العملية الانتخابية في الجزائر بدأت واقعيا تنتقل من مجال ضيق إلى فضاء أرحب رغم «تأهلها وتأكدها وتدخلها» إلا أن تحرك الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات من خلال الإخطار والإشعار «لم يكن له أي صدى وقد وقفنا على عدة عمليات بهذا الخصوص، دون أن يسعفنا القانون ولا الواقع بالإجابة المرجوة، إلا من خلال تفهم فردي وعلاقات ودية»، هذا ما أكده عبد الوهاب دربال رئيس الهيئة. حياة.ك طالب دربال خلال الكلمة التي ألقاها، أمس، أمام مجلس الهيئة المنعقد بفندق الأوراسي في دورة غير عادية، بغرض المصادقة على التقرير المتعلق بالانتخابات المحلية ليوم 23 نوفمبر المنصرم إعادة صياغة نص القانون 16/11 من خلال التدقيق في عبارات ( تؤهل الهيئة – تتأكد الهيئة – وتتدخل الهيئة)، «لتكون لها معنا عمليا ملزما»، كما يحتاج أن يكون في حالات معينة «رادعا ونافذا ملزما»، حتى يكون ذلك واضحا لكل معني وشريك في العملية الانتخابية. مراجعة الذهنيات والقناعات حتى تواكب الأهداف السامية للإصلاحات
وأضاف في هذا السياق «لا بد من مراجعة الذهنيات والقناعات، حتى تواكب الأهداف السامية للإصلاحات السياسية والقانونية، التي أرادها المؤسس الدستوري، والتي تترجم العزيمة الصادقة للإرادة السياسية المتبصرة للإصلاحات الدستورية التي بادر بها رئيس الجمهورية «، ولذلك يرى أن «هناك عملا كبيرا ما زال ينتظر الشركاء جميعا، من أجل دفع المسار الانتخابي في البلاد نحو الأفضل». رغم المآخذ التي أشار إليها في كلمته بنوع من الأسف، إلا أن بعض المعطيات تؤكد أن العملية الانتخابية في الجزائر «بدأت واقعيا تنتقل من واقع إلى آخر ومن مجال ضيق إلى فضاء أرحب، رغم المآخذ التي لاحظناها إثر كل عملية انتخابية خضناها في تجربتنا الأخيرة»، مضيفا أن هذه «التجربة الانتخابية تتحسن تدريجيا». و يظهر هذا التحسن -كما قال - في «عدم تحصل أي تشكيلة سياسية على الأغلبية المطلقة لكل المجالس المحلية المنتخبة، ما يفتح مساحة واسعة للحوار السياسي»، وكذا «تحفظ كل التشكيلات السياسية عقب الإعلان الأولي للنتائج ولجوء الجميع إلى القانون وما يخوله من طعون»، بالإضافة إلى «المساهمة الجادة لتدخلات الهيئة في سلامة إتمام إجراءات مختلف مراحل العملية الانتخابية بهدوء وانسيابية». و ابرز دربال في سياق متصل أن متابعة العملية الانتخابية بكل مراحلها بداية من استدعاء الهيئة الناخبة إلى إعلان النتائج الأولية « تستدعي رقابة دقيقة ومتابعة ميدانية، ما جعلنا نقف على كثير من الحالات والوقائع بالدراسة والتحليل والتصويب والذي ما زال يحتاج إلى الجهد والعمل والتحسين والمعالجة». غياب المعرفة بدقة الإجراءات والطعون أمام الجهات المختصة ومن بين الملاحظات التي سجلتها الهيئة خلال الموعد الانتخابي السابق ذكر دربال «غياب المعرفة بدقة بالإجراءات والطعون أمام الجهات المختصة لدى كثير من الشركاء السياسيين»، الأمر الذي دفعهم إلى «الاحتجاج السياسي». كما لاحظت الهيئة أن «عملية الاختيار في الانتخابات المحلية خاصة، تنصب على الأشخاص دون البرامج»، الأمر الذي دفع بدربال إلى التساؤل حول جدوى الانتخابات بالقائمة المغلقة، ولفت في هذا الصدد تعرض عدد هائل من الأصوات» إلى التغاضي والإغفال «نظرا لعدم حصول بعض القوائم على العتبة «، وهذا ما يؤكد – حسبه- ضرورة الدراسة والمعالجة. وشدد دربال كذلك على «الحاجة العملية إلى نسج تناغم بين جهات الإشراف والتنظيم والرقابة والإعلام والتظلم، بحيث يمكن توقيف أي خروج عن النصوص القانونية والتنظيمية على الفور»، مفيدا أن «معالجة هذه القضية تساهم في إيجاد حلول لإختلالات كثيرة، وتعطي مصداقية أكثر للطبقة السياسية والرأي العام». ضرورة تكوين أعضاء الهيئة والشركاء الفاعلين في العملية الانتخابية وبعد أن أشار إلى مختلف الاختلالات التي تم تسجيلها خلال الانتخابات السابقة، أكد رئيس الهيئة «الضرورة القصوى» التي أصبح يمثلها تكوين كل الشركاء الفاعلين في العملية الانتخابية، مشيرا إلى أن هذا التكوين «يجب أن يشمل أعضاء الهيئة العليا، كما يمتد إلى كل الشركاء الآخرين، ويمس كل ما يتعلق بالانتخابات وإجراءاتها ومسارها وكيفية التعاطي معها وفي مختلف المراحل». وفي هذا الصدد، أعلن دربال أن اللجنة الدائمة للهيئة العليا لمراقبة الانتخابات «ستعكف في المستقبل القريب على تسطير برنامج تكويني سنة 2018 بهدف تحسين مردود الهيئة في المجال الرقابي وتدارك النقائص وضبط الأولويات»، مبرزا في معرض حديثه أهم التحديات التي لا تزال تواجه الهيئة وفي مقدمتها «ضمان استقلاليتها وحياديها وكذا فعاليتها، إلى جانب حماية صوت الناخب».