هي واحدة من أبشع الجرائم النووية التي شهدها العالم المعاصر، 58 سنة تمرّ على ما اقترفته فرنسا بالصحراء الجزائرية، إنطلاقا من حموديا بمنطقة رقان ولاية ادرار، وصولا إلى إينيكر شمال عاصمة الأهقار، جرائم لم تفلح في إخفاء أثارها ومعالمها الإفتراءات والتمويهات، وحتى التلاعب بالألفاظ وتوظيف مصطلح «تجربة» عوض «تفجير»، لتخلّف ويلات لا يزال السكان المنطقة يتجرعونها إلى حدّ الآن ومستمرة لآلاف السنين. كانت البداية بحموديا يتاريخ 13فيفري 1960 تحت مسمى «اليربوع الأزرق»، لتحطّ الرحال بإينيكر 180 كلم شمال عاصمة الأهقار، بتاريخ 07 نوفمبر 1961، وبتاريخ 01 ماي 1962 تفجير «بيريل» بحجة خلو السكان من هذه المناطق، وبهدف إنضمام فرنسا إلى مجلس الأمن في النادي النووي الذي يجمع من لهم الحقّ في الفيتو. وهكذا شكّل تاريخ 07 نوفمبر 1961، بداية الإنتهاك الصارخ ومواصلة الإعتداء الهمجي الفرنسي على الصحراء الجزائرية بعد أن شرعت فيه جنوب غرب الوطن، لتستمر بتفجيرات امتدت إلى السنوات التي عقبت الإستقلال، وبالضبط حتى تاريخ 16 فيفري 1966، حيث تفننت وقامت ب 13 تفجيرا نوويا 05 تجارب بليتوانيوم، بحضور شخصيات بارزة من السلطات الإستدمارية، بالمنطقة المسماة إينيكر، ليكون جبل تاوريرت المحاذي للطريق الوطني رقم 01، مسرح لأكبر أنواع التفجيرات العالمية، والتي بلغت حسب بعض التقارير إلى أزيد من 60 طنا، مما أنتج عنه جريمة ضد الشعب الجزائري والمنطقة والأنسانية، لكون المنطقة تعرف مرور الكثير من قاطعي الطريق الوطني رقم 01. الواعر: «هولكوست» فرنسي في حقّ الشعب والمنطقة وصف رئيس جمعية تاوريرت لضحايا التجارب النووية بالأهقار، محمود الواعر، أن الجريمة الفرنسية هي هولكوست في حقّ الشعب والمنطقة، مؤكدا على رفضه لمصطلح حادثة أو تجربة التي هي في الواقع تفجير مبرمج وكارثة نجمت على هذه الجريمة، خاصة وأن الإستدمار الفرنسي ترك مسرح التفجيرات والتجارب النووية والكيمياوية ملوثا بالمواد المشعة والقاتلة والباقية لآلاف السنين متروكة في العراء من دون معالجة أو حتى تطهير، في أقل ما يطلق حسبه أنها «منطقة شيطانية»، خاصة وأن أثارها لا تزال مستمرة للعيان إلى حدّ الساعة، فسكان المنطقة ورقان يعانون من ارتفاع الوفيات بسبب السرطان، حيث إن أكثر من 20 نوعا سرطانيا أصبح منتشر بهذه المناطق. في نفس السياق، يضيف الكاتب العام للجمعية أن كل الشعب الجزائري متضرّر من هذه الجرائم، بحكم المناطق التي وقعت فيها وبسبب العوامل الطبيعية التي من الممكن أن تنقل هذه الإشعاعات عن طريق الجو، معتبرا أن هذه الجريمة أصبحت أكثر وحشية بتركها دون نزعها من طرف المستعمر، ودون حتى الكشف عن المناطق التي تمّ وضع النفايات، مؤكدا عن تواجد أكثر من 70 موقعا غير معروف مكانه، مطالبا بضرورة الضغط على فرنسا للكشف عنها، ومن جهة أخرى يضيف المتحدث أنه لا بد من وجود مرصد مراقبة على غرار الذي وضعته فرنسا في المحيط لقياس درجة الإشعاع ومعرفة تواجد الإشعاعات، وكذا المرافق الصحية للحدّ من خطورة الجريمة. في سياق متصل، صرّح في وقت سابق أحد العمال في الفترة ما بين (1963 / 1966) «بوجمعة بن الصديق»، «للشعب» على هامش الملتقى المنظم من طرف الجمعية، كيف كانت العملية تحت الجبل في آبار على شكل أروقة. كما أكدت الحقوقية بن براهم خلاله على ضرورة متابعة نطرا لتواصلها بمخلفاتها إلى الآن على جميع الأصعدة. هذا وأكد رئيس جمعية تاوريرت التي تنشط بدون مقر إلى حدّ الآن، بالعمل رغم قلة الدعم على مواصلة النشاط من أجل إثبات هذه الجريمة وإجبار فرنسا على الإعتراف بها.