وضعت الاحتفائية باليوم العالمي للاعتماد المنظمة أمس بفندق ماركير الأصبع على نقاط الضعف المسجلة في الميدان بعد سنوات من الجهد في تعميم ثقافة المواصفات وشهادة المطابقة الشرط الأساسي للوجود في محيط حبلى بالمنافسة المشتدة عن آخرها.وهي منافسة ازدادت حدة مع قرار الانفتاح الوطني وبناء اقتصاد السوق. وتبين من خلال المداخلات والنقاش في اليوم العالمي للاعتماد الذي رعته وزارة الصناعة والمؤسسات الصغيرة وترقية الاستثمار وتنظيم مشترك للهيئة الجزائرية للاعتماد ''الجيراك'' والديوان الألماني للميترولوجيا أن رهان الاعتماد لم يكسب بعد ليس بسبب نقص الإرادة السياسية لكن لوجود المؤسسات الجزائرية في موقع بعيد عن المواصفات والمعايير التي تحمل قيمة لا تقدر بثمن. من اجل ذلك جاءت برامج التأهيل والنجاعة لمرافقة المؤسسة الجزائرية في هذه المعركة المصيرية تنفذ في الغالب بشراكة مع الهيئات الاؤوربية في إطار ميدا. وكشف ممثل وزارة الصناعة والمؤسسات الصغيرة وترقية الاستثمار بلقاسمي جاب الله عن ورقة عمل لتحضير الغد الاقتصادي تلعب فيه المؤسسة دور الريادة في ضبط نظام الجودة والتسيير بعيدا عن التسيب والاتكالية المفرطة وانتظار ما يأتي من فوق دون مبادرة تذكر. وذكر بلقاسمي مطولا بالمحاور الكبرى المتضمنة في خارطة طريق العمل القادم الذي حضر بأدق التفاصيل ولم يترك أي شيء على الجانب. وقال بلقاسمي انه منذ إقرار الجيراك واسناد له مهمة تسليم الاعتماد، اتخذت تدابير شتى من اجل تعميم المواصفات والتصديق وغيرها من المعايير الضرورية التي تفرض نفسها وتحتم على الجميع في عالم يتحدث فيه بلغة «ايزو» وما رافقها.وهي تدابير مدرجة في السياسة الوطنية التي تشترط المواصفات في كل شيء تحضيرا لأفق 2017 التي تزول فيها كلية الضغوط الجبائية والجمركية وتصبح الجزائر متفتحة على الخارج بلا قيود تتدفق عليها السلع والخدمات من كل مكان. فكيف تكون عندئذ حالة المنتوج الوطني الذي لا يراعي معيار الاعتماد والمواصفات؟ هل إمامه فرضة المنافسة ليس فقط على حصته بالسوق الوطنية بل الخارج؟ لهذا الأساس جاءت التدابير الجديد التي تدور حول خمسة محاور كبرى تصب كلها في تعميم ثقافة الاعتماد وتشجيعها من خلال آليات دعم ومساندة ومساعدة تمول من قبل الصندوق الوطني للتنافسية الصناعية. ويعول على انطلاق هذه المسالة بصفة سريعة وقوية العام القادم الذي ينظر إليه على انه محطة فاصلة لتطبيق النوعية. وهي نوعية أنشئت لها جائزة وطنية لتكريم في كل عام اكبر المؤسسات وأقواها جدارة واستحقاقا. ومن جهته شدد نور الدين بوديسة المدير العام للهيأة الجزائرية للاعتماد «الجيراك» على الجهود المبذولة في سبيل جعل من هذا التوجه خيارا أسمى وأقوى تكسر فيه المؤسسة الوطنية حالة التردد والخوف وتقتحم ميدان المواصفات والاعتماد. وقال بوديسة للصحافة أن كل شيء حضر من اجل مرافقة المؤسسة الجزائرية في هذا المسعى المقدس. وليس هناك عذر واحد يذهب عكس التوجه والواقع بدليل أن كلفة الاعتماد هى في أدنى المراتب مقارنة بشهادة المطابقة ''ايزو''. وذكر بوديسة مزيلا التأويلات المعطية لهذا الموضوع والمغالطات المردد من قبل أناس لا علاقة لهم بالمهنة ويجهلون أسرارها وخاصيتها، أن كلفة الاعتماد لا تتعدى 1,5 مليون دينار. وتضم تعويضات أعضاء اللجان التقنية والتفتيش واستعمال "لوغو الجيراك" الذي يعطي ثقة ومصداقية لمن يحمله. ويكسبه قوة في التعامل مع الأخر والشراكة معه. وتساءل بوديسة عن سبب ترويج مثل هذه المغالطات التي تضر أكثر ما تنفع وتفتح المجال الواسع للتأويلات والإشاعة التي تذهب عكس مصلحة الاقتصاد الوطني الذي يخوض معركة حاسمة من اجل التموقع في خارطة دولية سريعة التغيير والتحول. ويرى بوديسة أن الجيراك الذي لم ينطلق فعليات سوى منذ ثلاث سنوات لا يعير الاهتمام لهذا الأمر ويواجهه بحملات التحسيس والتوعية لدى المؤسسات مؤكدا لها أن الاعتماد يبقى الخيار الأوحد في زمن النوعية الذي لا يعترف بالحدود عدا حدود المواصفات. وقال أن ''الجيراك'' تلقت 40 طلبا للحصول على الاعتماد هذه السنة. وقد تنال هذه الشهادة العام المقبل.وما يزيد من أهمية هذه المؤسسات المطالبة بالاعتماد ويمنحها قوة أنها تنشط في ميادين إستراتيجية من مواد البناء والأشغال العمومية والمحروقات والميكانيك والنسيج والجلود. وهي مرتكزات الإستراتيجية الصناعية التي جعلت منها الجزائر اكبر خياراتها وأكثرها قيمة واعتبارا على الإطلاق.