عقدت سهرة الإثنين جمعية البحث التاريخي والتراث بمقر منظمة المجاهدين بالجلفة ندوة تاريخية تحت عنوان " الجانب الروحي للثورة" نشطها أستاذ التاريخ بجامعة الجلفة " قرود محمد" وحضرها جمع من المجاهدين والإعلاميين والسياسيين. وفي كلمته الترحيبية أثنى المجاهد "مختار بن مخلط" على المجهودات الجبارة التي تقوم بها هذه الجمعية محاولة منها تنوير الرأي العام حول تاريخ منطقة الجلفة بالرغم من كونها مازالت فتية إلا أنها سطرت ولازالت تسطر العديد من الأعمال في ميدان البحث التاريخي، مضيفا أنّ باب منظمة المجاهدين مفتوح للأجيال لتجديد الذاكرة التاريخية للمنطقة. وعن موضوع البعد الروحي للثورة التحريرية اعتبره الأستاذ "قرود محمد" مجال مُبعد في ثورتنا بالرغم من أن إنطلاقتها الحقيقية كانت من الزوايا، فالثورة – كما قال- لم تنتصر لا بعُدّة ولا بعدد بل بالدافع الروحي من أجل إعلاء راية الحق، فقبل أن تنطلق الرصاصات كانت تدوّي كلمة " الله أكبر"، كشعار انتصاري، وانطلقت برجال تشبعوا بالمبادئ الإسلامية وبها أيضا سُنّ بيان أول نوفمبر رغم المحاولات الفرنسية لتجهيل وتنصير الجزائيين. واستشهد المداخل بعدد من النماذج الإيمانية أو ما أطلق عليها بالكرامات أثناء الثورة التحريرية حول رجال صدقوا مع الله وأنفسهم ووطنهم، ومن بين النماذج الشهيد "سي عميروش"عندما استشهد في معركة جبل ثامر وُجد بحوزته كتاب قرآن أهداه إياه "العربي التبسي"، وتحدث أيضا عن معركة الجرف في 22 سبتمبر 1955 والتي دامت 4 أيام طُوق فيها المستعمرون المجاهدين من كل النواحي حتى عزموا على الاستسلام، ولكن بقدرة من الله وفي نهاية اليوم الرابع عمّ الضباب المكان حتى صار أحد لا يرى الآخر بجانبه وخرجوا سالمين.. ومن عوامل النصر الرباني الخفي، أعطى الأستاذ "القن" نموذجا لأحد المجاهدين أشرف على الموت بعد أن تمّ تعذيبه من طرف الفرنسيين، وتمّ رميه في حفرة، دعا الله حينها قائلا "اللهم لا تقبضني إليك عطشانا"، وما هي إلا دقائق حتى تلبدت السماء و ارتوت الأرض ماء. وتحدث الأستاذ عن حادثة وقعت للبطل "اعمر ادريس" وهو العارف بكل نواحي المنطقة ومنابع الماء فيها، حيث أنه في أحد الأيام اقترب رفقة فرقته من منبع ماء ليشربوا، وقبل الوصول إليه قام بمنعهم وأمرهم بالإنسحاب ليكتشفوا فيما بعد أنههم كانوا محاصرين بالقوات الفرنسية ولو اقتربوا للقوا حتفهم، قال البطل حينها انّ رجلاه دفعتا به إلى جهة أخرى.
و قد أكد الأستاذ "القن محمد" أثناء النقاش مع الحضور أنه لابد من مدرسة تاريخية تكتب التاريخ بجانبيه المادي والروحي اللذين يعتبران جانبين متكاملين ساعدا في استرجاع السيادة الوطنية، و ما هذه الروايات وأخرى كلها تصب في واقعية الجانب الروحي الذي نؤمن به لأننا مسلمين جزائريين، من جانبه اعتبر الأستاذ النائب " محمد الطيب السالت" أنّ التلاحم في كتابة تاريخ منطقة الجلفة على أساس معلومات تاريخية يُمكّننا من فرضه في المقررات الدراسية على الوزارة المعنية.