تتواصل المفاوضات بين الجزائر وكوريا الجنوبية حول إقامة مصنع للسيارات «هونداي» بالجزائر، حيث أكد سفير كوريا الجنوبية في مركز الدراسات الإستراتيجية ل «الشعب» أن الملف قيد الدراسة ويخضع لدراسات معمقة قبل أخذ القرار النهائي. وتسعى الجزائر منذ مدة طويلة إلى تجسيد مشرو مصنع للسيارات غير أن المساعي فشلت مع الفرنسيين والصينيين وحتى الإماراتيين الذين أفصحوا عن رغبة في الاستثمار في هذا الجانب غير أن غياب الإرادة من هذه الدول جعل الجزائر سوقا فقط لتسويق السيارات وهو ما جعل السلطات الجزائرية تفرض قيودا على القروض الموجهة لاقتناء السيارات من أجل الوصول إلى هدف إنشاء مصنع يقلل من حجم الاستيراد من الخارج في الوقت الذي تستورد الجزائر أعدادا هائلة من السيارات الكورية الجنوبية . تدشن اليوم شركة «سامسونغ» مصنعا لتركيب الأجهزة الالكترونية بسطيف في خطوة تجسد الإرادة الكورية الجنوبية في نقل الخبرات والتكنولوجية للجزائر والمشاركة في إنجاح مشاريع التنمية المستدامة وخلق مناصب العمل والمساهمة في خلق توازن اقتصادي جهوي طبقا للتجربة الكورية. ويأتي هذا المشرو مباشرة بعد المشاكل التي وقعت بين «ألجي» وفرعها في الجزائر «السلام إلكترونيكس» حيث تم الاختلاف بين الجزائريين والكوريين حول إنشاء مصنع لتركيب الآلآت الكهرومنزلية بالعاصمة ما جعل، وكيل الشركة الكورية الجنوبية في الجزائر جميعي، يقوم بتحويل الشراكة إلى الأتراك لبعث مشرو التركيب في الجزائر لتسويق علامة «ستار لايت» وهو ما يعكس الصعوبات التي تواجهها الجزائر وكوريا الجنوبية في سياق نقل الاستثمارات المنتجة ففي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية تخلت العديد من الدول الشريكة للجزائر عن نقل مصانعها للجزائر بعد أن وعدت بذلك بعد تصدير نسب معين من سلعها للجزائر غير أن التحولات المالية والاقتصادية العالمية أثرت كثيرا على التزامات تلك الدول وهو ما جعل بعض المشاكل تطفو إلى السطح وقد تأخذ أبعادا أخرى مستقبلا إذا لم تقترب وجهات النظر وتراعى المصالح العليا للطرفين. وفي سياق متصل تكون كوريا الجنوبية قد تراجعت عن الدخول في شراكة مع الجزائر لتسيير مصنع «ايني» بسيدي بلعباس وهو ما زاد من حدة الاختلاف بين المتعاملين الاقتصاديين بين البلدين. وبالمقابل تدخل رغبة الجزائر في المزيد من الاستثمارات المنتجة بعد فوز شركات كورية جنوبية بمشاريع بناء محطة تكرير ضخمة بسكيكدة ومشرو بناء المدينةالجديدة بوغزول وهي المشاريع التي خصصت لها الدولة ملايير الدولارات لتدعيم الاقتصاد الوطني وفك الاختناق عن العاصمة والمدن الشمالية. ويظهر أن الجزائر التي تصدر لكوريا الجنوبية المواد الطاقوية والأولية تحاول وضع توازن في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين من خلال استغلال تحسن العلاقات السياسية التي تعتبر ميزان هام لتذليل العقبات التي تحول دون تجسيد المزيد من التعاون الاقتصادي الفعال. ويمكن لبلادنا أن تستفيد من صناعة البواخر والأشغال العمومية والنسيج الذي حققت فيه كوريا الجنوبية نتائج باهرة جدا من خلال فتح مصانع عن طريق الشراكة لتستفيد الجزائر من خلق مناصب العمل وبناء صناعة خارج المحروقات وتستفيد كوريا الجنوبية من تصدير جزء من منتجاتها من الجزائر.