تولي السلطات العمومية اهتماما متزايدا بقطا السياحة بعد سنوات طويلة من الاهمال والضيا الذي عاشه القطا لاسباب موضوعية تارة وغياب استيراتيجية واضحة للنهوض به تارة أخرى، مما خلق حالة من الفوضى والتسيب على الرغم من توفر كل مقاومات الانعاش لكن في غياب ارادة سياسية لرد الاعتبار للسياحة. يتجلى اهتمام السلطات العمومية في السنوات القليلة الماضية من خلال محاولة وضع مخططات قصيرة ومتوسطة وحتى طويلة المدى، لضمان تنمية مستديمة للقطا، ضمن الاستيراتيجية العامة لتنمية وترقية الاقتصاد ككل حيث تم تسطير أهداف محددة وأرقام دقيقة في السياحة شأنها، شأن القطاعات الأخرى التي تحظى بالأولوية. ولهذا الغرض، فإنه يتم في الوقت الراهن اعداد ميثاق وطني للسياحة، يكون بمثابة المخطط الذي على أساسه تدار تهيئة السياحة أو ما يطلق عليه ب : ''إسدات 2025''، يأخذ بعين الاعتبار تحقيق التوازنات الثلاثة: العدالة الاجتماعية، الفعالية الاقتصادية والدعم البيئي، وذلك مثلما ورد في الديباجة الأساسية للسياسة السياحية في الجزائر التي أعدتها الوزارة المكلفة بهذا القطا للسنوات ال 15 القادمة. وبحسب مخطط ترقية قطا السياحة الذي صنف ضمن القطاعات البديلة للمحروقات، فإن التنمية الحقيقية للقطا لن تعطي ثمارها الأساسية في الغد القريب، ويبرر أصحاب مخطط «إسدات 2025» أن أهمية هذا الأخير تكمن في بلوغ أقصى نضج مطلوب بعد مسار طويل من البحث والدراسة والتحقيق والخبرة في اطار التشاور مع مختلف الفاعلين الوطنيين والمحليين العمومية والخواص. يقسم القطا انطلاقا من خمسة ملامح أساسية من حيث خطة العمل الاستيراتيجية، تأتي في مقدماتها ما أطلق عليها بالأقطاب السياحية بامتياز والقرى السياحية بامتياز، ثم تنفيذ برنامج ''إسدات 2025'' والمشاريع الأخرى السياحية التي تحظى بالأولوية. التنمية المستديمة للقطا لن تمر إلا عبر مرحلتين أساسيتين، مثلما سطر القائمون على القطا للاستيراتيجية السياحية، الأولى وتكون قد انطلقت قبل سنتين أي في 2008 وتستمر الى غاية 2015، وفيها سطر برنامج أقل ما يقال عنه أنه طموح، لأنه يهدف الى جذب أكثر من 2،5 مليون سائح وتوفير 75 ألف سرير بمقاييس دولية، أكثر من النصف أي 40 ألف سرير من المقرر أن تنجز على المدى القصير، والباقي أي 30 ألف سرير بمعايير وجودة عالية، تكاليف العملية رصدت لها مبالغ لا تقل عن 2،5 مليار دولار أي 350 مليون دولار سنويا. وبهدف رفع هياكل الاستقبال السياحي تم خلال الاشهر القليلة الماضية التوقيع على اتفاقيات مع 80 مستمثر وطني لرفع قدرة الاستقبال الى أكثر من 6718 سرير ستسمح بتوفير مناصب عمل جديدة تتجاوز 10 آلاف منصب، وتضاف هذه العملية الى العمليات الأربعة الماضية التي تم ابرامها مع انطلاق العمل بالمخطط الأول ضمن المرحلة الأولى. أما المرحلة الثانية، فإنها تمتد من 2015 الى 2025، وفيها يتم دعم كل الاعمال الهادفة الى بلوغ الاهداف المسطرة، وفي مقدمتها إرساء أسس تنمية مستديمة للقطا، وضعت لها خمسة ركائز أساسية في شكل مخطط لتثمين صورة الجزائر سياحيا وارساء الاقطاب السياحية وضمان النوعية واستهداف الشراكة العمومية الخاصة وأخيرا وضع مخطط للتمويل لضمان دعم النشاطات السياحية وجذب أكبر عدد ممكن من المستثمرين لرفع المنتوج السياحي الى المستوى المطلوب. استيراتيجية ترقية السياحة، وإن كان الهدف منها ارساء شراكة عمومية خاصة، إلا أنه يبدو من خلال مخططها الأساسي أن الدولة أخذت على عاتقها إعداد وتنفيذ وحتى تمويل القطا، بعد أن عجز القطا الخاص بشقيه الوطني والأجنبي على النهوض به، آخذة المبادرة في كل مراحل التنمية مع الاعتماد على القطا الخاص في توفير بعض هياكل الاستقبال، مما يعني أن حضور الدولة بات أكثر من ضروري، ليس للعب دور المنظم فقط، وإنما الموجه والمسير والمنفذ أيضا وهو ما قد يتنافى وآليات إقتصاد السوق.