ينطلق اليوم رسميا الدخول الجامعي على مستوى مختلف مناطق الوطن حيث سيكون أكثر من مليون طالب في الموعد في موسم جامعي تميزه مواصلة الإصلاحات للتفتح أكثر على المجتمع والجبهة الاقتصادية والعليمة لمواكبة التحولات الوطنية والعالمية وحتى الإقليمية والاستجابة لمتطلبات المجتمع والدولة في مختلف المجالات، كما ينتظر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رهانات أخرى كالاستمرار في انتهاج نظام أل-أم-دي ومكافحة الفساد خاصة على مستوى دواوين الخدمات الجامعية. تضم الجزائر 61 مؤسسة جامعية تمثل 27 جامعة و20 مركزا جامعيا و 11 مدرسة وطنية و4 مدارس عليا للأساتذة، وتوفر هذه الهياكل حوالي 3,1 مليون مقعد جامعي ويسهر على تأطير الطلبة حوالي 40 ألف أستاذ وهي أرقام معتبرة جدا تعكس الاستثمارات الضخمة التي قامت بها الدولة لتدارك النقائص وخلق توازن جهوي في المنشآت لتقليل الضغط على العواصم الجامعية في الجزائر، ولكن تبقى الجامعة الجزائرية بعيدة كل البعد عن النتائج المسطرة لها، ويلام عليها، بُعدها عن المجتمع وضعف تمويل الاقتصاد الوطني ونقص الاختراعات وجماد مراكز البحث العلمي وكثرة الصراعات والاحتجاجات وانتشار الفساد. وتشير مختلف التقارير والدراسات العالمية الى تأخر الجامعة الجزائرية في شتى المجالات، فبالرغم من تخرج 100 ألف جامعي كل سنة إلا أن مستوى الطلبة الجزائريين يبقى بعيدا عن التطلعات بالنظر الى ضعف الأعمال التطبيقية وعدم التحكم في أي لغة من اللغات بشكل جيد، وهو ما زاد من طرح التساؤلات على نجاعة الإصلاحات في الجامعة الجزائرية التي تبقى تبحث عن نفسها في ظل مناخ عالمي لا يرحم تميزه العولمة والاستحواذ على العقول النابغة بكل الطرق وهو ما لم تستطع الجزائر مجابهته فسنويا يهجر الجزائر ألف طالب نحو الجامعات الأجنبية وخاصة منها الفرنسية وأصبحت الجامعات الخليجية وحتى الأمريكية والكندية تنافس أوروبا على استقبال الطلبة الجزائريين المتفوقين لاستغلالهم في ما بعد في مختلف مخابر البحث للحصول على اختراعات جديدة وجني الملايير من الدولارات وهي الطاقات التي تصرف عليها الدولة الجزائرية الكثير ثم تترك تذهب دون حسيب ولا رقيب. والغريب في هذه الظاهرة هو البرودة الكبيرة في التعامل مع هذا الملف الذي يكلف الجزائر خسائر جمة لا تعكس الخطوات المتخذة في شانها خطر الآفة لأن الظرف الراهن في المجال الاجتماعي والاقتصادي يرتكز على الموارد البشرية، وكان رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة قد ألح في العديد من المرات على أهمية أن تأخذ الجامعة مكانتها اللائقة في المجتمع وتكون أكثر تفتحا من خلال أخذ الظواهر محل الدراسة بالتمحيص والتشخيص وتقديم الحلول اللازمة لمختلف السلطات بدلا من جعل الجامعات أماكن لتحسين الأوضاع الاجتماعية والحصول على مختلف الامتيازات على حساب تلقين المعارف وتشجيع البحث العلمي. وعليه فالجامعة الجزائرية التي تعرضت لهزات مختلفة تبقى بحاجة الى التصالح مع نفسها والقضاء على الصراعات بين مختلف النخب والاستثمار في الموارد البشرية لأن السرعة التي يمضي بها الوقت قد تفشل كل المجهودات والميزانيات الضخمة التي سطرتها السلطات. ------------------------------------------------------------------------