كانت سنة 2010 حافلة بالأحداث الرياضية الوطنية والعالمية، وشدت إليها الملايين من الأشخاص، وتألق خلالها رياضيون في مختلف الإختصاصات، بالرغم من أنها كانت سنة رياضة كرة القدم بدون منازع.. وخير دليل على ذلك أنها كانت سنة إقامة كأس إفريقيا للأمم وكأس العالم لأول مرة في القارة السمراء. ويمكن القول أن بداية العام الذي سينقضي بعد يومين كانت بنكهة التأهل التاريخي للمنتخب الوطني الجزائري إلى المونديال بعد غياب دام لمدة (24) سنة.. فكل الإهتمامات تركزت على مدى جاهزية ''الخضر'' لخوض الموعدين الدوليين المقررين في السنة.. وأسماء النجوم بوڤرة ومغني وعنتر يحي وشاوشي نجدها على كل الألسنة، والإنتشار للبروز أكثر في النهائيات كان أمنية الجميع. كأس إفريقيا.. والآداء الباهر في مباراة كوت ديفوار وكما كان منتظر فقد شارك المنتخب الوطني في كأس إفريقيا للأمم التي أقيمت بأنغولا، والتي زادت من الفرحة التي يمنحها الخضر للأنصار.. بالرغم من أن الإنطلاقة كانت محتشمة والهزيمة الثقيلة والمفاجئة أمام مالاوي، والتي طرحت عدة أسئلة حول أسبابها.. ولخصها المدرب الوطني رابح سعدان أنها بسبب الحرارة المرتفعة وعدم تعود اللاعبين على مثل هذه الظروف المناخية.. لينتظر الجميع عودة زملاء يبدة إلى الواجهة.. ولحسن الحظ كان لهم ذلك وتداركوا الموقف بشكل جدي واستطاعوا أن يقتطعوا ورقة الترشح إلى الدور الثاني بغد الفوز على مالي والتعادل أمام أنغولا.. وتنفس الجميع الصعداء بالنسبة لمونديالي الذي لم يخب آمال عشاقه وحجز مكانه ضمن ال 8 الكبار في القارة السمراء. لكن شاءت الصدف أن يقع ''الخضر'' أمام أحسن منتخب إفريقي في السنوات الأخيرة، وهو كوت ديفوار.. وكثرت التصريحات من كلا الفريقين اللذان سيمثلان إفريقيا في الموعد العالمي وكانت تلك المواجهة قمة في الآداء وتبقى من بين أحسن المقابلات التي تابعها الجمهور على الإطلاق، بالنظر لما قدمه كلا الفريقين.. خاصة أشبال المدرب سعدان الذين أبدعوا وتألقوا وتأهلوا بأعجوبة.. تأملوا: فقد سجل كيتا الهدف الثاني للفيلة في الدقيقة (90)، وأعطى أسبقية التأهل لفريقه.. ثم صعد نذير بلحاج وقدم كرة لبوڤرة الذي عدّل النتيجة في الوقت بدل الضائع!! والذي كان بمثابة الضربة القاضية لزملاء دروغبا، الذين لم يستطيعوا فعل شيء في الوقت الإضافي، الذي جسّد فيه الخضر تفوقهم بهدف تاريخي لبوعزة.. كانت ليلة لا تنسى وذكرتنا بما فعله مغني وبوڤرة وعنتر يحي في أم درمان، بالنظر للحرارة التي لعبوا بها والفوز الذي جاء بعد مجهود ''غير طبيعي'' بالنسبة للعديد من المتتبعين. وللأسف الشديد، فإن طموحات الفريق الوطني للفوز باللقب بعد بلوغه المربع الذهبي، لم تكلل بالنجاح، حيث وقع أمام المنتخب المصري في ''فورمة'' كبيرة، وعزم على التدارك بعد إزاحته من المونديال من طرف ''الخضر'' .. فكانت المواجهة متكافئة في المرحلة الأولى من المباراة.. قبل أن يتراجع آداء الفريق الوطني بشكل كبير، نظرا لتأثيرات ساهم فيها كثيرا الحكوم ''كوفي جوجيا''، الذي أحدث عدم التوازن في الميدان، وسقط ''الخضر'' بنتيجة ثقيلة.. لكن المهم أن الفريق الجزائري عاد إلى الواجهة القارية بعد أن غاب عنها في الدورتين السابقتين.. والكل اتفق على مقولة: ''ماعليش.. مازال المونديال''!! كان بإمكاننا تحقيق أفضل بكثير .. لكن نعم مازال المونديال، الذي انتظرناه طويلا والذي يقام لأول مرة في القارة الإفريقية، فكان الفريق الوطني يجري تحضيرات