اليوم وعند مروري بساحة الكنيسة سابقا أو كما تسمى حاليا "ساحة اللواء سعيدي فضيل" رحمه الله، سُررت لأعمال التهيئة التي مست ساحة هذا الصرح وإن جاءت متأخرة نوعا ما. ولعل ما كان يطبع هذه الساحة الواقعة بوسط المدينة، منذ أكثر من سنة، هو أنها كانت تحتضن المحلات الفوضوية المحيطة به، مثلما كانت مرتعا للاجئين الأفارقة، لتقرّر السلطات المحلية في النهاية البدء في مرحلة التهيئة بإسناد المشروع لشركة مقاولات كان يُفتَرض أن تعيد للمكان "جماليته ورونقه وتجعله درّة في وسط المدينة" وهو الوعد الذي قطعه رئيس الدائرة يوم ترحيل المحلات، خاصة و أن الجلفة تفتقر إلى حدائق و مساحات خضراء ...و لكن الكارثة أن هذه المقاولة عاثت في هذه الساحة الفساد قبل الإصلاح فبدأت في عملية تجريف عشوائية طالت الأخضر واليابس ولم تسلم حتى شجرة الأرز الأطلسي والتي يقاس عمرها بعشرات السنين. لقد قام سائق الجرّافة باجتثات شجرة الأرز الأطلسي العملاقة من جذورها وكأن في قلبه حقدا دفينا تجاهها أو أنه لا يفقه شيئا في حرمة قطع الأشجار حتى أيام الحروب كما أمرنا رسول الله صل الله عليه وسلم، بل وجعل النّبي دية في حال قطعها عند الضرورة القصوى وأن يكون قطعها على مراحل. ولعل الفاعل الذي أقدم على قطع الشجرة لا يعلم أن الشجرة كائن حي يتنفس وينمو ويمرض ويمدنا بالظل وحسن المنظر، وربّما هو لا يدري أن دولا قد جعلت من الشجرة رمزا ورسمته في أعلامها. نقول لمن فعل ذلك أن الشجرة رمز الحياة وأول مشروع قامت به الدولة الجزائرية هو غرس الشجر في مشروع السد الأخضر و إتخذته سياسة للزرع و ليس للتخريب وجرّمت كل من يتعدى على الشجرة بقوة القانون. وما يحزن القلب في مدينة الجلفة، هو أن هذه الجرائم تجاه الشجرة أصبحت عادة في بلدتي معكوسة. ففي الماضي القريب، وبالضبط في أواخر أيام المير السابق عبد العالي، قامت مؤسسة- تازفا- وفي جنح الظلام بجريمة في حق أكثر من شجرتين يرجع تاريخ غرسهما على الأرجح إلى تاريخ بناء مقر بلدية الجلفة سنة 1874 ولولا تدخل مجموعة من المواطنين لاكتملت الجريمة بمجزرة في حق الشجرة وفي حق تاريخ الجلفة. يا ترى من يتحمل المسؤولية؟ أيتحملها سائق الجرافة أم المقاول أم مكتب الدراسات الذي يشرف على متابعة المشروع؟ أو صاحب المشروع -الجهة الوصية- أم أن المسؤولية مشتركة بينهم ... في كل الحالات يوجد تقصير و يجب أن لا يفر المذنب من العقاب مهما تكن درجة مسؤوليته لكي يكون عبرة لكل من يريد إفسادا في الأرض . فعلا ... السلطات ببلدية الجلفة صارت تصنع الإستثناء كلما تعلّق الأمر بالبيئة والشجرة، عكس البلديات الأخرى التي أطلقت حملات التشجير مثلما هو الأمر ببلدية عين معبد شهر فيفري الفارط وبلدية دار الشيوخ بداية مارس الجاري ... أما بلدية الجلفة فهي قد حازت، وبامتياز، السبق في جرف واجتثاث وتقطيع الأشجار حتّى في موسم التشجير ...وبرعاية رسمية.