثليه لجمع الاشتراكات الشهرية والتبرعات والزكاة وغرائم المخالفين وذلك من أعراش الجهة وتجلب من مناطق بعيدة، فيروي أحد المجاهدين أنه كان يقطع عشرات الكيلومترات مشيا في الصحراء لجمع الاشتراكات، ويتم تقييد هذه المداخيل في دفاتر بدقة متناهية. وانشئت على مستوى كل مركز ثوري مخابئ للتخزين والتموين وتسجل مداخليها ومصارفها، فبهذه الوسائل وبهذه الإرادة القوية حافظت الولاية على توازنها الاقتصادي. ويستلم المواطن عن دفعه مبلغ الاشتراك أو التبرع وصل استلام ، وكان من الحكمة الثورية وحفاظا على سلامة المواطن أن هذا الوصل لا يسجل فيه اسمه ويكتفي فيه برقم بدل الاسم . أما عن الوسائل المستعملة للنقل فهي متمثلة في الحيوانات التي يمتلكها الجيش كالخيل والإبل والبغال والحمير فمثلا كان الجيش يملك من الإبل وحدها في نواحي متليلي ما يربو عن الألف رأس. وأنشأ الجيش مراكز لصنع الأحذية وخياطة الملابس وترميم الأسلحة وصيانتها وصنع القنابل والمفرقعات، وضمانا للتموين بالحبوب ساعدت المنطقة بعض الفلاحين وشجعتهم على البذر والحرث لأن القمح يعد المصدر الأساسي لغذاء الجيش . الوضع الاجتماعي : لقد برهنت الثورة على شموليتها و أنها ليست مجموعة مسلحين في مراكز ثورية ، بل راعت الجوانب الاجتماعية للمواطنين وبادرت إلى إنشاء أجهزة إدارية قضائية صحية . القضاء والإدارة : توفرت المنطقة على محاكم عسكرية على مستوى هياكلها من قسمات ونواح تفصل في النزاعات العسكرية والمدنية وتصدر عنها أحكام متنوعة بحجم القضية وتتنوع الأحكام بين : الإعدام – التأديب – التغريم – الأبعاد . ويتولى الفصل في القضايا قضاة تعينهم الثورة على مقاييس أهمها : حفظ القرآن أوما تيسر منه الإلمام بالفقه الاسلامى، الرجاحة في العقل والرزانة والحكمة في التصرف . إضافة إلى القضاء يضطلع القاضي بقضايا اجتماعية تخص المواطنين كالزواج والطلاق وتوزيع التركات، وتسجيل المواليد والوفيات والبيع والشراء وفض النزاعات المدنية طبقا لقواعد الشريعة الإسلامية والعرف المعمول به. الصحة : توفرت المنطقة على شبكة صحية على مستوى كل قسمة وكل ناحية يشرف عليها ممرضون متمكنون يسهرون على راحة المرضى من المجاهدين . وتنوعت هذه المراكز بحسب طبيعة كل جهة منها ماهو مستقر في المخابئ ومنها ما هو متنقل في شكل خيام أو على ظهور الحيوانات . ولعل أحسن مثال على تعزيز الولاية السادسة للجانب الصحي هو مستشفى الولاية المتواجد ب "بئر القلالية" بالمركز الثوري "امحارقة" في المنطقة الثالثة ويشرف على تسييره الصاغ الأول بالولاية "محمد الشريف خير الدين"...وفيما يلي بعض العمليات الجراحية التي أجريت بوسائل طبية بسيطة ونجحت : - استئصال المصران الزائد: أجريت هذه العملية لأحد المجاهدين في أوائل 1959 من طرف الضابط "محمد شريف خير الدين" بمساعدة "أحمد قبايلي" و"زيوش محمد" و "خالد جباري" . - عمليات جراحية عديدة لنزع الرصاص وشظايا القنابل من أجساد المجاهدين . - استئصال بعض الأطراف المصابة التي لا أمل في بقائها سليمة - معالجة الكسور والرضوض بواسطة الطرق التقليدية الناجحة دور المرأة : لم تكن في معزل عن الثورة فهي إن لم يسجل لها انتقال واضح في المراكز الثورية للمنطقة الثالثة كمجاهدة أو ممرضة فإنها تحملت عبء العائلة والأبناء بعد التحاق زوجها بصفوف الثورة أو بعد اعتقاله ومنهن من سجنت وعذبن لأن بيتها أو خيمتها كانت مأوى للفدائيين أو المجاهدين . أو لأن زوجها أو ابنها أو أباها أو أخاها التحق بالجيش فتدفع هي ضربية حماقة وجهل عساكر المستعمر التي تنتقم من النساء والأهالي عندما تعجز عن القتال أمام بسالة جيش التحرير وللشهادة التاريخية بقول المجاهد "محمد الشريف خير الدين" : "أعرف مناضلين نساؤهم أصبن بعجز تام في مفاصل أيديهن بسبب تحضير الخبز لأعداد كثيرة من جيش التحرير فاضطر هؤلاء المناضلون للزواج ثانية لا للزواج ولكن لتوفير الطعام لجيش التحرير" (*) للموضوع مراجع .../... يتبع