1900 مليار.. وصحة الجزائريين في الإنعاش آخر تصريح للرئيس بوتفليقة بخصوص ملف الصحة، كان عبارة عن أوامر صريحة لإعادة النظر في السياسة الصحية، والمطالبة بصياغة إستراتيجية جديدة تضمن الغايات المرجوة للمواطن، نظرا لوضع التغطية الصحية والإضرابات المتواصلة، غير أن ذات الأوامر تستدعي التوقف عندها والتحقيق فيها عندما تستوقفنا الأغلفة المالية التي رصدت لسنوات متوالية للقطاع ضمن ميزانية الدولة. لم تتراجع ميزانية وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات خلال العشر سنوات الأخيرة، بل تجاوزت السنة الماضية ال 1900 مليار دينار، لتوفير هياكل قاعدية إضافية سواء مستشفيات عامّة وأخرى متخصّصة، إضافة إلى العيادات متعدّدة الخدمات، التي من المنتظر إنجازها في السنوات المقبلة من أجل الرفع من مستوى الخدمات الصحية ودعم الصحة الجوارية .. كما يتوقع أن يبلغ عدد سكان الجزائر سنة 5202 قرابة 40 مليون نسمة، إذ تشير الدراسات إلى وصول معدل الولادات إلى 9,16 في الألف، ومعدل الوفيات العامة إلى 5,4 في الألف ومعدل النمو إلى 24,1 % ومعدل طول العمر إلى 80 سنة، وستكون لهذه التحولات الديمغرافية آثار على التركيبة السكانية وتجديدها، وكذا على الاقتصاد والمجتمع. وكانت الحكومة قد أقرت منذ عام تقريبا خطة لإصلاح المنظومة الصحية تتضمن خارطة صحية جديدة تساعد على ترشيد التغطية الصحية من حيث الوقاية والعلاج إلى جانب إنشاء أقطاب صحية، في مخطط بعيد المدى للنهوض بالقطاع الصحي في آفاق عام 2025 لقاء مبلغ مالي يقدر ب 63,1819 مليار دينار جزائري، بغرض الوصول إلى مستوى المؤشرات الصحية المسجّلة حاليا في بلدان منظمة مع إنشاء وكالة محلية مركزية للمواد الصيدلانية وترقية الأدوية الجنيسة إلى جانب محاربة الأدوية المغشوشة، إضافة إلى مضاعفة الهياكل الصحية وترميمها، وتأهيل الإمكانات التقنية وفتح الاستثمار الاستشفائي في وجه القطاع الخاص الجزائري والأجنبي، مع تعيين الأطباء الأخصائيين في مناطق الجنوب والهضاب العليا، وتطوير التكوين وتدعيم التأطير، في وقت تجد وزارة الصحة والسكان نفسها عاجزة أمام أي إصلاح صحي عميق يقوم على تقريب الصحة من المواطن، وتحسين مستويات العلاج، فخطة إصلاح المنظومة الصحية يبدو أنها لم تحقق الإصلاح المرجو منها، لأنها أصبحت بحاجة إلى جرعات أوكسجين جديدة حتى لا نقول مشرط جراحة، وعملية دقيقة ومعمقة لاستئصال الورم الذي أصاب الصحة في الجزائر. إصلاح المستشفيات والنهوض بالقطاع الصحي في آفاق 2025 في خضم كل ما تقدم، أقرت الحكومة الجزائرية خطة جديدة لإصلاح المنظومة الصحية، ويقوم برنامج الإصلاح على إعداد خارطة صحية جديدة تساعد على ترشيد التغطية الصحية، من حيث الوقاية والعلاج إلى جانب إنشاء أقطاب صحية، في مخطط بعيد المدى للنهوض بالقطاع الصحي في آفاق العام 2025 لقاء مخصصات تربو عن 63,1819 مليار دينار جزائري، بغرض الوصول إلى مستوى المؤشرات الصحية المطلوبة حاليًا في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.. وللوفاء بالمطلوب، أعدت وزارة الصحة الجزائرية برنامجا شاملا يقضي بانجاز 88 مستشفى عامًّا، و94 مستشفى متخصّصًا، وأربعة معاهد محلية مختصة، فضلاً