أكد عدد من المتعاملين الاقتصاديين المشاركين في معرض الإنتاج الوطني في طبعته ال24، أن الإنتاج الجزائري وصل إلى مرحلة من الجودة، تؤهله لينافس نظيره العالمي، داعين جمهور المستهلكين إلى شراء ‘منتوج بلادي' ودعمه، كونه أضحى يطابق في جودته المقاييس العالمية، لاسيما في قطاعات المواد الغذائية ومواد التجميل والمنظفات والصناعة النسيجية وغيرها، مؤكدين حاجتهم إلى دعم الدولة والمستهلك على السواء من أجل الوصول إلى تنويع الاقتصاد وتخفيف التبعية لقطاع المحروقات. شكل معرض الإنتاج الوطني فرصة التقاء المصنع بالمستهلك، حيث أضحت هذه التظاهرة من أهم التظاهرات الاقتصادية التي ينتظرها المستهلك ليقف بكل اعتزاز أمام ما تصنعه اليد الجزائرية من منتوجات تنافس في جودتها نظيرتها العالمية. ولئن كان هدف المعرض هو ترقية الإنتاج الوطني، إلا أن كسب ثقة المستهلك والوصول إلى التصدير اعتمادا على الجودة والنوعية، إضافة إلى زيادة الوعي عند الشباب بأهمية القطاع الاقتصادي، هي في الحقيقة أهداف ضمنية حملها في جوهره. هذا ما أجمع عليه بعض المتعاملين الاقتصاديين الذين تحدثوا إلى "المساء"، مؤكدين أن مشاركتهم في هذه التظاهرة فرصة ذهبية لهم للالتقاء وجها لوجه مع المستهلك وجس نبضه تجاه ما يقترحون عليه من منتوج، والاستماع لأرائه ومقترحاته بهدف ترقيه منتوجاتهم أكثر، خاصة ما تعلق بالمنتوجات الغذائية ومشتقات الحليب وغيرها. رهان الجودة لكسب ثقة المستهلك في السياق، دعا السيد محمد تركي المدير التجاري لشركة ‘بيبيلا' للبسكويت، المستهلك إلى وضع ثقته في منتوج بلاده، بعد أن بات هذا الأخير يضاهي في جودته المنتوج الأجنبي، مؤكدا أن حيازة شركته لمعيار "ايزو 9001" المتعلق بالجودة الغذائية "دليل قاطع على أننا على الطريق الصحيح، ما دمنا اجتزنا كل الاختبارات التي أهلتنا باستحقاق لاكتساب هذا المقياس العالمي، في انتظار حصولنا قريبا على معيار "22000" المتعلق أيضا بالجودة والسلامة الغذائية". ويؤكد السيد تركي أن الرهان على الجودة والنوعية منذ دخول السوق في السنوات الماضية، جعله يوسع آفاق توزيع منتوجه والوصول إلى التصدير إلى كل من تونس وليبيا وساحل العاج والسينغال، وتعمل شركته على ولوج سوق أوروبا الشرقية والوسطى بالنظر إلى جودة منتوجه الذي ينافس نظيره العالمي، خاصة الفرنسي والإسباني. وعلى هذا الأساس، دعا المتحدث المستهلك الجزائري إلى الوثوق في منتوج بلاده قائلا: "الدول الأجنبية المصنعة لا تنتج منتوجات خارقة لا يمكننا مضاهاتها، لكن المواطن يلهث وراء المنتوج الأجنبي لأنه مستورد وفقط، لذلك نحن في هذا المقام ندعو السلطات المعنية إلى دعم المنتوج الوطني أكثر وأكثر من خلال الحد من الاستيراد العشوائي وإشباع السوق الوطنية بها، بالتالي حجب المنتوج الجزائري"! لا بد للتشجيع ألا يتوقف عند تنظيم المعارض من جهته، يرى السيد المعتز بالله قماري، المدير التجاري لمخابر "نجمة" لمواد التجميل، أنه لا يكفي التحصل على المقاييس الدولية إن لم يتم ربح ثقة المستهلك، وعليه فإن الشركة تقترح تشكيلة واسعة من مواد التجميل الموجهة للجنسين: "لكن الأهم في الموضوع هو التعبئة الجيدة والجميلة التي هي أول ما يجذب المستهلك، لذلك نحاول في كل مرة تجديد التغليف حتى