يخطئ من يظن أن امتحان شهادة البكالوريا وحده مقياس لنبوغ وتفوّق التلميذ في مرحلة التعليم الثانوي، ووحده يحقق من خلاله التلميذ الشهرة لنفسه أو لمؤسسته أو لوطنه إذا حصل على منحة في الخارج.. بل هناك منافسات ومسابقات بعيدة عن البكالوريا يبلغ من خلالها التلميذ إنجازات ومكاسب لنفسه ولمؤسسته ولبلده ككل. يتضح هذا بشكل جلي في ثنائي نابغة جمعت بينهما ثانوية ابن عمران ثامر بالإدريسية، بعد أن جمعت بينهما متوسطة طارق بن زياد وتخرجا منها بتفوق وامتياز، واختلفا في السن وشعبة الدراسة، واقتحما ميدان المنافسات التربوية والعلمية والأولمبياد، فإذا بهما يصلان بسهولة إلى المرحلة الوطنية، ويستعد أحدهما للدخول في المنافسة الدولية للأولمبياد في الرياضيات بألمانيا مع بداية شهر جويلية القادم كمثل للجزائر. ويتعلق الأمر بالتلميذ قصاب أسامة، صاحب الثمانية عشر ربيعا، من أسرة متواضعة، الوالد فيها أستاذ في التربية البدنية. والطفل أسامة دخل المدرسة الابتدائية بمدينة الجلفة على غير العادة فعمره كان سبع سنوات، وأنهى المرحلة الابتدائية بتفوق، لينتقل مع أسرته إلى مدينة الإدريسية وبها درس مرحلة التعليم المتوسط، ومنها بدأ يكتشف تفوقه في الرياضيات، فلا تنزل علامته تحت 20 مهما كانت صعوبة الأسئلة، لينتقل إلى مرحلة التعليم الثانوي واختار شعبة الرياضيات وهو في السنة الثانية ثانوي، وجميع الأساتذة اعترفوا بأنه ظاهرة عجيبة في هذه المادة، وهو ما جعلهم يرشحونه للمشاركة في أولمبياد الرياضيات، ويمر بسهولة إلى الدور الولائي فالجهوي فالوطني، ويصبح واحدا من الأربعة الذين أبلغتهم وزارة التربية الوطنية بأنهم متأهلون للدور التصفوي الدولي النهائي بألمانيا، في العاشر من شهر جويلية القادم. وقد شرع في التحضير. وصرح لنا بأنه قد بدأ يبحث في مواقع كثيرة عن أصعب المسائل والتمرينات، وأنه ذاهب كسفير لتمثيل الجزائر والجزائريين، وأمنيته أن يعود بالميدالية الذهبية حتى يشرّف بلاده وأسرته ومؤسسته. وأما النابغة الثاني، فهو التلميذ زيغم سعد، في السادسة عشرة من العمر، من أسرة متواضعة، الوالد فيها معلم اكتسب منه سعد إتقان اللغة، مما جعله يختار شعبة الآداب واللغات الأجنبية، وهو الآن في السنة الأولى من التعليم الثانوي. يجيد اللغات الثلاثة: العربية والفرنسية والإنجليزية. ومنذ صغره وهو بابتدائية خالدي مخلوف، يتناقل المعلمون موضوعاته الإنشائية التي يحررها بالعربية أو الفرنسية أو الإنجليزية وهو في المتوسط. وحين تم الإعلان عن المنافسات التربوية والعلمية التي تنظمها مديرية التعليم الثانوي كل سنة، اشترك فيها واختار اللغة العربية، فاجتاز المرحلة الولائية بسهولة وكذلك المرحلة الجهوية بغرداية لينتقل إلى المرحلة الوطنية بثانوية حسيبة بن بوعلي، وهو ينتظر الآن ما بعد المرحلة الوطنية في هذه المنافسة التي أظهر فيها قدرات هائلة. وكان بإمكانه المشاركة في اللغات الأجنبية خلال هذه المسابقة، مثلما صرح لنا، متمنيا تواصل المنافسة، ليبرهن على أن الجزائر بها طاقات في اللغات.. ما يكذب كل المزاعم.. وما يتمناه، هو ضرورة التكفل الخاص بمثل هذه الطاقات ورعايتها منذ الصغر.