عن 311 عيادة متعددة التخصصات و221 هيكلً صحيً آخر، وتنوي الحكومة التكفل بالانتقال الوبائي من خلال 26 برنامج وقاية و8 برامج علاج و4 برامج دعم بتكلفة إجمالية قدرها 92 مليار دينار جزائري. وستتيح إصلاح تسيير الأدوية من خلال إنشاء وكالة محلية مركزية للمواد الصيدلانية وترقية الأدوية الجنيسة إلى جانب محاربة الأدوية المزيفة، إضافة إلى مضاعفة الهياكل الصحية وترميمها، وتأهيل الإمكانات التقنية وفتح الاستثمار الاستشفائي في وجه القطاع الخاص الجزائري والأجنبي، مع تعيين الأطباء الأخصائيين في مناطق الجنوب والهضاب العليا، وتطوير التكوين وتدعيم التأطير. وتسعى الخطة الحكومية إلى تطوير تسيير المستشفيات ومقاييس التسيير، وتنظيم التمويل وتحسين نوعية الخدمات والتكفل براحة المريض وبأمنه، إضافة إلى إزالة الفوارق الصحية على مستوى الولايات ال،48 من خلال استكمال إقامة نظام للمتابعة الصحية، وتطوير تسيير المستشفيات، وتحديد مقاييس الجودة ومؤشرات النجاعة الخاصة بالهياكل الصحية، حتى يمكن التكفل بالأمراض غير المتنقلة، كما تراهن السلطات على إيصال الأدوية الجنيسة إلى مستوى 80% من الاستهلاك الإجمالي، والنهوض بعمليات زرع الأعضاء وجراحة القلب الخاصة بالأطفال وتدعيم صحة الأم والطفل. ''آلاف ضحايا الأخطاء الطبية احتسبوا لله والقليل منهم لجأ إلى القضاء '' لكن ورغم كل ما تقدم يبقى ملف الأخطاء الطبية في الجزائر مثقلا بالضحايا وأنات المرضى وأهاليهم، فالظاهرة في تفاقم كبير. وإن كان عدد القضايا المرفوعة ضد المتسببين أمام القانون قد بلغ 500 شكوى، إلا أن ما خفي كان أعظم، فجل الضحايا احتسبوا الله فيما حدث لهم واعتبروا الأمر قضاء وقدرا ولم يسعوا لأي متابعة قضائية ولا طلبوا تعويض. وهذا ما دفع الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان لتدق ناقوس الخطر حول تفاقم ظاهرة الأخطاء الطبية، حيث أشار رئيسها حسين زهوان قبيل أيام إلى أن هذه الأخيرة بحوزتها ما يزيد عن ال 50 ملفا أودعه ضحايا الأخطاء الطبية، مؤكدا تشكيل لجنة على مستوى الرابطة لدراسة ومتابعة هذه الملفات. وصارت ساحات القضاء الجزائري اليوم تعج بقضايا الأخطاء الطبية التي فاقت معدل الخطأ المسموح به أو الذي يمكن التغاضي عنه، لأن الضحايا يعدون اليوم بالآلاف، وأغلبهم من النساء لأن الأمر أخطر في أقسام التوليد التي تحولت إلى ''باطوار'' تخشى دخوله السيدات الحوامل ويفضلن دفع الغالي للولادة في العيادات الخاصة... لكن حتى هنا الأمر لا يسلم فالمنظومة الصحية واحدة وتتطلب مراجعة وقوانين أقل مرونة وأكثر صرامة في محاكمة المتسببين، فالتهاون في قطاع الصحة نتائجه مريرة يدفعها المواطن من صحته وحياته. ورغم أن الأطباء يرجعون الأمر إلى الظروف والاكتظاظ ونقص الإمكانيات، إلا أن التلاعب بأرواح المواطنين لا يجب أن يعامل بالتسامح حتى نضمن نهوضا فعليا بقطاع الصحة في آفاق 2025 كما أراد له رئيس الجمهورية. كمال بوزيدي يكشف ل''الحوار'' للمتضرر الحق في المتابعة القضائية في حالة التقصير والتعمد مع تزايد معدلات الأخطاء الطبية في السنوات الأخيرة ونظرا للأضرار التي تلحق ببعض المرضى تصل إلى حد العاهات المستديمة وحتى فقدان جزء