ارتفع إلى21 قتيلا، عدد ضحايا الانفجار الذي وقع في وقت متأخر من الليلة ما قبل الماضية أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، فيما بلغ عدد المصابين 43 بينهم ثمانية مسلمين. وقالت المصادر الطبية: إن الجرحى يتلقون العلاج في مستشفيين بالمدينة التي تقع على البحر المتوسط، أحدهما يتبع مسجدا مواجها لكنيسة القديسين مار مرقص والأنبا بطرس التي وقع أمامها الانفجار. وقد فرضت قوات الأمن طوقا على الكنيسة ومنعت الأشخاص من دخولها، بينما تسهل الخروج لمسيحيين يوجدون داخلها منذ وقوع الانفجار، الذي استخدمت فيه سيارة ملغومة، وفقا للشرطة. كما ذكر شهود عيان أن مئات المسيحيين كانوا يوجدون داخل الكنيسة التي تسبب الانفجار في تحطيم واجهتها. وكان محافظ الإسكندرية عادل لبيب أجرى مفاوضات مع قيادات مسيحية في الساعات الأولى من صباح أمس أسفرت عن موافقة المسيحيين على نقل جثث من داخل الكنيسة إلى المشرحة. وكان المسيحيون نقلوا الجثث إلى داخل الكنيسة ورفضوا لفترة من الوقت السماح للسلطات بنقلها إلى المشرحة. كما أجبرت قوات الشرطة مسيحيين كانوا يقفون في موقع الانفجار على دخول الكنيسة باستعمال قنابل الغاز المدمع. وطبقا لشهود عيان، فقد رشق مسيحيون قوات الشرطة بالحجارة وزجاجات حارقة، وعقب الانفجار الذي وقع أثناء مغادرة عدد كبير من المسيحيين الكنيسة بعد احتفال داخلها برأس السنة الميلادية، تجمع مئات المسيحيين ورشق بعضهم مسجدا مواجها لها بالحجارة، مما أدى لتهشم زجاج واجهته، كما حطم شبان مسيحيون غاضبون عشرات السيارات، وهتفوا مرددين بالروح بالدم نفديك يا صليب. وفي المقابل تجمهر عدد من المسلمين على الجانب الآخر من الشارع، حيث يوجد مسجد قام الأقباط بقذفه بالحجارة، وهتفوا بالروح بالدم نفديك يا إسلام. وذكر مصدر أمني لوكالة الأنباء الألمانية أن الحادث نجم عن استخدام كمية كبيرة ربما تصل إلى مائة كيلوغرام من مادة تي. أن. تي. شديدة الانفجار كانت مثبتة أسفل السيارة. الأمر الذي أدى إلى تفجير السيارة بالكامل وتضرر المباني المحيطة بالكنيسة وخاصة الواجهة والبوابة الخارجية. وتوقع أن تكون جهات أجنبية هي المسؤولة عن الهجوم بسبب طريقة تنفيذه وكمية المتفجرات المستخدمة فيه، مثلما يحدث في العراق وأفغانستان. وذكرمصدر أمني بوزارة الداخلية المصرية أن ملابسات الحادث في ظل الأساليب السائدة حالياً للأنشطة الإرهابية على مستوى العالم والمنطقة تشير بوضوح إلى أن عناصر خارجية قد قامت بالتخطيط ومتابعة التنفيذ. وكانت جماعة تطلق على نفسها دولة العراق الإسلامية على صلة بتنظيم القاعدة، هددت في نهاية نوفمبر الماضي باستهداف الكنائس القبطية المصرية ما لم يتم الإفراج عن مسلمات مأسورات في سجون أديرة بمصر. وجاءت تهديدات القاعدة لأقباط مصر عقب دعوات للمسلمين بالتحرك من أجل زوجتي كاهنين قبطيين، قيل إن إحداهما اعتنقت الإسلام وتم احتجازها داخل أحد الأديرة، وإن الثانية أبدت رغبتها في إشهار الإسلام فاحتجزت في أحد الأديرة. وفي هذه الأثناء، أصدر الرئيس المصري حسني مبارك تعليماته بالإسراع في التحقيقات الجارية لكشف ملابسات هذا العمل الإجرامي، وتعقب مرتكبيه ومن يقف وراءهم. كما شدد على ضرورة توفير أكبر قدر ممكن من الرعاية لعلاج الجرحى. وأعرب مبارك عن خالص عزائه ومواساته لأسر الضحايا، داعيا أبناء مصر - أقباطا ومسلمين- إلى أن يقفوا صفا واحدا في مواجهة قوى الإرهاب والمتربصين بأمن الوطن واستقراره ووحدة أبنائه. ومن جانبه، أمر وزير الداخلية المصري حبيب العادلي بتكثيف الحراسة على الكنائس والمنشآت المسيحية، ورفع حالة الاستعداد في كافة محافظات الجمهورية، تحسبا لوقوع انفجارات أخرى. ويشار إلى أن وتيرة التوتر الطائفي تسارعت مؤخرا في مصر، حيث قتل قبطيان في مواجهات مع الأمن عقب إيقاف السلطات البناء في مبنى شرع الأقباط في تحويله إلى كنيسة. من جهتها، وصفت جماعة الإخوان المسلمين التفجير بالجريمة الشنعاء التي لا يقرها دين ولا أخلاق. واعتبرت أنها تأتي في إطار مخطط لتمزيق النسيج الوطني بمصر وزرع الفتنة الطائفية فيها. وقال محامي الجماعات الإسلامية ممدوح إسماعيل: إن من الخطأ التوقف عند تهديد القاعدة للكنائس المصرية فقط، وترك التحليلات الأخرى التي تؤكد ضلوع إسرائيل في ظاهرة الاحتقان الطائفي. من جانبه، اتهم المحامي القبطي نبيل لوقا بباوي وكيل لجنة الإعلام بمجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان المصري) إسرائيل بالمسؤولية عن تفجير الكنيسة في الإسكندرية. وقال للجزيرة نت: إن الرئيس السابق للمخابرات الإسرائيلية قال في حفل توديعه منصبه إن إسرائيل تصرف ملايين الدولارات لإثارة التوترات الطائفية بين الأقباط والمسلمين في مصر، وإنها نجحت في ذلك. وأشار بباوي إلى وجود مصريين خونة يعملون على تنفيذ أجندات خارجية لضرب الاستقرار في مصر مقابل المال. وطالب بسرعة القبض على مرتكبي حادث الإسكندرية وتقديمهم لمحاكمة عسكرية والحكم عليهم بشكل فوري ورادع. ورفض الربط بين الحادث ومسألة احتجاز الكنيسة لقبطيات أشهرن إسلامهن، وأكد أن وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة وهما زوجتا كاهنين تؤكد دوائر إسلامية أنهما محتجزتان في الكنيسة بعد إعلانهما إسلامهما لم تسلما، وأن جهات رسمية ومسؤولين في الأزهر والكنيسة أكدوا أن ما يثار عن إسلامهما مجرد شائعات. وبدوره قال جمال أسعد العضو القبطي في مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) في تصريح للجزيرة نت: إن مصر تتعرض لمخططات صهيونية تسعى لضرب استقرارها والنيل من الوحدة الوطنية بين أبناء شعبها. محذرا من محاولات إسرائيلية مماثلة لاستغلال مناخ التوتر والاحتقان الطائفي والعرقي في بعض بلدان الشرق الأوسط لتنفيذ مخططات تتعلق بتقسيم هذه الدول.