تعرف الجزائر، اليوم، تنظيم تظاهرة مهمة جدا وهي معرض الإنتاج الوطني، حيث تعتبر محطة لتقييم ما وصل إليه الإنتاج الوطني بعد سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الدولة منذ سنوات طوال. لقد غطت «الشعب» مثل هذه التظاهرة لسنوات طويلة ووقفت فعلا على الكثير من الأمور الإيجابية وهذا ليست شعبوية ولا حكم مسبق، بل كانت آراء الزوار من الجمهور والمتعاملين وكذا الأجانب الذين توافدوا على المعرض الذي أصبح يملك تقاليد واسعة، خاصة من حيث استقطاب الشركاء الأجانب ومختلف المتعاملين الذين يبحثون عن المنتوج الوطني لتصديره إلى دولهم الأصلية، من خلال استفادتهم من انخفاض العملة الوطنية وتوفر بعض قنوات نقل السلع والبضائع بسهولة. لكن السؤال المطروح، لماذا لا نرى المنتوج الوطني بذلك الحجم والكمية في مختلف المساحات التجارية، فالإقبال على معرض الإنتاج الوطني يكون قياسيا والكل يبدي إعجابه بالمنتوج الوطني، لكن ما نجده على مستوى المساحات أمر آخر، فالسلع والمنتوجات المستوردة تغزو الطوابير في مشهد متناقض. وحتى الأجانب من الصينيين والأوروبيين الذين أعجبوا بالمنتوج الوطني، نصحوا الجزائريين برفع ميزانيات الإشهار والمشاركة في مختلف المعارض العالمية لكسب معركة التصدير والتقليل من التبعية للواردات التي ترتفع من سنة إلى أخرى. ما عدا بعض الاستثناءات، عقب الأزمة المالية والاقتصادية التي شهدتها الجزائر في 2014 جراء انهيار أسعار النفط. يتزامن معرض الإنتاج الوطني هذه السنة مع قرار وزارة التجارة إلغاء رخص الاستيراد وهو ما يعكس مواصلة وتيرة تصدير العملة الصعبة للخارج وسقوط العديد من الخطابات التي تدعو لتنويع الاقتصاد الذي يخلق الثروة وتوجيه أموال التمويل غير التقليدي للتجهيز. إن الاقتصاد الجزائري الذي عجزت مختلف الاستراتيجيات عن تخليصه من التبعية للمحروقات، يحتاج إلى واقعية أكثر وتحرير النيات من الخطابات، لأن فشل مشروع اقتصادي لا يضاهي في أي حال من الأحوال تحويل مسارات الاستثمار إلى الملكية الخاصة والأنانية القاتلة التي تضيع على البلاد الكثير من الجهد والوقت.