ساهم غياب الضبط وعدم احترام الآجال المحددة في إنجاز مشاريع إستراتيجية في قطاعات جد حساسة في بروز اضطرابات كبيرة، في ظل غياب صرامة في معاقبة الشركات التي تخل بدفتر الشروط، الذي يحدد الحقوق والواجبات وأجال التسليم مع اختفاء مخالفات التنظيم السابق الذي كان مبنيا على إرث التسيير، مما ساهم في إحلال فوضى لدى مختلف المتعاملين الذين لا يتصفون بالحرفية، وكذا تراجع كبير في الانجاز وهو ما تعرفه مشاريع قطاع النقل الذي كان من بين أولى القطاعات التي عرفت التحرير والانفتاح، مؤكدا بذلك أن الموارد المالية لم تعد تكفي وحدها في تجسيد المشاريع مستقبلا. يطرح غياب تطبيق عقوبات صارمة على المؤسسات التي تسجل تأخرا في تسليم المشاريع الموكلة إليها والتي وضعت في خانة الإستراتيجية كالسكك الحديدية، النقل الحضري، الميترو و التراموي إشكال التغيير المستمر لأجال انجاز مشاريع حساسة اقتصاديا واجتماعيا، وعليه فإن المواطن الجزائري يبقي يعاني من مشكل النقل إلى اجل يقول المسؤولون انه لن يتجاوز 2012على الأقل ليتم بعدها تدريجيا تخفيف الضغط إن لم يطرأ أي مشكل . ويبقي ضخ أكثر من 85 الى 90 مليار لتطوير المنشآت والبنى التحتية خلال عشرية بمعدل سنوي يفوق 8 ملايير دولار لم يحقق النتائج المرجوة، بالنظر إلى عدم التحكم في المشاريع وتأخرها وعدم احترام الآجال مقابل الطلب المتزايد، وبالتالي فإن الرهان كان مزدوجا بداية بضرورة استدراك التأخر المسجل خلال أكثر من عشرية من عدم الاستثمار، ثم الإسراع في الانجاز لتلبية الطلب المتزايد وتضاعف الضغط على المستوى القطاع، إلا أن الملاحظ أن كافة المشاريع الإستراتيجية عرفت تأخرا كبيرا تجاوز في أغلبيته السنة، حيث لم تسلم أي مشاريع كبرى في قطاع النقل في أجالها المحددة، مما ضاعف من المشاكل التي تعانيها بالخصوص المدن الكبرى وعلى رأسها عاصمة البلاد . ويتوقع أن يظل مشكل النقل قائما بالنسبة للجزائريين إلى غاية نهاية 2012 كحد أدنى في حالة إنجاز المشاريع المسطرة فعليا وانتهاج سياسة تنظيم فعلي وميداني للقطاع وكذا اعتماد سياسة الضبط، خاصة وان عدم التحكم في آجال الانجاز بات يضاعف من المشاكل التي يعانيها الجزائريون، ففي مشروع ميترو الجزائر الذي كان مبرمجا في أول الأمر نهاية 1986او بداية 1987على أقصى تقدير تأجل لسنوات ومع إعادة بعثه عام 2003كان مرتقبا فتح الخط الأول في غضون 2008 ليؤجل إلى بداية 2009 ثم منتصف 2009 فنهاية العام الجاري، أما عمليات التوسيع فستمتد إلى 2013 2012-. نفس الوضع يعيشه مشروع التراموي الجزائر الذي يعد أقدم مشروع في إفريقيا الذي يعود إلى 1898 حيث عرف تأخرا كبيرا، وكان من المنتظر حسب التوقعات الأولية بعد مباشرته في 2006 أن يكون عمليا بصورة جزئية بداية 2009 ثم جوان 2009 أو سبتمبر 2009 بالنسبة لكافة الشبكة إلا أن المشروع تأخر أيضا إلى غاية نهاية 2010 وبداية 2011 في وقت كان ينتظر أن تكون المشاريع التي توضع في خانة المشاريع الإستراتيجية أكثر دقة ومتابعة بالنظر إلى المبالغ المالية المرصودة لها حيث بات يتطلب اليوم إعادة تقييم كافة المشاريع.