يتماشى مع الذوق العام، خاصة للشباب المتطلب، لكن هذا لا يكفي إن لم يتم دعم مسعانا الرامي إلى تقوية الاقتصاد الوطني وخلق اليد العاملة"، ويوضح قوله هذا بدعوة صريحة يوجهها للسلطات العمومية من أجل وضع حد أمام إغراق السوق الوطنية بالمنتوجات المقلدة، لاسيما في مجال مواد التجميل لما لها من أضرار على الصحة العمومية، إلى جانب إضرارها بالاقتصاد الوطني من خلال التهرب الضريبي للتجارة الموازية. كما يتساءل المتحدث عن سبب الإقبال على منتوجات "مخابر نجمة" في تونس التي يتم التصدير لها، عكس البلد الأم الجزائر، ويجيب بقوله؛ إن السبب يكمن لا محالة في تفضيل الأغلبية للمنتوج الأجنبي، خاصة بعض العلامات العالمية، على غرار (دوف)، منوها إلى أن هذه العلامة بالذات الموجهة إلى دول إفريقيا ليست هي نفسها الموجهة لدول أوروبا "لذلك لا بد من توعية مستمرة للمستهلكين لاقتناء منتوج وطنهم ودعوتي إليهم صريحة: جربوا منتوج بلادكم.. أكيد سوف تنبهرون وتفتخرون به". في نفس السياق، يقول ممثل عن شركة ‘الجكور' لإنتاج الأفرشة بأن ثقة المستهلك يتم اكتسابها عن طريق جودة المنتوجات المقترحة عليه، يقول: "صحيح أن المنتوجات الصينية رخيصة الثمن، لكن إذا ما قورنت بالسلعة الوطنية ذات الجودة العالية، أكيد أن المستهلك الواعي سيختار لا محالة المنتوج الجيد، وهنا نؤكد أن منتوجاتنا عالية الجودة بدليل الإقبال الكبير عليها في الأسواق المحلية". ودعا من جانبه جموع المستهلكين إلى زيارة كل المعرض بقوة وليس بالضرورة جناح ‘الجكور' للتعرف عن قرب على المنتوجات الوطنية والوقوف على جودة الإنتاج الجزائري. ومن أجل تشجيع المواطن على الاستهلاك الجزائري، دعا السيد شكير بلقاضي رئيس مصلحة ترقية المنتوجات والإشهار بالشركة الوطنية ‘اناد' لإنتاج المنظفات إلى دعم شبكة التوزيع في كل ربوع الوطن "فمنذ أول يوم لهذا المعرض ونحن نسجل تساؤلات المواطنين الكثيرة عن سر اختفائنا عن السوق، رغم أننا موجودون منذ أكثر من 30 سنة، لكن أعتقد أن هذا التجاوب الكبير للمستهلكين مع التشكيلة الواسعة التي نقترحها عليهم في المنظفات والمواد المشابهة يستوجب على شركتنا أن تعيد النظر في نسج شبكة توزيع جدية لتضاهي جودة منتوجنا الوطني الذي نؤكد على أنه يوازي المقاييس الدولية، بالتالي ينافس حتى أهم الماركات العالمية، يكفي فقط الإشارة إلى منتوج ‘ثلج' الذي نفذت الكميات الأولى منه بمجرد عرضه على المستهلك". مضيفا أن تشجيع المنتوج الوطني يقع أيضا على عاتق السلطات المعنية من خلال تنظيم معارض دورية في كل ولاية، في دعوة صريحة لتكاتف جهود مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في هذا المجال والسلطات المعنية بهدف النهوض بالقطاع الصناعي في البلاد. استهلك جزائري لأدعم بلدي.. أعرب ثلة من المستهلكين تحدثوا إلى "المساء" عن إعجابهم الكبير لما وصلت إليه الصناعة الوطنية، وأبدوا افتخارهم بالعديد من الماركات التي نالت ثقتهم على مدار سنوات وينتظرون تحسينها أكثر فأكثر، متسائلين عن بعض المنتوجات التي لا تظهر في السوق، وحث آخرون الحفاظ على النوعية الممتازة للمنتوج. كما أبدى مواطنون غيرتهم على الاقتصاد الوطني ورغبتهم في اقتناء ما هو جزائري والخروج من التبعية الاقتصادية للمحروقات.