دورية، والتي لم تكن في أغلبها مطمئنة، مما اضطر المدرب الوطني لإجراء العديد من التغييرات على التشكيلة التي تمثلنا في كأس العالم.. ووصل شهر جوان، وكل أنظار العالم كانت موجهة نحو مدرب جنوب إفريقيا.. وكان الفريق الجزائري ضمن كبار العالم في كرة القدم.. فكان الموعد الأول أمام سلوفينيا بمدينة بولوكواني التي تقع شمال جنوب إفريقيا على بعد (300) كلم من العاصمة بريتوريا... الكل كان متفائلا في الجانب الجزائري، وسعدان أكد لنا قبل المباراة، بأنها ستحدد بشكل كبير مشوار الخضر في المونديال، وأنها حاسمة منذ بداية الدورة.. وقدم الفريق الوطني مردودا طيبا في المرحلة الأولى، أين تألق وسط الميدان الجديد المكون من يبدة ولحسن.. لكن كل شيء إنهار قبل دقائق من نهاية المباراة، والخطأ الفادح الذي ارتكبه شاوشي والذي كلف الفريق الجزائري هزيمة عقدت من مهمته في هذه الدورة.. وصنفت ''الهفوة'' التي ارتكبها الحارس الجزائري ضمن قائة الأخطاء الكبيرة لهذا المونديال.. خيبة أمل كبيرة. سعدان.. من القمة إلى الحضيض... مشاركة الفريق الوطني في المونديال كانت إنطلاقة التساؤل حول مصير المدرب الوطني رابح سعدان، وكانت انتقادات كبيرة توجه له، والكل كان متفقا على رؤية مدرب أجنبي لخلافة سعدان بعد كأس العالم.. لكن راوراوة اتفق معه على مواصلة المشوار.. لكن الأمور لم تكن كما تمناها مهندس تأهل الخضر إلى المونديال.. فكانت صعوبات كبيرة أمامه، وفقد الفريق الوطني بريقه بشكل معتبر، حتى أنه يخسر المباراة تلو الأخرى بآداء هزيل، وأصبح الضغط لا يطاق بالنسبة لسعدان، الذي اضطر إلى رمي المنشفة بعد التعادل المسجل أمام تانزانيا، لتنتهي المغامرة التي كانت في أكثرها إيجابية لسعدان لمدة (3) سنوات كاملة. وبعد ذلك توالت الأسماء حول المدرب الذي يخلفه، لتختار الفاف مرة أخرى الحل المحلي بإعطاء الثقة للمدرب بن شيخة، الذي قبل المهمة، رغم صعوبتها، وفعلا صعبة، لأن الفريق الوطني تراجع كثيرا، وتجسد ذلك في الهزيمة ''المذهلة'' أمام أحد المنتخبات الإفريقية المغمورة وهو: منتخب إفريقيا الوسطى، بالنتيجة والآداء!! وبكى بعدها بن شيخة حسب ما صرح للصحافة في الندوة التي نشطها وتضاءلت حظوظ الفريق الوطني في مسيرته للتأهل إلى كأس إفريقيا للأمم عام 2012، في إنتظار المواجهات القادمة، لاسيما أمام المنتخب المغربي في مارس القادم!!؟ ش. القبائل.. إعادة الثقة للاعب المحلي وعلى غرار المنتخب الوطني في تألقه، فإن نادي شبيبة القبائل كان ضمن النقاط الرئيسية في مواعيد الكرة الجزائرية، وأدى مسيرة بطولية في كأس رابطة الأندية الإفريقية، ونشط المربع الذهبي الذي خسره أمام المتوج، نادي مازمبي الكونغولي.. والكل أبهر بالمستوى المقدم من طرف زملاء عودية، لاسيما أمام الأندية المصرية، الأهلي والإسماعيلي.. الأمر الذي زاد من قيمة اللاعب المحلي بتألق لاعبين مميزين في صفوف الشبيبة أمثال بلقالم وعودية وعسلة وتجار، الذين يعدون بالكثير. العميد يعود من بعيد.. والوفاق يؤكد قوّته وكانت سنة 2010 حافلة بالنسبة لفريق وفاق سطيف، الذي تألق وطنيا ودوليا وتوّج بكأس اتحاد شمال إفريقيا للأندية الحائزة على الكؤوس عن جدارة، مؤكدا أحقيته ومستواه والذي كان قد بدأه بتتويجه بكأس الجمهورية، خاصة وأن الجميع يعرف أن أحسن تشكيلة وطنيا هي فريق عين الفوارة، الذي يطمح السنة القادمة للفوز برابطة الأندية الإفريقية، حسب تصريحات رئيس النادي سرار. في حين أن لقب البطولة الوطنية، عاد