أعلنت أمس النتائج الرسمية للجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية، وسط أجواء من التوتر المتصاعد وأعمال العنف التي وقعت في عدة محافظات على خلفية اتهامات للحكومة بالتزوير، علما بأن جولة الإعادة ستجرى الأحد المقبل، وبالمقابل أعربت الولاياتالمتحدة عن قلقها وشعورها بالفزع إزاء المخالفات التي شابت الانتخابات البرلمانية المصرية. وقرر النائب العام المصري حبس 92 شخصا بتهم إثارة العنف والشغب في عدة محافظات بعد بدء إعلان النتائج الجزئية للانتخابات. وتشير النتائج الأولية إلى أن الحزب الوطني الحاكم فاز بأغلبية المقاعد التي تم فرزها، بينما لم تحصل جماعة الإخوان المسلمين على أي مقعد، رغم أنها كانت تشغل نحو 20٪ من مقاعد المجلس السابق. ودارت مصادمات واشتباكات بين الشرطة وأنصار مرشحين غاضبين بمناطق بمحافظتي «المنياوأسوان»، كما فرقت قوات مكافحة الشغب حشدا لأنصار الإخوان المسلمين كانوا يطالبون بانتخابات نزيهة. وقال شهود عيان ومصادر أمنية: إن عشرات المصابين سقطوا خلال اشتباكات مع الشرطة بعد إعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب التي يقول معارضون ومراقبون إن مخالفات واسعة شابتها . ففي مدينة كوم أمبو بمحافظة أسوان، وقعت اشتباكات بين الشرطة وأنصار المرشح الخاسر في الانتخابات محمد العمدة، حيث أصيب العشرات بجروح أو اختناق، وذلك طبقا لما نقلته وكالة رويترز عن شهود. كما قطع المحتجون طريق القاهرةأسوان الزراعي الذي يمر بالمدينة مستخدمين إطارات السيارات المشتعلة، ومزقوا صورة للرئيس حسني مبارك وأشعلوا فيها النار. وتوجه محتجون إلى مقر الحزب الوطني في المدينة وكسروا بابه وحطموا زجاج نوافذه ومحتوياته بالكامل بحسب شهود. كما وقعت اشتباكات مماثلة في مدينة قطور بمحافظة الغربية في دلتا النيل وفي مدينة القوصية بمحافظة أسيوط، حيث استخدمت الشرطة القنابل المدمعة. ومن جهتها، قالت منظمات مصرية معنية بحقوق الإنسان: إن أربعة أشخاص قتلوا، وأصيب ثلاثون آخرون في أعمال عنف متصلة بالانتخابات، قبل الإدلاء بالأصوات. وفي مدينة الفكرية بمحافظة المنياجنوبيالقاهرة أطلقت الشرطة أعيرة نارية في الهواء وقنابل غاز مدمع لتفريق أنصار عدة مرشحين خارج لجنة الفرز. وفي مدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ في دلتا النيل قالت مصادر أمنية وشهود عيان أمس: إن قنبلة حارقة ألقيت على خيمة لفرز الأصوات في المدينة الليلة قبل الماضية، مما أدى لاحتراق أغلب صناديق الاقتراع، وتلا ذلك اشتباك بين محتجين على النتائج والشرطة. وألقت قوات مكافحة الشغب قنابل الغاز المدمع على أنصار المرشح حمدين صباحي في مدينة بلطيم خلال قيامهم بتحطيم نحو 15 صندوق اقتراع في لجنتين انتخابيتين، قائلين إن الانتخابات زورت لمصلحة مرشح الحزب الحاكم. وفي محافظة الفيومجنوب غرب القاهرة أطلق أنصار مرشحين أعيرة نارية في الهواء أمام عدد من لجان الاقتراع في المحافظة بحسب شهود عيان. وقال شاهد لرويترز: إن أنصار أحد المرشحين احتلوا عددا من المراكز الانتخابية في إحدى الدوائر وطردوا الموظفين المسؤولين فيها. ومنعوا دخول أنصار المرشحين المنافسين. في هذه الأثناء، وبينما تقول اللجنة العليا إن الانتخابات كانت نزيهة على وجه العموم، وإن مخالفات محدودة شابتها في عدد من الدوائر يجري التحقيق فيها، قالت جماعة الإخوان المسلمين: إنها أزيلت تقريبا من مجلس الشعب في الانتخابات التي وصفتها بالمزورة. ووصف القيادي في جماعة الإخوان عصام العريان الانتخابات بأنها باطلة، مشيرا إلى أنه يتم التلاعب حتى في نتائج فرز الصناديق. وقال: طوال الليل هناك تغييرات مستمرة في النتائج التي تعلنها اللجان العامة في الدوائر، بمعنى أنه يتم إعلان نتيجة ثم يتم تغييرها، وضباط الشرطة هم الذين يعطون التعليمات بشأن كيفية خروج النتائج. كما أكد المتحدث باسم الجماعة وليد شلبي أن 12 من مرشحي الإخوان سيخوضون دور الإعادة الأحد المقبل. وبحسب منظمات حقوقية، فقد شابت الانتخابات مخالفات منها الاقتراع نيابة عن الناخبين الغائبين، في ما يسمى تسويد بطاقات الاقتراع، والتخويف وغير ذلك من الأساليب. وقال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: إن السلطات وعدت بالسماح للمجتمع المدني المصري بمراقبة الانتخابات دون الحاجة لمراقبين دوليين، لكن للأسف فإن استبعاد مندوبي المعارضة والمراقبين المستقلين على نطاق واسع من دخول لجان الانتخابات، بالإضافة إلى تقارير العنف والتزوير، كل ذلك يوحي بأن المواطنين لم يتمكنوا من المشاركة في انتخابات حرة. كما قال مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان بهي الدين حسن في مؤتمر صحفي: إن ما حدث ليس انتخابات، وإنها فوضى وبلطجة وعنف. ومن جهتها أعربت الولاياتالمتحدة عن قلقها وشعورها بالفزع إزاء المخالفات التي شابت الانتخابات البرلمانية المصرية. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية بي جيه كراولي: إن الأنباء التي ترددت عن مخالفات في الانتخابات المصرية تثير شكوكا في نزاهة العملية وشفافيتها. مؤكدا أن بلاده شعرت بالفزع من الأنباء عن أعمال التدخل والتخويف من جانب قوات الأمن يوم الاقتراع. وأضاف: أن واشنطن تشعر بخيبة الأمل من جراء الأنباء بالفترة التي سبقت الانتخابات عن إفساد أنشطة الحملات الانتخابية لمرشحي المعارضة واعتقال أنصارهم، وكذلك حرمان بعض الأصوات المعارضة من الوصول لأجهزة الإعلام.