يعيش مجتمعنا يوميا على وقع الأخطاء الطبية التي انتشرت بشكل كبير مما انقص من ثقة المواطنين في القطاع العام. ولم يقتصر الاستياء على ذلك بل امتد ليشمل القطاع الخاص الذي لم ينج هو الآخر من الأخطاء الطبية التي أصبحت مع مرور الوقت تشكل هاجسا يدفع ثمنه المواطن المغلوب على أمره. وبخصوص الأخطاء الطبية وانتشارها كان لنا حوار مع الدكتور بقاط بركاني محمد رئيس عمادة الأطباء الجزائريين. هل الأخطاء الطبية المسجلة في بلادنا ترجع الى النقص في تكوين الأطباء أم الى الإمكانيات ؟ لا أظن أن كل الأخطاء الطبية كانت متعمدة ومهما كانت النقائص التي تعرفها المستشفيات لا يمكن أن تصل الى درجة إهدار روح إنسان ما. وعليه ما سجل من أخطاء طبية يوضع في خانة الهفوات لأن الطب علم غير دقيق. وما أود الإشارة إليه هو أنه و من بين عشرات الآلاف من العمليات لا يقع الخطأ إلا في حالة أو اثنتين على المستوى الوطني. تحديدا كم هو عدد الأخطاء الذي سجلتها عمادتكم؟ سجلنا في السنوات الثلاث الماضية 300 شكوى تقدم بها أهل المرضى، وقد تم توقيف 4 أطباء بعدما تم إحالتهم على المجلس التأديبي. وأود ان أوضح في هذا المقام أننا لا نعاقب الطبيب الذي يقترف الخطأ بالحبس، بل نتخذ قرارات تعني الإنزال في المرتبة أو إعطاءه توبيخا أو منعه من ممارسة المهنة، لكن قبل كل هذه القرارات الثلاثة نتخذ إجراء يسبقهم وهو أننا ننذر الطبيب ثلاث مرات وإذا لم يتراجع عن أخطائه نقوم بتطبيق العقوبة التي نراها ملائمة. لا يبدو أن هناك حلولا في الأفق ومستشفياتنا حاليا تعاني من عدة مشاكل؟ ما ينقصنا نحن في الجزائر هو القيام بتقييم شامل لواقع الصحة في الجزائر والاحتياجات الضرورية الكفيلة بتحسين ظروف الاستشفاء والعلاج في الجزائر، والهدف من هذا التقييم في الأساس يأتي من اجل وضع أسس عملية من شأنها أن تحدث التوازن داخل المستشفيات والمراكز الصحية، وبمقدورها أن تحدد الآفاق المستقبلية للصحة العمومية في الجزائر وما زلت أطالب بذلك لحد الآن. هل تشتكي الجزائر من نقص في عدد الأطباء؟ لا يمكنا الجزم بأن الجزائر تعاني من نقص في عدد الأطباء بل خللا في انتشارهم وتغطيتهم لكافة التراب الوطني. الجزائر لديها 45 ألف طبيب منتشرين على مستوى كل المستشفيات والمراكز الصحية، شخصيا أرى أن الجهات المسؤولة ملزمة اليوم بوضع إستراتيجية وطنية لتقييم واقع المستشفيات وتحديد قائمة النقص الحاصل في عدد الأطباء المختصين والجراحين. ما رأيكم في مستوى تكوين الأطباء ببلادنا ؟ أستطيع أن أؤكد لكم أن الطبيب الجزائري كفؤ وكل ما يحتاجه حاليا هو تكثيف الدورات التدريبية والتكوينية و على الدولة أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المسألة وتتجه نحو تبني سياسة لتكريس مبدأ دورات التكوين المستمر لفائدة الأطباء والممرضين حتى لا نقع في العجز وسوء التغطية الصحية. وماذا عن الإمكانيات ؟ أضحى النقص المسجل في مستشفياتنا يؤثر على التكفل الجيد بالمرضى وأصبح هذا النقص يشكل خطرا على المرضى منهم بالدرجة الأولى المصابين بالسرطان بسبب عدم وجود وسائل الكشف والأشعة، حيث يتم إرجاء مواعيدهم ما يعرضهم لخطر الموت أو تضاعف الإصابة بالإضافة الى عدم تجهيز المستشفيات الجهوية المختلفة، وهو ما أدى الى تكريس مبدأ مركزية العلاج فكثير من المرضى يضطرون لقطع مسافات طويلة من أجل إجراء كشف السكانير وغيرها من الآلات التي لا تتوفر في المستشفيات الداخلية. ما هي المشاكل التي تعاني منها النقابة حاليا؟ تعاني النقابة كثيرا من مشكل لم يحل لحد الآن وهو أن 20 بالمائة من الأطباء غير مسجلين في اللائحة الوطنية التي تضم 45 ألف طبيب، بالإضافة إلى نظرة المجتمع الذي مازال يرى أن مجلس أخلاقيات المهنة مجرد أداة تدافع عن مصالح الطبيب دون المواطن، ما يجعله دائما يشكك دوما في قراراتها، علما بأن عمادة الأطباء في الجزائر لم تفصل لحد الآن في الملفات المطروحة أمامها المقدرة ب200 ملف نظرا لحساسية القرار المتخذ خوفا من الإجحاف في حق الطرفين سواء الضحية أو الطبيب. دافعتم عن قضية تأمين عيادات الأطباء؟ تكلمنا في مناسبات عديدة عن مبدأ تعميم تأمين مكاتب الأطباء مما يجنب الطبيب المتابع في حالة إقرار المحكمة بالتعويض في المسؤولية المدنية على أن تقوم شركة التأمينات بتعويض القيم المالية بدلا عنه خاصة أن عمادة الأطباء لا تحمل طابع المسؤولية الجزائية، بل تقر أربعة قرارات تأديبية هي الإنذار والتوبيخ والمنع من الممارسة بصفة ظرفية والمنع من الممارسة بصفة نهائية.