إلى مولودية الجزائر، التي عادت إلى الواجهة بعد غياب طويل، حيث أن العميد أبدع طيلة الموسم.. وتألق لاعبوه على غرار بوقش وبابوش وزماموش وبوشامة ودراغ، الذين ساهموا كثيرا في التتويج باللقب الوطني، بعد طول انتظار... ولكن نهاية السنة لم تكن باهرة بالنسبة لأبناء ألان ميشال الذين يعانون كثيرا وتدنى مستواهم، وتجسّد الطلاق مع أنصارهم، خاصة بعد الخسارة في نهائي كأس اتحاد شمال إفريقيا للأندية البطلة أمام النادي الإفريقي!! بوڤرة مرة أخرى.. ليست مفاجأة أما الكرة الذهبية لأحسن لاعب جزائري لهذه السنة، فقد عادت بدون أية مفاجأة للاعب مجيد بوڤرة، بالنظر لتألقه مع نادي رنجرز الأسكتلندي ومع الفريق الوطني في كأس إفريقيا والمونديال.. فقد اتفق الجميع على أن بوڤرة كان الأحسن من ضمن بقية النجوم.. بالرغم من أن الكل كذلك يتفق على أن مراد مغني، لولا الإصابة التي تعرض لها قبل المونديال لكان أحسن لاعب، بفضل براعته في مداعبة الكرة والذكاء الكبير فوق الميدان.. فقد تضرر كثيرا الفريق الوطني بغيابه، والكل يتمنى رؤيته بمستوى كبير في العام القادم 2011. دخول عالم الاحتراف... وعلى الصعيد الإداري، فقد كانت سنة 2010 بمثابة تجسيد للإحتراف في كرة القدم الجزائرية، والتي دخلت هذا العالم بعد جهد كبير من الناحية التنظيمية والدعم الكبير للسلطات العمومية، التي قدمت كل الوسائل للأندية لإرساء أرضية تمكنها من تسيير أمورها وإرساء الإحتراف تدريجيا.. فقد تمكن (32) فريقا من الحصول على بطاقة الإحتراف، والتي تعتبر سابقة حسب رئيس الفاف على المستوى القاري. وبالرغم من دخول الإحتراف من الناحية التنظيمية، فإن الأمور مازالت بعيدة عن الوجه الذي نريده لكرة القدم الجزائرية، أين عمل كبير ينتظرها من حيث التكوين والتسيير المحكم، الأمر الذي يتطلب مجهودات إضافية لإعادتها إلى السكة.. ويمكن القول أن الخطوات الأساسية قد حددت، قبل الإنتقال إلى مرحلة أخرى تسمح للاعبين والأندية العمل في ظروف إحترافية أكثر. قطر تبهر العالم وتخطف تذكرة مونديال 2022 وكان حدث تنظيم مونديالي 2018 و2022 من ضمن المحطات الكبرى التي عرفتها الرياضية العالمية، حيث أن الفيفا اختارت لأول مرة في التاريخ بلدا عربيا لتنظيم أكبر حدث عالمي في كرة القدم، وهو قطر الذي يتشرف باحتضان دورة 2022، وذلك بالنظر للملف القوي الذي قدمه هذا البلد والتطور الكبير الذي عرفه في السنوات الأخيرة.. وسوف ينظم مونديالا فريدا من نوعه، وذلك بتشييد ملاعب مكيّفة تسمح للاعبين والجمهور المشاركة في دورة تاريخية من كل النواحي.. لقد كانت لحظات تاريخية عند إعلان جوزيف بلاتير فوز هذا البلد العربي بشرف التنظيم.. في حين أن روسيا فازت بتنظيم دورته 2018. إسبانيا.. لأول مرة بطلة العالم وعالميا أيضا، فإن لقب كأس العالم عاد لإسبانيا في دورة جنوب إفريقيا، بعد فوزها في اللقاء النهائي على هولندا بفضل هدف أنييستا.. ويعدّ هذا اللقب تتويجا للمستوى المقدم من طرف أشبال ديل بوسكي، الذين أبدعوا طيلة الدورة وأزاحوا أحسن منتخب آداءا وهو ألمانيا.. ورغم النجوم العديدة في إسبانيا منذ عقود إلا أن هذا اللقب هو التتويج الأول ل ''لاروخا'' عالميا، بعد أن فاز باللقب الأوروبي قبل عامين. ولا يمكن طيّ هذه السنة دون ذكر النجاح الكبير الذي حققته جنوب إفريقيا التي برهنت للعالم عن إمكانيات القارة السمراء في التنظيم، وكان المونديال من أحسن الدورات التي نظمت لحدّ الآن. ̄إعداد: حامد حمور