لا ينتهي الحديث عن تنمية المنظومة التربوية وتصويب النقاش باتجاه القضايا البيداغوجية لما لها من تاثير مباشر على الاداء التعليمي والتحصيل التربوي النوعي في ظل الرهان على المدرسة للتصدي للتحولات الواسعة التي افرزتها العولمة وقد اصابت المجتمعات النامية في الصميم. ومما يثير التساؤل في هذا الظرف الراهن المتميز باجماع كل الفاعلين في المجموعة الوطنية قضية الدروس التدعيمية التي اصبح التلاميذ يجبرون عليها بامر الواقع في ظل تدني وتيرة الانتاج التعليمي اللامادي وهي مشكلة تلازم المدرسة منذ سنوات رغم الاصلاحات التي ترتقب نتائجها الجوهرية في المديين المتوسط والبعيد. وبالفعل اصبحت الدروس التدعيمية التي يسوقها اساتذة كثيرون وجدوا فيها موردا ماليا مغريا من ابرز انشغالات الاولياء خاصة من جانب الارتفاع الفاحش للاسعار المعروضة والتي تصل الى اكثر من الف دينار للساعة الواحدة في بعض احياء العاصمة بينما يتم الاتجار بهذه الخدمة العلمية باسعار ليست في المتناول في احياء عديدة مما يطرح سؤالا بعلامة استفهام كبيرة بشان مدى استعداد الوزارة الوصية للتدخل بغرض ضبط ممارسة هذا النشاط من زاوية تنميته وترشيده بما يكفل حدا من الشفافية والتاكد من التزام الاساتذة الممارسين من صدق قيامهم بالواجب في مواقع العمل الرسمية. وهنا قد يكون للمختصين في علم النفس التربوي كلام مهم بشان القدرة المهنية للاستاذ من حيث القيام بالواجب في المدرسة العمومية وتقديم دروس تدعيمية لفترات طويلة في كل مساء من الاسبوع وهي اشكالية جديرة بالمتابعة خاصة من المختصين في التفتيش التربوي حفاظا على درجة عالية من الاداء التعليمي في المدرسة العمومية التي تنافسها المدرسة الخاصة بشكل واضح الى درجة ان الامر يطرح استفهامات جوهرية تتعلق بمفهوم التعليم وكل ما يتصل به من مبادئ اجتماعية لطالما كانت الاسمنت للمجموعة الوطنية. إن ما اتخذته الدولة من تحسينات لفائدة المعلمين والأساتذة بمختلف فئاتهم يكفي لإبطال ما كان يتذرعون به من قضايا الأجور والعلاوات وحان الوقت للعمل كل على مستواه لوقف تلك الممارسات وليكن الفصل بشكل واضح بين العامل في التعليم العام يكرس جهده ووقته لفائدة التلاميذ والعامل في التعليم الخاص يتاجر بالعلم والمعرفة وبالطبع لا يعقل أن يشتغل أستاذ بالصفتين ومن ثمة لا حرج في ان يتخلى من يفضل الصفة الثانية عن مركز عمله لجامعيين جدد يطرقون أبواب العمل وهنا ستكون المنافسة قوية ويمكن عندها رد الاعتبار للمدرسة العمومية التي لطالما وصفت بالمنكوبة وعانت تأثيرات محيط تنكر لها في حين هي مهد القضاء على الفوارق وتكريس مبدا العدالة وتكافؤ الفرص الذي يعترضه الأثرياء الجدد. وبالطبع لا يمكن لأستاذ ان لا يؤدي واجبه المهني بالمقاييس الاحترافية والاخلاقية في اقسام المدرسة الرسمية وتراه يجتهد ويكد في الاقسام غير الرسمية بل هل يعقل ان يترك من ليس لديهم موارد مالية عرضة للتمييز المالي والاقتصادي ام الواجب ان تتجدخل السلطات العمومية لتطهير الساحة وانهاء السوق الفوضوية للتعليم.