تقع الأخطاء الطبية باستمرار في المشافي الخاصة والعامة دون أن تجد من يتعامل معها وتبقى مستمرة في تهديد مرضانا ومؤسساتنا الصحية، ففي كل يوم نسمع تذمرا هنا وشكوى هناك دون الوصول إلى حالة نهائية توقف الأخطاء وتحمي حياة المرضى من النساء والأطفال والمسنين من أخطاء يرتكبها أطباء هم أصحاب رسالة لكنهم بشر يرتكبون الأخطاء، غير أنها أخطاء تكلف الناس حياتهم . يرجع بعض المسؤولين تفاقم ظاهرة الأخطاء الطبية في الجزائر إلى عدم إجبار وزارة الصحة أطباء القطاع الخاص التسجيل في مجلس أخلاقيات المهنة والكشف عن شهاداتهم وخبرتهم قصد متابعتهم ومراقبتهم من قبل هيئة اختصاصية مستقلة، فضلا عن الأطباء الأجانب الذين لا يخضعون إلى التسجيل في مجلس أخلاقيات المهنة رغم أن القانون واضح في هذا المجال فيما يتعلق بالعاملين في القطاع الخاص، حيث يجبر المتعاملون في القطاعين الخاص والعام بالتسجيل في مجلس الأخلاقيات المهنية ولا تمنح الرخصة قبل تسجيلهم، أما فيما يخص الأطباء الأجانب، فالقانون يسمح للوزارة بمنح رخص لهم بالممارسة بعد التأكيد من استيفائهم لجميع الشروط، وإذا كانت هناك اقتراحات جادة من العمادة لإعادة صياغة الإطار القانوني، فلتتقدم باقتراحات رسمية. وتشير بعض الإحصائيات للمجلس الوطني لأخلاقيات مهنة الطب أنه خلال السنوات الأربع الأخيرة تم تحرير حوالي 500 شكوى بسبب الأخطاء الطبية عبر الوطن، وهو عدد ضئيل جدا بالنظر إلى الأخطاء المهنية بجميع أنواعها والتي يتعرض لها المرضى، وأضاف التقرير أن المواطنين في هذه الحالات يبحثون فقط عن التعويضات المادية والتي لا يمكن الحصول عليها إلا عن طريق القضاء، غير أن سماح القانون لمجلس أخلاقيات مهنة الطب بالتأسيس كطرف مدني في أية قضية تخص الأخطاء الطبية في إطار الدفاع عن المهنة دليل دامغ على أهمية الرجوع إلى هيئة المجلس قبل تطبيق عقوبات جزائية في حق الأطباء، وتتراوح العقوبات تبعا لدرجة وطبيعة الخطأ المرتكب، ما بين الإنذار والحرمان من الممارسة الطبية كأقصى عقوبة. وعن عدد الشكاوى المتعلقة بالأخطاء الطبية في المستشفيات العمومية والعيادات الخاصة بالجزائر والتي لا تزال محل تحقيق من قبل عمادة الأطباءالتي تجاوزت ال 200 قضية، أغلبها متعلقة بطب النساء والتوليد والجراحة المعمقة، حيث سجل العديد من الضحايا نتيجة أخطاء طبية، أرقام لا تعبر عن الحجم الحقيقي لهذه الأخطاء، حيث أن أغلب ضحايا الأخطاء الطبية لا يصرحون بذلك، إما لعدم ظهور آثار الخطأ أو جهلهم بالإجراءات اللازم إتباعها، في حين يفضل البعض الآخر اللجوء إلى العدالة كقضية إدارية باعتبار المؤسسات الاستشفائية مؤسسات إدارية قصد الاستفادة من تعويضات دون معاقبة الطبيب المخطئ . وتتعلق أغلب الأخطاء الطبية بطب النساء والتوليد وجراحة المسالك البولية والأنف والأذن والطب الداخلي، ولا تزال قضية الزيادة في جرعة التخدير من أكبر الأخطاء المهنية التي تؤدي في كثير من المرات إلى وفاة المريض.