تحول هذه الأيام مستشفى الثنية بولاية بومرداس بين عشية وضحاها، إلى ما يشبه الورشة المفتوحة، بالنظر إلى الأشغال الكثيرة والمتنوعة التي انطلقت فيه وبصفة شاملة وسريعة، مست مختلف الأجنحة كصيانة قنوات الصرف ومياه الشرب، ترميم الواجهات ودهن الغرف والأروقة، لتمتد العملية إلى المساحات الخضراء من غرس للشجيرات والنباتات التزينية. وتعرف هذا التحول بعدما كانت فيما سبق شبيهة بالمساحات السهبية، بالإضافة إلى تزفيت المدخل الرئيسي الجديد القديم الذي يفصل القطب الاستشفائي بسرعة البرق، تحت هاجس الزيارات المفاجئة لوزير الصحة، الذي اسقط على ما يبدو من برنامجه أجندة الزيارات الرسمية المعلنة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في قطاع حساس، شهد تدهورا كبيرا وحالة من الشد والمد بين نقابات مستعملي الصحة العمومية والوصاية لتحسين الوضعية المهنية والاجتماعية. وكان وزير الصحة وإصلاح المستشفيات، السيد جمال ولد عباس، قد وجه أثناء زيارته غير المعلنة إلى المستشفى انتقادات لاذعة للقائمين عليه، واصفا الوضع المتردي بشتى الأوصاف إلى درجة أن اعتبر مستشفى الثنية وهو من اكبر المراكز الصحية بولاية بومرداس وأقدمها لا يصلح لاستقبال الأشخاص، بالنظر إلى غياب الشروط الصحية الضرورية وتدني مستوى الخدمات بالإضافة إلى الفوضى الكبيرة. ووجد عليه هذا الصرح الذي بقي يعاني آثار زلزال 21 ماي 2003، دون الاستفادة من عملية تجديد وتوسعة لأجنحته، أمام العدد المتزايد من المرضى الذين يقصدونه من مختلف مناطق الولاية لتوفره على اغلب المصالح والتخصصات الصحية من طب داخلي، طب العيون، تصفية الدم والاستعجالات الطبية الأساسية بل أكثر من هذا أن الجناح الجديد المنتظر تسليمه قريبا بهياكله المختلفة. و شهد تأخرا معتبرا رغم حاجة القطاع إليه، كما اشتكى المواطنون كثيرا من نقص وسائل العلاج والتكفل التام بالمرضى، حيث تشير بعض المصادر من داخل المستشفى تعرض هذا الأخير إلى نزيف كبير من الإطارات والأطباء المختصين، وحتى أسلاك الشبه الطبي الذين جذبتهم إغراءات بعض المصحات الخاصة، وتقاعس الوزارة الوصية في التكفل بانشغالاتهم المطروحة يوميا بتحسين الأجور وغيرها. وادخل هذا الوضع المستشفى إلى حالة من الفوضى والركود، مقارنة مع مؤسسات استشفائية أخرى بالولاية، مما حتم في النهاية تغيير المدير المشرف على إدارة المؤسسة. لكن هذا الأخير وفي ظل الحالة الراهنة هو مغلوب على أمره وفي وضعية لا يحسد عليها، بالنظر إلى التركة الكبيرة من المتاعب المتوارثة، التي تتطلب تكاتفا للجهود وتكفلا تاما من قبل وزارة الصحة، في إطار البرنامج الخاص لإصلاح المنظومة الصحية بالجزائر. وتدعم القطاع بغلاف مالي معتبر تحضيرا للخماسي القادم، للمساعدة على تجسيد مزيدا من المشاريع العالقة وبالخصوص مراكز الصحة الجوارية، التي يتطلع إليها المواطنون في المناطق المعزولة ولما لا اخذ انشغالات مستخدمي الصحة العمومية بصفة عقلانية ونهائية، وكل هذا سينعكس على الأداء وعلى المواطن. لكن والاهم من كل هذا ومثل ما تبينه التجربة الميدانية، أن الكثير من الإدارات والمؤسسات العمومية المتواجدة بالمناطق الداخلية من الوطن حتى لا نحصر هذا الوصف على قطاع الصحة فقط، قد تجنح في أوقات طويلة إلى نوع من التراخي وعدم القيام التام بواجب الخدمة العمومية، في ظل غياب الرقابة الصارمة وعدم تحمل المسؤوليات المهنية من قبل الجميع. وهذا ما يسبب ضياعا للحقوق، لكن وعلى ما اعتقد فان وصفة ولد عباس قد تأتي أكلها ولو بعد حين، والدليل ما شهده قبل يومين مستشفى شي غيفارا بمستغانم..