حيوي من جسم الإنسان، والتي أضحت مسألة أسالت الكثير من الحبر في صفحات الجرائد والعرائض في المجالس القضائية، رأينا أنه من الواجب الاستفسار شرعا حول مسألة جواز متابعة الأطباء والمستشفيات قضائيا أم رد الأمر إلى المكتوب والتسليم بالقضاء والقدر. وفي هذا الخصوص، قال كمال بوزيدي، إن الناظر في تعاليم الإسلام والمتأمل فيها يوقن حقا بأنها منهاج حياة متكاملة، فهو لم يدع جانبا من جوانب الحياة ولا طورا من أطوار الإنسان إلا ورسم فيه المنهج الأمثل، ومن جملة ما رسم منهاجه وحدد قيوده الإجراءات العلاجية والعمليات الطبية ومن خلال هذين الأمرين، تعاليم الإسلام والسياسة الشرعية التي لا تخالفه تخرج تطبيقات القضاء وأحكامه. فمن واجب الطبيب أن يكون أمينا مع مريضه ويتق الله فيه فلا يهمل ولا يقصر ولا يقدم على إجراء علاجي إلا إذا كان متمكنا منه ويستطيع معالجته فإذا لم يكن متمكنا منه فعليه إحالة المريض إلى من هو أكثر خبرة منه والفيصل في هذا كله هو الوازع الديني وليس الرقابة. فالأطباء ليسوا كائنات خارقة بل هم بشر ومن الطبيعي أن يقعوا في أخطاء إما بجهل أو عن نسيان. ومسألة متابعة الأطباء والمستشفيات قضائيا إثر إهمال أو تقصير يستبب في أذية الإنسان فهذا جائز شرعا ويحق للمريض أو المصاب ملاحقتهم قضائيا ولكن بشروط. فيجب محاسبة الطبيب إذا ارتكب خطأ جسيما وكان متعمدا ومقصرا في عمله كتأخره في وصف علاج للمريض أو تقديم خدمات له أو تقديم أدوية لا تعالج علته، متعمدين من حيث التأخير أو التكاسل وخاصة عند إجراء العمليات الجراحية حيث يرتكب بعض الأطباء والجراحين أخطاء جسيمة كأن يترك فوطة أو مقصا في بطن المريض أو يقطع شريانا أو يعطل حاسة من حواس المريض أو يحدث له عاهة عند إجرائه للعملية كالشلل مثلا فيحق للمريض رفع دعوى قضائية ضد الطبيب المعالج ومتابعته قضائيا لأنه ليس من العدل الاكتفاء بالتعويض في مثل هذه الحالات شريطة استوفاء الشروط السابقة الذكر أي التعمد والتقصير. وهنا وجب على الطبيب المتابع أمام القضاء إثبات عدم ارتكابه لخطأ طبي أثناء إشرافه على علاج المريض. كذلك هو الحال في المستشفى فإذا لم تقدم الخدمة اللازمة وعجزت الإدارة عن علاج المواطن في ظروف حسنة وتحقيق راحة بال أطبائها وتوانت عن مسؤولياتها فتحاسب هي الأخرى وتتابع قضائيا من طرف المصاب. وأستشهد في حديثي هنا بحادثة وقعت لعمر بن الخطاب الذي دفع دية لامرأة فقدت جنينها نتيجة استدعائه لها ما أصابها بالرعب فنتج عن ذلك السقط ما ألزم عمر دفع الدية. ولهذا يجب على كل طبيب يمارس هذه المهنة النبيلة التي تنقذ حياة الأشخاص وتبعث فيهم الأمل من جديد، مراعاة الالتزام والثقة والاتقان في عملهم فهم مسؤولون أمام الله وأمام الإنسان على أرواح الناس فهم يحاسبون عليها في الدنيا والآخرة، فلا ضرر من أن يتعاون الأطباء فيما بينهم لتبادل الخبرات والوقوف مع بعضهم البعض لتجنب الوقوع في أخطاء المهنة التي تقع على عاتقهم وعاتق العاملين في مجال الرعاية الطبية، بمن فيهم الممرضون، والتي تعرض حياة المرضى لخطر العاهة والإعاقة وحتى الموت. فالإسلام دعانا إلى التعاون والتكافل تبعا لقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).