يحتفل الشعب الجزائري اليوم بالذكرى ال 65 لمجازر الثامن ماي 1945 وهي محطة يجب الوقوف عندها من أجل استشراف المستقبل وليس النبش في التاريخ الذي إن تواصل الأمر على ما هو عليه سيصبح نقمة علينا، لأن ترك المستقبليات والاستراتيجيات والتركيز على الماضي جعلنا أسرى ماضينا وباتت الذاكرة الجماعية لبعض الأطراف مطية للكسل وتوجيه الرأي العام من أجل مآرب ضيقة جدا بينما يدعو العقل إ؟ ضرورة التفكير في المستقبل للأجيال وتقوية البلاد في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والعلمية والثقافية لضمان مكانة بين الدول المتقدمة ومن ثم نصبح في موقع قوة للمطالبة بحقنا في التعويض واسترجا الأرشيف. استغلت الحركة الوطنية مجازر 8 مايو 1945 للتخطيط للمستقبل من خلال البحث عن استراتيجيات فرنسا وأسباب المجازر وكيفية تفاديها مستقبلا ، وذهبت الحركة الوطنية التي استفادت من إجراءات العفو في مارس 1946 إلى تغيير الخطط للتعامل مع فرنسا ولم تقف على الأطلال تبكي ضحايا المجازر ومن بين النتائج الميدانية التي وصلت إليها الحركة الوطنية هو إنشاء أجنحة عسكرية كتكملة للعمل السياسي بعد أن تيقنت حركة انتصار الحريات الديمقراطية التي كان يقودها مصالي الحاج من استحالة استمرار سياسة المهادنة مع فرنسا. وانشأت حركة انتصار الحريات الديمقراطية جناحها العسكري في 1947 بقيادة محمد بلوزداد وتمكنت من تكوين أكثر 4000 فرد كان لهم فيما بعد شرف تفجير الكفاح المسلح ولولا أن فرنسا اكتشفت أمرها في 1950 وإلقاء القبض على العديد من كوادرها . وتطورت الأحداث بسرعة فيما بعد داخليا وخارجيا حيث استغلت الحركة الوطنية المجازر للدعاية للقضية الوطنية وحشد الرأي العام الوطني داخليا وخارجيا وهو ما أدى إلى تفجير الثورة التي كانت انتقاما من فرنسا حيث نبهت مجازر الثامن المايو الجزائريين من مكر فرنسا وأقنعوا الذين كانوا يطمعون في تفهم فرنسا بعد وقوف الجزائريين مع التحالف ضد الفاشية والنازية في الحرب العالمية الثانية للحصول على الاستقلال غير أن أحلامنا ذهبت أدراج الرياح واقتنع الجزائريين فيما بعد ضرورة الاتكال على أنفسهم لنيل ما يستحقون. وأبلي الجزائريون بلاء حسنا في الثورة ولم يكتفوا بالمطالبة بالاعتراف بالمجازر والحصول على التعويض والاعتذار، لأن لغة السلاح جعلت فرنسا محرجة أمام جميع الدول لأن العمل الميداني للجزائريين هو الذي أتى بثماره وحتى الملتقيات والندوات العالمية والإقليمية التي كانت تشارك فيها الجزائر كحركة تحررية جلبت قيم مضافة للكفاح المسلح ووصلت الجزائر إلى نيل استقلالها . لكن وبعد الاستقلال وفي ظل التطورات والتحولات التي عرفتها بلادنا لم نستطع التعامل مع التاريخ لتسطير المستقبل وأصبحنا ننبش فيه كل يوم لتبرير فشلنا وضعف تخطيطنا للتعامل مع مختلف الملفات ويظهر أن تاريخ الأمة بات منبرا لبعض الضعفاء من أجل توظيفه للحصول على ريو ومناصب أو فرض الضغط لتسويد الواقع وهو الأمر الذي يجب أن يعاد فيه النظر من خلال حماية تاريخ الأمة من الاستغلال الضيق وتكييفه لحساب بعض التيارات والأهواء التي جعلت البحث في التاريخ مرادفا للسب والشتم والقذف.