الاحتلال المغربي يتلاعب بالوقت لتمييع الحلّ اعتبرت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر فلة عربي عودة، أن خروج المسار التفاوضي حول القضية الصحراوية من حالة الجمود المسجل منذ 2012، يستدعي تفعيل الشرعية الدولية، واستعادة الأممالمتحدة لدورها الحقيقي الذي وجدت لأجله، وأكدت الاستاذة عودة، أن السبب الوحيد لتوقف المفاوضات حول النزاع في الإقليم المحتل، هو تعنّت وتصلّب المغرب وتلاعبه بعنصر الوقت لتمييع القضية، مشيرة في ذات الوقت إلى أن وصفه لمشاورات برلين بأنها مجرد لقاء ثنائي عادي،إنما يؤكد سعيه إلى إفراغ وتجريد القضية من الأجندة الأممية وبالتالي فرض سيطرته على الاقليم الصحراوي بصفة نهائية. «الشعب»: دعا المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية هورست كوهلر إلى إجراء مباحثات حول النزاع في الإقليم المحتل الشهر القادم ببرلين، وهذا في خطوة لتحريك المسار التفاوضي المتوقف منذ 2012،كيف تعلقين على ذلك؟ الأستاذة فلة عربي عودة: هي خطوة إيجابية لصالح القضية الصحراوية، وتأكيد على ضرورة التفاوض السلمي برعاية الأممالمتحدة من أجل تقريب وجهات النظر، وإيجاد حل يرضي طرفي النزاع وفق الشرعية الدولية، لأن الجمود الذي لازم القضية منذ 2012 مردّه الوحيد، هو تعنّت وتصلب الموقف المغربي وتلاعبه بعنصر الوقت لتمييع القضية وتباعد وجهات النظر رغم كل مجهودات التسوية سواء على المستوى الأممي أو الإفريقي أو مبادرات الدول المهتمة. دعوة طرفي النزاع من جديد للتفاوض يعطي نفسا للقضية ويحرّكها برعاية أممية عسى أن تجد أفقا للتسوية. الدعوة وجهت لطرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو وأيضا للجزائر وموريتانيا، ما معنى ذلك؟ الدعوة للقاء برلين من طرف المبعوث الأممي، هي تكملة لما سبقوه من ممثلي الأممالمتحدة في سعيهم لإيجاد حل لقضية في ظاهرها تبدو بسيطة، الحل من خلال تطبيق الشرعية الدولية وتفعيل مبدأ حقّ تقرير المصير، إلا أن الواقع والتفاعلات الإقليمية والدولية ومصالح الدول الكبرى جعل القضية سجينة هذه الحسابات، الأمر الذي أثر سلبا على مشاريع التسوية الأممية. الدعوة الموجهة إلى الجزائر وموريتانيا تعتبر دعوة عادية بحكم اهتمامهما بالقضية ومن منطلق أنها دول جوار، يعني ما يمسّ أي دولة جارة ينعكس بالضرورة عليها، عموما دعوة أي دولة جارة في أي مفاوضات يعتبر من العرف الدبلوماسي الدولي. المغرب ومباشرة بعد توجيه الدعوة سارع ليقول بأن لقاء برلين لا يتعلّق باستئناف مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع وإنما بمجرد لقاء ثنائي ما معنى هذا الكلام؟ المغرب، ومن خلال وصفه لقاء برلين على أنه سيكون مجرد لقاء ثنائي عادي، يسعى كعادته إلى إفراغ القضية من بعدها الدولي والحرص على التأكيد على أنها قضية ذات شأن داخلي، وهذا ليس بالشيء الجديد بالنسبة إليه، فطالما تعنت وضرب بالشرعية الدولية عرض الحائط. إن حرصه على وصف اللقاء بالثنائي، يرمي إلى إفراغ وتجريد القضية من بعدها وسحبها من الأجندة الأممية وجعلها قضية داخلية بحتة في حين أن الأممالمتحدة أخذت على عاتقها مسؤولية حلّها باعتبارها قضية تصفية استعمار بالدرجة الأولى. ولقد سعى المغرب قبل هذا، أي منذ المسيرة الاحتلالية حين فرض سياسة الأمر الواقع، إلى العمل على تبنى هذه الفكرة وعمل على ترويجها على المستوى الدولي وخاصة المستوى العربي من خلال جامعة الدول العربية لكسب تأييدها في تحركه الاستعماري، وهذا معناه أن المغرب بتركيزه على وصف اللقاء باللقاء الثنائي يريد تجريد القضية من الطابع والبعد الأممي وجعلها قضية داخلية والقضايا الداخلية حسب العرف الدولي وميثاق الأممالمتحدة لا يجوز التدخل فيها، إلا إذا طالبت الدولة المعنية بذلك. هل يستطيع كوهلر أن يُخرج القضية الصحراوية من حالة الجمود التي فرضت عليها ويدفعها نحو الحل أم أنه سينتهي إلى ما انتهى إليه من سبقوه؟ يمكن للمبعوث الأممي أن يخرج القضية من حالة الجمود إذا كانت فعلا هناك إرادة فعلية لتسوية القضية . ونقصد بالإرادة الفعلية، العمل على تفعيل الشرعية الدولية لتسترجع الأممالمتحدة دورها الحقيقي الذي جاءت من أجله، كما يمكننا أن نقول أنه ربما سينتهي إلى ما انتهى إليه من سبقوه كون القضية لا تزال حبيسة مصالح الدول الكبرى واستراتيجياتها وأن بقاء القضية على ما هي عليه يخدم عدة جهات وأولها المحتل المغربي سواء داخليا أوخارجيا.